الرباط – يزاول المغربي عادل لوديي مهنة سائق سيارة نقل الركاب عبر التطبيقات الذكية منذ بداية العمل بها، فعمل في مدن الرباط والدار البيضاء وطنجة ومراكش وغيرها، وقبل ذلك عمل سائق سيارة أجرة 10 سنوات.

جمع عادل بين الطريقتين ويعرف إيجابيات وسلبيات كل منهما، ويرى أن الصراع القائم بين سائقي سيارات الأجرة التقليدية ومتعاملي التطبيقات بالمغرب لا يتحمل مسؤوليته السائقون بشكل مباشر.

وشهدت شوارع الرباط والدار البيضاء في الفترة الأخيرة صراعات ومطاردات على الطرقات كان أبطالها سائقو سيارات أجرة تقليدية وسيارات التطبيقات انتهى بعضها في السجن.

وقررت النيابة العامة نهاية الشهر المنصرم متابعة 5 أشخاص في حالة اعتقال، بينهم 4 سائقي سيارات أجرة صغيرة وسائق سيارة خفيفة، وذلك بعدما قام السائقون الأربعة بمطاردة سائق السيارة الخفيفة بسبب نقله ركابا عبر تطبيقات النقل الإلكتروني، مما أدى إلى اصطدامه بهم في الشارع العام بالرباط.

وقبلها أودع سائق سيارة أجرة السجن في الدار البيضاء بعد حادث اعتداء تعرض له سائق تطبيقات ذكية كان يُقل مسؤولا روسيا رفقة زوجته.

يقول عادل للجزيرة نت إن الخلافات والصراعات بين الطرفين بدأت منذ ظهور النقل بالتطبيقات الذكية في المغرب عام 2015، وهو صراع يظهر ويختفي لأن هناك لوبيات تقتات عليه وفق تعبيره.

ويرى المتحدث أن معظم سائقي سيارات الأجرة يعيشون ضغطا يوميا بسبب نظام المأذونيات، لذلك فهم في غنى عن الخوض في صراعات ستهدد مصدر رزقهم.

ويقصد بنظام المأذونيات رخَص استغلال سيارات الأجرة بالمغرب التي يتم توزيعها على شكل هبة، ويستفيد من المأذونية 3 فئات: مالكها ومستغلها بعقد مع المالك ثم السائق الذي يعمل يوميا لتوفير عائد مالي يذهب معظمه للمالك والمستغل ولتغطية تكاليف البنزين فلا يبقى له إلا القليل.

ويرى عادل أن المتورطين في مطاردات الشوارع هم فئة قليلة من السائقين المدفوعين من أصحاب عقود الاستغلال الذين يرون في التطبيقات منافسة لهم في المداخيل.

نكون أو لا نكون

بدأ العمل بالتطبيقات الذكية في قطاع النقل منذ عام 2015 مع شركة “أوبر” التي اقتحمت السوق المغربية قبل أن تنسحب تحت ضغط نقابات مهنيي سيارات الأجرة، ثم ظهرت بعدها شركات تطبيقات جديدة مثل “كريم” و”إندايرف”، وهي شركات تقول إنها تعمل في المغرب بما يتماشى مع القوانين واللوائح المحلية.

يقول عادل “انخرط العديد من الشباب في قروض لشراء سيارات من أجل العمل سائقين مع شركات التطبيقات الذكية بهدف تقديم خدمة جيدة للمواطن وفي نفس الآن إنقاذ أنفسهم من شبح البطالة”.

ويتفق المواطنون ممن استقت الجزيرة نت آراءهم حول النقل عبر التطبيقات في أنه حل جزءا من مشكل التنقل داخل مدنهم، فوسائل النقل العامة مثل الحافلات وسيارات الأجرة والترامواي لم تستطع سد النقص الكبير في القطاع، إذ يجد المواطنون أنفسهم في طوابير للوصول إلى مقرات عملهم أو دراستهم أو لقضاء حوائجهم الشخصية.

بَيد أن لمحمد الحراق الكاتب العام للنقابة الوطنية لسائقي سيارات الأجرة رأيا آخر، فهو يؤكد للجزيرة نت أن وزارة الداخلية عندما تمنح رخص النقل فهي تراعي في ذلك الحاجيات بناء على دراسات سابقة، إذ يكون عدد الرخص الممنوحة متناسبا مع عدد سكان كل منطقة.

ويرى الحراق أن نقل الركاب عبر التطبيقات الذكية هو نقل سري وغير قانوني، مشيرا إلى أن وزير الداخلية نفسه أعلن في البرلمان أنها غير معترف بها.

وكان وزير الداخلية عبد الواحد لفتيت قد أكد في جواب على سؤال برلماني كتابي الصيف الماضي أن استعمال مركبات خاصة لتقديم خدمات النقل أو تقديم خدمات الوساطة في مجال النقل عبر استخدام التطبيقات الذكية بدون ترخيص ممارسات غير مشروعة وغير مسموح بها وتعرض ممارسيها للعقوبات المنصوص عليها القانون.

بالنسبة للحراق فإن سائق سيارة الأجرة يمارس عمله في إطار القانون، إذ يتوفر على رخصة ثقة وبطاقة السائق المهني ويخضع يوميا لتنقيط وتدقيق أمني، وفي حال إخلاله بالقانون والتقليل من احترام الزبون فإن لجنة تأديب تحاسبه، بالمقابل فإن النقل عبر التطبيقات الذكية يمارسه أشخاص بدون ترخيص أو تأمين أو حماية للزبون من المخاطر المحتملة التي قد يتعرض لها خلال الرحلة.

وأضاف “إذا قررت السلطات السماح بنقل الركاب عبر التطبيقات فلا طريق أمامنا سوى ترك العمل في سيارات الأجرة والتوجه للعمل في النقل السري عبر التطبيقات لأن تكاليفه أقل وأرباحه أكثر” مضيفا “حان الوقت لنقرر إما أن نكون أو لا نكون”.

وحول رأيه في رضا المواطنين عن خدمات سيارات النقل بالتطبيقات كونها ساهمت في حل مشاكل النقص في وسائل النقل العمومي، قال الحراق إن على وزارة الداخلية أن تدرس وضعية النقل في كل مدينة وإذا تبين لها وجود نقص في وسائل النقل، فما عليها سوى الرفع من الرخص الممنوحة لسيارات الأجرة.

قانون وفرص شغل

في سبتمبر/أيلول الماضي، أعلن وزير النقل واللوجستيك في جواب على سؤال برلماني أن وزارته منفتحة للتجاوب مع المقاولات الراغبة في الاستثمار في القطاع وتقديم خدمات النقل باعتماد التطبيقات الذكية، في إطار يراعي احترام المساطر القانونية والتنظيمية المعمول بها في هذا المجال ويضمن أمن وسلامة المرتفقين مع مراعاة المنافسة الشريفة بين المهنيين والعاملين في النقل العمومي للأشخاص.

وضعت النقابة الديمقراطية للنقل مسودة “قانون لتنظيم النقل مقابل أجر عبر استخدام تطبيقات الهواتف الذكية” لدى وزارة النقل تتوفر الجزيرة نت على نسخة منه، دون أن تتوصل بأي جواب أو تفاعل.

بعد تعديل الحكومة وتعيين وزير نقل جديد راسلت النقابة الوزارة مرة أخرى، وطالبت بمناقشة مسودة القانون الذي اقترحته، ثم اجتمعت مع المجموعة النيابية لفريق حزب العدالة والتنمية بالبرلمان بشأنه، وراسلت رؤساء باقي الفرق البرلمانية من أجل المطالبة بتقنين هذا القطاع ووضع مقترح قانون ينظمه.

بالنسبة لسمير فارابي الأمين العام للنقابة الديمقراطية للنقل اعتبر أن هذه الوسيلة سهلت حياة المواطنين وفكت العزلة عن عدد من المناطق، ووفرت رحلة آمنة للمواطن، إذ تتيح له التطبيقات معرفة اسم السائق ونوع السيارة ولونها ورقم لوحتها كما تقدم له خدمة الدفع عبر البطاقة البنكية.

يشير فارابي في حديثه مع الجزيرة نت إلى أن المملكة مقبلة على تظاهرات عالمية مثل كأس أفريقيا وكأس العالم للسيدات وكأس العالم 30، لذلك يرى من الضروري تقنين هذه الوسائل لتوفير خدمة نقل ذات جودة وحديثة للوافدين على المملكة من كل دول العالم.

من جهة أخرى، يلفت إلى أن شركات النقل عبر التطبيقات ساهمت في التخفيف من حدة البطالة التي بلغت نسبتها 21%، موضحا أن ما بين 26 و30 ألف شخص يعملون لديها.

لذلك، يؤكد على ضرورة تقنين هذ النوع من النقل في أقرب وقت لأنه سيخلق آلاف فرص الشغل من طرف الشركات الموجودة حاليا في المغرب أو تلك التي تنتظر التقنين للاستثمار في المغرب.

غير أن محمد الحراق عارض قطعيا تقنين النقل عبر التطبيقات، ويرى أن هذه الخطوة ستؤدي إلى انقراض سيارات الأجرة وهو ما اعتبره تهديدا للقوت اليومي لآلاف السائقين ونشرا للفوضى.

من جانبه، يرى بوعزة الخراطي رئيس الجامعة الوطنية لحماية المستهلك أن الزبون يريد خدمة نقل ذات جودة وبتسعيرة مناسبة، وهو الهدف الذي لا تحققه سيارات الأجرة لذلك يتم اللجوء إلى التطبيقات.

وأيد الخراطي في حديث مع الجزيرة نت وضع قانون ينظم نقل الركاب عبر التطبيقات لأن من شأنه خلق منافسة شريفة وتقديم خدمة ذات جودة للمستهلك، متوقعا أن يؤدي في النهاية إلى إنهاء العمل بنظام المأذونيات وهي نتيجة في مصلحة سائقي سيارات الأجرة وأيضا سائقي التطبيقات.

شاركها.
اترك تعليقاً

2025 © الإمارات اليوم. جميع حقوق النشر محفوظة.
Exit mobile version