يحمل الإعلان عن عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي تم توقعيها بين قطر وأوزبكستان توجها جديدا ينقل البلدين نحو آفاق جديدة وشراكة إستراتيجية تبشر بمرحلة اقتصادية واعدة.
هذه الشراكة الإستراتيجية المهمة كانت أولى ثمار جولة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في آسيا الوسطى، التي بدأها أمس الثلاثاء بزيارة إلى جمهورية أوزبكستان، على أن تتبعها جمهورية قرغيزستان، ثم جمهورية كازاخستان، وأخيرا جمهورية طاجيكستان.
وستعطي جولة أمير قطر في منطقة وسط آسيا زخما للشراكة مع هذه الدول الأربع، كما تأتي في سياق إستراتيجية جديدة لتعميق العلاقات مع الشركاء، وتنويع التحالفات وخلق فرص وأسواق استثمارية جديدة.
وقد وقعت قطر وأوزبكستان أمس الثلاثاء عددا من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم لتعزيز التعاون المشترك، أبرزها التعاون في مجال الاستثمارات، والتجارة والزراعة والأمن الغذائي، وتجنب الازدواج الضريبي، ومنع التهرب المالي، والحماية الجمركية، والتعليم والبحث العلمي.
الطاقة النظيفة
وشدد خبراء اقتصاديون على أن التعاون المشترك بين قطر وأوزبكستان سيسهم في تعزيز الروابط السياسية والاقتصادية والثقافية بين الدولتين، فضلا عن فتح آفاق جديدة للتعاون المتبادل والاستثمارات، خاصة في مجالي الأمن الغذائي والطاقة النظيفة، بالإضافة إلى دعم أمن المنطقة.
فمن جهته، يرى الخبير الاقتصادي عبد الله الخاطر أن دولة أوزبكستان حجر أساس في تقوية ودعم تحالفات قطر في وسط آسيا، وإضافة مهمة بالنسبة للعلاقات القطرية، فضلا عن دعم الدور القطري في الوساطات وحل النزاعات، وكذلك في المؤسسات والمنظمات الدولية، خاصة أن أوزبكستان دائما كانت داعمة للقضايا العربية.
ويقول الخاطر للجزيرة نت إن أهمية التعاون مع أوزبكستان تكمن في أنها دولة تتميز بالموارد الطبيعية، سواء على مستوى الزراعة أو الطاقة النظيفة، خاصة الغاز، وهو ما يدعم رؤية قطر في الطاقة النظيفة، فضلا عن تنويع الاستثمارات والاقتصاد.
ويضيف أن تعاون قطر مع أوزبكستان حلقة مهمة في مجال الطاقة والتحالفات في المنطقة بجانب التحالف التركي، فضلا عن أبعاده الثقافية والجغرافية، فقطر تتحول من أوروبا وأميركا إلى آسيا التي تعد منطقة متسارعة النمو، وتتميز بمقومات استثمارية عالية، وتتقاطع في الثقافة الإسلامية والتاريخ.
ويؤكد أن الوجود في وسط آسيا مهم للغاية لعدم ترك فراغ بالمنطقة في ظل مطامع الكيان الصهيوني لإيجاد موطئ قدم في المنطقة، لذلك فوجود الاستثمارات القطرية والعربية بصورة فاعلة يساعد في تحقيق الجانب الأمني.
تنويع الاستثمارات
من ناحيته، يوضح المحلل الاقتصادي عبد الرحيم الهور أن التكامل الاقتصادي بين قطر وأوزبكستان سيؤثر إيجابيا على الميزان التجاري لدولة قطر وفي مجالات الاستثمار بين البلدين، إذ سيفتح آفاقا جديدة، خاصة أن أوزبكستان دولة ناشئة، وحققت قفزة عملاقة السنوات الأخيرة في مجال التصنيف الائتماني وتبادل العملة وحقوق الإنسان.
ويقول الهور للجزيرة نت إن الرؤية الشمولية لدولة قطر هي بناء تحالفات في مجال النفط والطاقة، وهو الأمر الذي يؤدي لوجود تقاطع في التكامل الاقتصادي بين قطر أوزبكستان التي أصبحت أكبر دولة منتجة للغاز والطاقة الكهربائية في وسط آسيا، وهي منطقة مهمة للاستثمارات الدولية الناشئة.
ويضيف أن أوزبكستان حققت نموا اقتصاديا كبيرا منذ عام 2018، وهو ما يجعل منها منطقة رائدة للاستثمارات، وستكون الفرصة متاحة أمام الاستثمار القطري للاستفادة من هذه البيئة في تحقيق منافع أكبر وفرص أوسع.
ويرى أن هناك “توجها قطريا ذكيا” في بناء تحالفات إستراتيجية دولية مع الدول التي تتقاطع معها الدولة في نفس توجهات الطاقة سواء المعتمدة على الغاز المسال أو إنتاج الكهرباء، ومنها أوزبكستان، التي تمتلك أكبر احتياطات للغاز في منطقة وسط آسيا.
واعتبر أن انضمام أوزبكستان لمؤسسات دولية، منها شنغهاي للتعاون، سيؤدي إلى نوع من التكامل في العلاقات القطرية الأوزبكية الصينية يزيد درجة التحالفات في قطاع النفط والطاقة، خاصة أنه حسب تقرير هيئة الإحصاءات العامة في قطر، فإن الصين هي الدولة الأولى في الميزان التجاري لدولة قطر من حيث الصادرات والواردات.
الأمن الغذائي
بدوره، يؤكد المحلل المالي أحمد عقل أن أي اتفاقية تعاون اقتصادي بشكل عام تحقق مصلحة البلدين، وأن دولة قطر تمتلك قدرات استثمارية مهمة وشركات رائدة عالميا في مجالات المعادن والطاقة واستخراج الثروات الطبيعية، لذلك فإن التوسع والتنوع الاستثماري من الأمور الضرورية التي تصب في خانة اتفاقيات جديدة وأسواق وفرص استثمارية جديدة.
ويقول عقل للجزيرة نت إن دولة قطر مهتمة بتوسيع العلاقات والاستثمارات مع الدول الآسيوية واقتصاديات آسيا عامة ومنطقة وسط آسيا خاصة، لأنه بعد انتهاء الحرب الروسية الأوكرانية، ستعود هذه المنطقة إلى النمو والتحرك بشكل كبير نظرا لوجود فرص استثمارية كبيرة فيها لم تستغل بعد.
ويضيف أن الاستثمارات القطرية كانت تركز على أوروبا وأميركا، ثم انتقلت إلى أفريقيا وأميركا اللاتينية، والآن تتجه نحو آسيا وفي دول قلب المنطقة الآسيوية، خاصة أن التنويع الاستثماري وتنويع الأسواق يسهم في تقليل المخاطر التي قد تحدث بسبب أي ضغوطات على مستوى الركود أو على مستوى أي عوامل أخرى.
ويوضح أن التكامل الاقتصادي القطري مع أوزبكستان خطوة موفقة، خاصة أن أوزبكستان تمتلك قدرات على مستوى الثروات الزراعية والغذائية، وهو ما يصب في خانة الأمن الغذائي الذي تعمل عليه دولة قطر خلال الفترة الأخيرة، ووقعت بشأنه كثيرا من الاتفاقيات سواء على مستوى الدول أو الشركات.
ويعتبر أن أهم فوائد الاستثمار القطري في أوزبكستان وجود أسواق وفرص استثمارية جديدة، فضلا عن كونه مهمًا ضمن منظومة الأمن الغذائي والمائي التي تسعى قطر لتحقيقها، بالإضافة إلى وجود شريك تجاري جديد يؤدي لزيادة الميزان التجاري، سواء عن طريق الصادرات أو الواردات، وكذلك تسهيل حركة انتقال رؤوس الأموال والأعمال بين البلدين.