إسلام آباد- عام مضى على رئيس الوزراء الباكستاني السابق ومؤسس حزب إنصاف عمران خان وهو خلف قضبان السجن بتهم تتعلق بقضايا متعددة، تبرأ في بعضها ولا يزال يحاكَم في أخرى.
في الخامس من أغسطس/آب من العام الماضي، اعتُقل عمران خان الرجل الأكثر شعبية بين القادة السياسيين في باكستان للمرة الثانية، في الوقت الذي يكافح فيه حزبه بين أروقة المعارضة بعد انتخابات “مثيرة للجدل” يصفها الحزب بـ”المسروقة”.
وكان نجم الكريكيت عمران خان قد اعتُقل للمرة الأولى في التاسع من مايو/أيار 2023 بتهمة “فساد”، مما أدى إلى احتجاجات وأعمال عنف في مناطق رئيسية من البلاد، حيث هاجم أنصاره مقرات للجيش والحكومة، مما دفع السلطات لاتخاذ إجراءات رادعة ضدهم، ولا يزال عدد منهم قيد المحاكمة.
عام صعب
يرتبط اسم حزب “إنصاف” بشكل كبير باسم مؤسسه عمران خان، وهو عامل قوته الرئيسي نظرا لشهرته الكبيرة والكاريزما التي يتمتع بها وقدرته على الحشد.
ويقول السيناتور في مجلس الشيوخ الباكستاني عن “إنصاف” ورئيس اللجنة الدائمة للصحة في المجلس، همايون مهمند، إنه “بالفعل كان عاما صعبا على الحزب في ظل غياب قائده وزعيمه”.
وفي حديث للجزيرة نت، أوضح أنهم يفتقدون عمران خان بينهم، وقد مروا بمراحل صعبة في غيابه، خاصة خلال فترة الانتخابات، بسبب سحب الرمز الانتخابي الخاص بإنصاف ومنعه من المنافسة كحزب سياسي، مما جعل جميع المرشحين يترشحون بشكل مستقل.
وأضاف مهمند أنهم تعرضوا لجميع أنواع “القيود”، من بينها إعادة اعتقال بعض أعضاء الحزب الذين تم إطلاق سراحهم بكفالة بتهم “تافهة بناء على افتراض أنهم قد يشكلون خطرا على البلاد”، إلى جانب المنع من السفر لعدد من القيادات.
وأشار إلى أن الحكومة لم تسمح لهم بممارسة نشاط سياسي واحد، قائلا إنه “كلما حاول حزب إنصاف القيام بشيء ما، إما لا يمنحوننا الإذن أو يحاولون فرض المادة 144 التي تحظر التجمعات العامة”.
تنافس
ويرى المحلل السياسي جاويد رانا أنه -في غياب عمران خان- فقدَ “إنصاف” -إلى حد ما- القدرة على الحشد في بعض المناطق، ويعتقد أن الحزب يبدو “خائفا” نوعا ما من تنظيم المظاهرات في إسلام آباد والبنجاب.
وفي حديثه للجزيرة نت، استشهد جاويد رانا بـ”عرض القوة الأخير الذي أقامه إنصاف في مدينة صوابي بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان حيث يَحكم الحزب”، في حين امتنع عن تنظيم مظاهرة في إسلام آباد نظرا لمنع الحكومة له من ذلك.
كانت البداية الفعلية لمصاعب حزب إنصاف، بعد الاعتقال الأول لعمران خان، حيث أجبرت الأحداث التي تلت ذلك استقالة عدد من كبار شخصياته وقياداته، منهم فؤاد تشودري وزير الإعلام السابق وأحد المقربين من عمران خان، وأسد عمر وزير المالية السابق في حكومة الحزب.
وقبل ذلك، كان الحزب قد مر بأحداث سياسية انتهت بإسقاط حكومته من خلال تصويت بحجب الثقة عنها في البرلمان في أبريل/نيسان 2022، واتهم الحزب قوى المعارضة بالتعاون مع أطراف خارجية لإسقاطها.
في هذا السياق، يقول السيناتور مهمند إنه على غرار جميع الأحزاب السياسية، داخل “إنصاف” يسعى كل عامل سياسي إلى منصب أعلى، ولذلك هناك منافسة شرسة داخله، وبسببها، يوجد اختلاف في الرأي، وقد يكون هناك نوع من الصراع الذي قد يكون إيجابيا أو سلبيا. وفي ظل غياب خان فإنه في هذه الصراعات يصبح الأمر “مبالغا فيه بعض الشيء”.
وبرأي جاويد رانا، فإنه في غياب عمران خان يبدو الحزب “غير منظم إلى حد كبير، وغير منضبط”، كما تنافس العديد من أعضائه على القيادة.
حضور قوي
واجه حزب إنصاف عراقيل متعددة خلال الانتخابات الباكستانية العامة في فبراير/شباط الماضي، والتي كان أداؤه فيها “جيدا” بالرغم من ترشح أعضائه كمستقلين، وبالتالي عدم قدرتهم -في حال حصولهم على الأغلبية- على تشكيل الحكومة. وهو ما حصل فعلا حيث حصل مرشحوه على 93 مقعدا، متغلبين على أبرز المنافسين وهما حزبا الرابطة الإسلامية الباكستانية (جناح نواز شريف) والشعب الباكستاني.
وأكد السيناتور مهمند أنه بالرغم من القيود، فإن إقبال الناس على التصويت للحزب كان جيدا، و”لو كان عمران خان خارج السجن، كان من الممكن أن يتضاعف الإقبال”، وكان سينظم حملة انتخابية قوية، و”لم يكن بوسع السلطات إيقافه”.
وفي حال تم تطبيق القانون، فإن عمران خان سيخرج من السجن خلال أيام قليلة، ويمكن الإفراج عنه خلال 3 أو 4 أشهر، بحسب المتحدث ذاته.
ويتفق مع ذلك جاويد رانا، ويقول إنه في الانتخابات الأخيرة، وعلى الرغم من أن الحزب كان “غير منظم للغاية”، فإنهم حققوا نتائج جيدة فيها. وأضاف أن غياب عمران خان عن المشهد السياسي وفترة سجنه التي استمرت أكثر من عام، جعلته أكثر شعبية.
ويؤكد أنه نظرا لشعبية عمران خان المتصاعدة، فإنه لن يكون من السهل الاستمرار في احتجازه في السجن. ويقول “إنها مسألة وقت، وسوف يخرج من السجن”، معتبرا أن “تغيير رئيس قضاة باكستان في الأشهر القليلة المقبلة قد يلعب دورا أيضا في الإفراج عنه”.