إسطنبول- أرقام قياسية حققها قطاع السياحة في تركيا خلال الثلاثة أشهر الأولى من العام الجاري، متجاوزا الأرقام المسجلة العام الماضي، حيث بلغ عدد السياح الزائرين منذ بداية العام أكثر من 8 ملايين سائح.
وطبقا لبيانات هيئة الإحصاء التركية، ارتفع عدد الزائرين لتركيا خلال الربع الأول من العام الجاري بنسبة 26.8% مقارنة بالربع الأول من العام السابق، بينما ارتفعت العائدات بنسبة 32.3% مقارنة بالربع المماثل من العام السابق.
وتكشف هذه البيانات تجاوز قطاع السياحة التركية كارثة الزلزال الذي ضرب 11 ولاية جنوبية في السادس من فبراير/شباط الماضي، ومن بين تلك الولايات المتضررة ولاية أضنة أقرب الولايات المنكوبة إلى أنطاليا عاصمة السياحة التركية.
وطبقا للبيانات الرسمية، انخفض عدد السياح القادمين إلى تركيا خلال فبراير/شباط الماضي إلى مليونين و483 ألف سائح، مقارنة بـ 3 ملايين و300 ألف سائح زاروا تركيا في يناير/كانون الثاني من العام الجاري.
لم تقتصر الخسائر التي تعرض لها الاقتصاد التركي نتيجة الزلزال على قطاع السياحة فقط، فوفقا لتصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان فإن الخسائر التي تعرض لها الاقتصاد التركي نتيجة الزلزال تجاوزت 100 مليار دولار.
وتمثل نسبة المنطقة المتضررة نحو 9.3% من إجمالي الناتج المحلي، وفق هيئة الإحصاء التركية، وتساهم المناطق المتضررة بنسبة 1% في قطاع السياحة.
وأكد “اتحاد وكالات السياحة في تركيا” (TÜRSAB) -وهو هيئة تتبع وزارة الثقافة والسياحة التركية- تأثرت 725 شركة سياحية في الولايات الجنوبية بشكل كبير بفعل الزلزال، وأعلن عن منح إعفاءات وخصومات للشركات العاملة والعاملين فيها في الولايات الجنوبية.
وكارثة الزلزال لم تكن الأزمة الوحيدة التي يتعرض لها قطاع السياحة في تركيا، حيث شهدت السنوات الأربع السابقة جائحة كورونا، والحرب الروسية الأوكرانية، مما أدى لتعرض القطاع لخسائر فادحة، لكنه استطاع التعافي والخروج منها.
وطبقا لبيانات هيئة الإحصاء التركية، خلال الفترة من 2019 أي قبل جائحة كورونا، وحتى العام الماضي، زار تركيا أكثر من 51 مليون سائح في عام 2019، وتراجع الرقم إلى نحو 14 مليون سائح في عام 2020 في ظل الإجراءات الوقائية بسبب جائحة كورونا، ومع تخفيف تلك الإجراءات زاد عدد السياح إلى أكثر من 30 مليونا في 2021 و46 مليونا في 2022.
وتولي الحكومة التركية أهمية كبيرة لقطاع السياحة وتعمل على تنميته باستمرار، حيث يعد أحد أهم القطاعات الاقتصادية ومصدرا مهما من مصادر الدخل القومي، ويتمتع القطاع ببنية تحتية قوية ومرافق سياحية وخدمات جعلته يحتل المرتبة الثالثة عالميا.
في المقابل تعمل وكالة تعريف وتطوير السياحة التركية على تنظيم حملات ترويجية في 200 دولة حول العالم لتحقيق الأهداف المستقبلية للسياحة التركية.
المحلل الاقتصادي التركي يوسف غراي ألب يقول إن تعامل الحكومة مع جائحة كورونا وكارثة الزلزال ساعد بشكل كبير على تجاوز الخسائر الكبيرة التي لحقت بالسياحة التركية، وهو ما يظهر من الارتفاع الملحوظ في عدد السياح.
أما عن العوامل التي ساعدت قطاع السياحة التركي على تجاوز الأزمات فيقول المحلل الاقتصادي إن انخفاض قيمة الليرة التركية مقارنة بالعملات الأخرى جعل تركيا وجهة جاذبة للسياح، الذين تتوفر أمامهم خيارات متعددة من المزارات السياحية.
وأكدت الحكومة التركية في وقت سابق أنها وضعت خطة ستجني من خلالها 56 مليار دولار من قطاع السياحة، عبر جذب نحو 60 مليون سائح أجنبي في العام الجاري، على أن يرتفع العدد إلى 90 مليون سائح عام 2028، بعائدات من السياحة تصل إلى 100 مليار دولار.
ويقول أحمد أصلان -المسؤول في إحدى الشركات السياحية العاملة في تركيا- إن الشركات السياحية تأثرت بشكل كبير بعد الزلزال، بسبب وجود مناطق سياحية كثيرة في المناطق القريبة من منطقة الزلزال، بالإضافة إلى التأثير الإعلامي السلبي والحديث عن احتمال وقوع زلزال كبير في إسطنبول وهو ما أثر على المدن السياحية الرئيسية مثل إسطنبول وأنطاليا وطرابزون.
وأوضح أصلان أنه بعد مرور أكثر من شهرين من الزلزال بدأت السياحة تعود تدريجيا إلى طبيعتها مرة أخرى، مع تسجيل توافد مزيد من السياح على البلاد التي تستعد لموسم السياحة الصيفية.
وتعد تركيا الوجهة المفضلة للسياح العرب والمسلمين بشكل خاص، لما تتمتع به من تنوع كبير ما بين السياحة العلاجية والتاريخية والترفيهية والسياحة الطبيعية، وقال أصلان -في حديثه للجزيرة نت- إن الطقس المميز لتركيا طوال العام، والمزارات السياحية الإسلامية، والتنوع فيما يعرف بـ”السياحة الحلال” عبر أنشطة ترفيهية عائلية خاصة بالنساء والرجال كل على حدة، من أهم المميزات التي جعلت تركيا وجهة مميزة للسياح العرب والمسلمين.