قال جدعون ليفي -في زاويته بصحيفة هآرتس- إن تقرير “منظمة بتسيلم” الحقوقية الإسرائيلية الذي نشر هذا الأسبوع تحت عنوان “أهلا بكم في الجحيم” ليس مجرد تقرير عما يحدث في مرافق السجون الإسرائيلية، بل هو تقرير عن إسرائيل نفسها، وعلى أي شخص يريد أن يعرف ما هي إسرائيل أن يقرأه قبل أي وثيقة أخرى عن الديمقراطية الإسرائيلية.
وعلى من يريد أن يتعرف على روح العصر في إسرائيل -كما يقول الكاتب- أن يلاحظ كيف تجاهلت معظم وسائل الإعلام التقرير الذي كان من المفترض أن يثير الغضب والصدمة، وكيف كان غاي بيليغ الذي قدم توثيق الاغتصاب الجماعي على القناة الإسرائيلية 12 الإخبارية يصف ضحية الاغتصاب الوحشي “بالإرهابي” رغم أنه كشف قبل لحظة أن الضحية لم يكن من النخبة ولا قائد سرية، بل كان شرطيا عاديا في وحدة مكافحة المخدرات في جباليا.
وقد تم سحب الضحية من بين عشرات المعتقلين الذين كانوا مستلقين مقيدين على الأرض، ربما بشكل عشوائي لأنه كان آخر شخص في الصف، ولكن صورة جسده الذي كان يرتجف من الألم كان من المفترض أن تعذب كل ضمير، ولكن ليس ضمير أغلب الإسرائيليين.
تقرير يفقدك النوم
وفي هذا السياق، قاطعت جلسة محكمة العدل العليا الإسرائيلية التي ناقشت الالتماس لإغلاق منشأة التعذيب (سدي تيمان) بسبب صيحات الجمهور “الشعب هو السيد” عندما صرخ الغوغاء في قضاة المحكمة العليا: قريبا ستأتي عمليات الإعدام بدون محاكمة في ساحات المدينة.
وعندما تقرأ 94 صفحة من تقرير بتسيلم -الذي يجعلك تفقد النوم- تفهم أن الأمر لم يكن حادثا استثنائيا، بل هو تعذيب روتيني أصبح سياسة. وخلافا للتعذيب الذي يمارسه جهاز الشاباك الذي يفترض أنه كان لغرض أمني كاستخلاص المعلومات، فإن التعذيب هنا لا يهدف إلا إلى إشباع أشد الرغبات السادية قتامة ومرضا.
وهكذا يقترب الجنود بهدوء لتنفيذ نواياهم الخبيثة، وهناك العشرات من الجنود الآخرين الذين رأوا وعلموا وظلوا صامتين، ربما لأنهم شاركوا في حفلات جنسية مماثلة، استنادا لعشرات الشهادات التي قدمها تقرير بتسيلم.
وخلص الكاتب إلى أن اللامبالاة بكل هذه الأمور هي التي تحدد ما يجري. وقارن بين ما يحدث في معتقل غوانتانامو -الذي قتل فيه 9 سجناء خلال 20 عاما- وبين ما يحدث في إسرائيل حيث قتل 60 معتقلا خلال 10 شهور.