اعتبرت صحيفة فايننشال تايمز إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة تسلا، شخصية محورية ومثيرة للجدل في العلاقات بين الولايات المتحدة والصين.

ومع استئناف دونالد ترامب فترة رئاسية ثانية محاطا بصقور معادين للصين مثل ماركو روبيو ومايكل والتز، يجد ماسك نفسه في موقف حرج حيث تتقاطع مصالحه التجارية الضخمة في الصين مع السياسات الأميركية المتشددة ضد بكين.

مصنع شنغهاي كنقطة ارتكاز

ويعد مصنع تسلا في شنغهاي الأكبر ضمن شبكة مصانع الشركة العالمية، وهو مسؤول عن إنتاج ملايين السيارات سنويا وفق الصحيفة. كما يشكل المصنع جزءا مهما من عمليات التصدير، حيث بلغت عائدات تسلا من عملياتها في الصين وحدها حوالي 54 مليار دولار خلال السنوات الثلاث الماضية، ما يمثل 23% من إجمالي مبيعاتها العالمية.

وحصل المصنع على دعم كبير من الحكومة الصينية، بما في ذلك قروض منخفضة الفائدة بقيمة 1.4 مليار دولار من بنوك حكومية مثل بنك الصين للتعمير، والبنك الزراعي الصيني، وبنك الصين الصناعي والتجاري.

إضافة إلى ذلك، حصل المصنع على إعانات حكومية تبلغ 76 مليون دولار من حكومة مدينة شنغهاي عام 2022. كما أن الأرض التي أقيم عليها المصنع تم تأجيرها من حكومة شنغهاي لمدة 50 عاما بسعر مخفض بلغ 973 مليون رنمينبي (145 مليون دولار)، وهو أقل من أسعار السوق كما ذكرت الصحيفة.

تأثير سياسي واقتصادي

ويتمتع ماسك -وفق فايننشال تايمز- بعلاقات قوية مع القيادة الصينية، حيث التقى الرئيسَ الصيني شي جين بينغ مرتين على الأقل. كما تمكن من إقناع قادة الحزب الشيوعي الصيني بالسماح لشركته بامتلاك أعمالها بالكامل في الصين، وهو استثناء لم يسبق له مثيل في صناعة السيارات.

هذا القرار ساعد تسلا على تعزيز مكانتها في السوق الصينية وجعلها ركيزة في إستراتيجية بكين لتعزيز صناعة السيارات الكهربائية.

تحديات أمام ماسك

ومع استعداد إدارة ترامب لفرض تعريفات جمركية تصل إلى 60% على الواردات الصينية، تواجه تسلا تحديات كبيرة. حيث قد تؤثر هذه التعريفات بشكل مباشر على العمليات الصينية للشركة، خاصة أن 90% من موردي مصنع شنغهاي صينيون.

ووفقا لتقديرات من غولدمان ساكس، فإن هؤلاء الموردين يتبعون تسلا حتى إلى مصانعها في الخارج، وهذا يزيد من تعرض الشركة لأي تغيرات في السياسات التجارية.

مسائل الأمن القومي

وتُعد مشاريع ماسك الأخرى، مثل سبيس إكس، مصدر قلق للمسؤولين العسكريين في بكين وفق الصحيفة. فوفقا لتحليل من معهد أبحاث تابع لجيش التحرير الشعبي الصيني، فإن شبكة الأقمار الصناعية التابعة لسبيس إكس، المعروفة بـ”ستار شيلد”، قد تُستخدم في هجمات فضائية أو تحمل أسلحة، وهذا يجعلها تهديدا للأمن الفضائي للدول الأخرى.

وفي تصريحات سابقة، أشار ماسك إلى احتمالية وقوع صراع عسكري بين الصين وتايوان، وهذا يزيد من التعقيدات السياسية.

كما أن الجهود المبذولة لتخفيف اعتماد تسلا على موردين في تايوان تُظهر إدراك ماسك للتوترات المتزايدة، حيث وصف العلاقة بين تايوان والصين بأنها مشابهة للعلاقة بين أوكرانيا وروسيا، متوقعا أن تسعى الصين إلى السيطرة على تايوان بالقوة في المستقبل.

ورغم ادعائه بأنه “مدافع مطلق عن حرية التعبير”، يواجه ماسك انتقادات بشأن تقبله للرقابة الصينية. ووفقا لتحليل فايننشال تايمز، فإن استثماراته الكبيرة في الصين قد تجعله عرضة للضغوط السياسية من الحزب الشيوعي الصيني، ما يثير مخاوف بشأن التزامه بمبادئ حرية التعبير والخصوصية.

التأثير المستقبلي

ويبقى ماسك “ورقة رابحة” في العلاقات الأميركية-الصينية، حيث تلعب مصالحه التجارية دورا محوريا في تشكيل هذه العلاقات.

وتشير الصحيفة إلى أنه إذا استمرت التوترات، قد تجد الصين في ماسك حليفا محتملا للتخفيف من السياسات الأميركية المتشددة، لكن هذا الدور لن يخلو من المخاطر، خاصة في ظل تصاعد الانتقادات داخل واشنطن بشأن علاقاته بالصين.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © الإمارات اليوم. جميع حقوق النشر محفوظة.
Exit mobile version