روى اختصاصي الجراحة العامة عصام أبو عجوة (63 سنة) تفاصيل 7 أشهر من المعاناة في سجون الاحتلال الاسرائيلي، بعد اعتقاله من المستشفى المعمداني في قطاع غزة يوم 17 ديسمبر/كانون الأول 2023، رغم أنه تقاعد من عمله منذ 3 سنوات، لكن مع بداية الحرب أصر على العودة لمساعدة أهالي القطاع.
وفي مقابلة مع الجزيرة نت، حكي الدكتور أبو عجوة تفاصيل ما تعرض له على يد السجان الإسرائيلي، بداية من ظروف الاعتقال ومكانه والأساليب المروعة التي مارسها المحققون ضدهم، ومنها أنهم “كسروا أسناني بفرشاة المرحاض، وقال لي المحقق سوف أشل يديك كي لا تعود للعمل طبيبا”.
تعذيب وتهديد
وأضاف اختصاصي الجراحة العامة أن المحقق جلب فرشاة المرحاض المليئة بالأوساخ وطلب منه فتح فمه قائلا: “يبدو أنك من فترة لم تنظف أسنانك، وسوف أنظفها لك”. وفتح فمه رغما عنه وكسَّر أسنانه الأمامية وبقي ينزف فترة طويلة.
“بعدها بأيام جلبني وهددني بأنني لن أعود للعمل طبيبا لأنه سيشل يدي عبر تعذيبي بالحديد والأصفاد، وهو ما كاد يحدث، إذ خرجت من المعتقل فاقدا الإحساس بيدي بنسبة قاربت 95%، لكن الإحساس بها عاد حاليا وأشعر بتحسن كبير”.
ومن الأساليب المعتمدة في التعذيب، ذكر الدكتور أبو عجوة أن أحد جنود الاحتلال هدده بقتل ابنه الأكبر “فادي”، مدعيا أن التنفيذ سيكون بعد نصف ساعة من إبلاغه، وبعد مضي هذا الوقت عاد الجندي وأعلمه أن الاغتيال نجح وأدى أيضا إلى إصابة أبنائه الباقين، وهو ما لم يصدقه الدكتور عصام لأن ابنه فادي يعيش خارج غزة ويدرس طب الأسنان في جامعة مصرية.
تهم جاهزة
ويقول الدكتور عصام إن جيش الاحتلال استعمل معهم أقذر الأساليب وأبشعها أثناء الاعتقال عندما علم أنهم أطباء.
وعن التهمة التي وُجهت لهم من قبل الجيش الإسرائيلي قال أبو عجوة “كنت أسأل ضابط الجيش: لماذا نحن هنا؟ ماذا عملنا لكم؟ وهل السماعة والمقص والإبرة وزي التمريض تسبب لكم مشكلة؟” فيرد عليه الضابط: “أنتم مقاتلون غير شرعيين”.
وعن مكان اعتقاله، أشار أبو عجوة أنه لم يكن هو والمعتقلون معه ضمن إدارة مصلحة السجون، بل كانوا في معسكر مغلق لجيش الاحتلال، ومن حقق معهم مجموعة من الهُواة غير المهنيين الذين استخدموا الضرب والتنكيل أثناء التحقيق معهم، ووصفهم اختصاصي الجراحة العامة قائلا “كنا موجودين مع عصابة، تمارس معنا فظائع وتعذيبا ما سمعنا بها في حياتنا”.
وعن ظروف الاعتقال، قال الطبيب الغزاوي إنه “طوال 7 أشهر كنَّا جوعى”، مضيفا أن الجنود كانوا “يحضرون لنا ملعقة ونصف من الأرز مع قطعة من الخيار أو البندورة وجبة للغذاء، وأحيانا يجلبون لنا بعض الخبز الموجود عليه جبن أو مربى للفطور أو للعشاء”.
ويقضي الدكتور عصام جل وقته حاليا في غرفة العمليات يعالج بما توفر له من إمكانات متواضعة جرحى العدوان الإسرائيلي على غزة.
وبنبرة المتحدي قال “أنا عندما أخرج من غرفة العمليات لا أعرف كيف أعيش، وحين هددني المحقق بشل يدي حتى لا أعود لممارسة مهنة الطب رددت عليه بأنه لو كنت على كرسي متحرك سوف أعود لهذه المهنة ولن أتوانى عن خدمة أبناء شعبي”.