يُعد بناء منزل العائلة من الصفر مشروعا محوريا يجمع بين الإبداع والتخطيط الدقيق والإستراتيجيات المالية السليمة.

وتتضمن العملية المليئة بالتحديات التفكير الدقيق في التمويل، وتوفير المواد، وإدارة المقاولين، والامتثال للقوانين واللوائح.

يهدف هذا الدليل إلى استكشاف هذه الجوانب الأساسية بالتفصيل، مع التركيز على إستراتيجيات عملية وآراء الخبراء لمساعدتك على إتمام مشروعك بنجاح.

1- التخطيط المالي لبناء المنزل.. حجر الأساس

كل مشروع بناء ناجح يبدأ بخطة مالية دقيقة، فتقدير التكلفة الإجمالية بدقة هو أمر أساسي، ويشمل ذلك:

  • شراء الأرض
  • التصميم
  • التصاريح
  • والمواد، والبناء
  • والتشطيبات النهائية مثل تنسيق المساحات والتصميم الداخلي

يتراوح متوسط تكلفة البناء عالميا بين 150 و400 دولار لكل متر مربع، ولكن هذا الرقم قد يتغير بشكل كبير حسب المكان والموقع ونوع المواد المستخدمة وتعقيد التصميم.

وتؤكد المستشارة المالية المتخصصة في مشاريع البناء لورا ماثيوز -في مقابلة مع منصة “ذا كونستركشن”- أهمية تخصيص أموال ليس فقط للنفقات المتوقعة، ولكن أيضا للنفقات غير المتوقعة.

وتقول إنه “من الضروري تخصيص صندوق طوارئ يعادل على الأقل 15-20% من إجمالي الميزانية. فقد تزيد تقلبات السوق والتضخم من تكاليف المواد أو العمالة بشكل مفاجئ”.

وباتباع هذا النهج الاحترازي، يمكن لأصحاب المنازل حماية أنفسهم من المفاجآت المالية غير السارة.

يتراوح متوسط تكلفة البناء عالميا بين 150 و400 دولار لكل متر مربع، ولكن هذا الرقم قد يتغير بشكل كبير حسب المكان والموقع ونوع المواد المستخدمة وتعقيد التصميم

2- تمويل منزل الحلم.. الخيارات والفرص

تمويل بناء المنزل أو البيت هو أحد أهم المراحل التي يجب على أي شخص التفكير بها بعناية لضمان سير المشروع بسلاسة دون مواجهة أزمات مالية مفاجئة.

وتختلف الخيارات المتاحة لتمويل بناء المنزل بناء على الوضع المالي لكل فرد، وتتراوح بين التمويل الذاتي الكامل إلى الاستعانة بالقروض التمويلية أو الاستفادة من الدعم الحكومي أو المؤسسي.

  • التمويل الذاتي

بالنسبة للأشخاص الذين يتمتعون بقدرة مالية كبيرة أو مدخرات طويلة الأمد، فإن تمويل بناء المنزل ذاتيا دون اللجوء إلى قروض قد يكون الخيار الأمثل.

الميزة الأساسية هنا هي أنك تبني بيتك من دون أي التزامات تجاه البنوك أو المؤسسات المالية، مما يمنحك حرية تامة في اتخاذ القرارات من دون الضغط الناتج عن مواعيد السداد أو فوائد القروض.

ومع ذلك، يشير المستشار المالي جوناثان كارتر -في حديث لمجلة فوربس- إلى ضرورة الحذر من استنزاف جميع المدخرات في البناء.

ويقول: “حتى لو كانت لديك القدرة على تمويل البناء ذاتيا، تأكد من الاحتفاظ بصندوق طوارئ يغطي احتياجاتك اليومية ونفقاتك المفاجئة لمدة عامين على الأقل”.

  • القروض التمويلية.. خيار الأغلبية

بالنسبة للغالبية العظمى من الناس، تمثل القروض التمويلية الوسيلة الأساسية لبناء منزل. ومن أبرز أنواع القروض المستخدمة:

1- القروض الإنشائية

توفر هذه القروض تمويلا قصير الأجل لتغطية تكاليف البناء. يتم صرف الأموال عادة على دفعات تتزامن مع تقدم العمل في المشروع، مثل الانتهاء من الأساسات أو الهيكل الخارجي.

بعد الانتهاء، يمكن تحويل القرض إلى رهن عقاري طويل الأجل.

في الولايات المتحدة وحدها، تشكل القروض الإنشائية نحو 35% من مصادر تمويل المنازل الجديدة، وفقا لتقرير صادر عن الرابطة الوطنية لبناة المنازل لعام 2023.

2- القروض العقارية

إذا كنت تمتلك عقارا بالفعل ولديك رصيد ملكية مرتفع فيه، يمكنك الاستفادة من هذا الرصيد لتمويل البناء. غالبا ما تكون فوائد هذا النوع من القروض أقل من القروض التقليدية.

3- القروض الشخصية

يمكن استخدام القروض الشخصية الصغيرة لتغطية أجزاء معينة من المشروع، مثل شراء المواد أو التشطيبات الداخلية.

  • الدعم الحكومي والمؤسسي

في بعض الدول، توفر الحكومات برامج دعم لبناء المنازل، خاصة للمرة الأولى أو للأسر ذات الدخل المتوسط.

  • الجمع بين مصادر التمويل

يشدد المستشار الاقتصادي ماركوس تشانغ -في حديث لفوربس- على أهمية الجمع بين مصادر تمويل متعددة، ويقول: “دمج التمويل الذاتي مع قرض إنشائي أو الاستفادة من دعم حكومي قد يخفف الضغط المالي ويقلل من مخاطر توقف المشروع بسبب نقص الأموال”.

3- اختيار مواد البناء.. التوازن بين الجودة والتكلفة

المواد التي تختارها ستحدد ليس فقط شكل منزلك وشعوره ولكن أيضا مدى متانته وتكلفته. والتوازن بين الجودة والقدرة على تحمل التكاليف هو المفتاح.

في حين أن المواد الممتازة قد تعزز متانة وجاذبية منزلك، بيد أن هناك خطرا من الإفراط في الإنفاق في مجالات قد لا تضيف قيمة متناسبة.

قد يقلل شراء المواد محليا من التكاليف وأثرها البيئي. وتشير المستشارة المعمارية إلينا فارغا، من سيتي بانك، إلى أن اختيار المواد يؤثر أيضا على سرعة البناء ومستوى النفايات.

وتقول: “اختيار المكونات الجاهزة أو العناصر المعيارية قد يسرّع عملية البناء ويقلل النفايات، وهو أمر مفيد بشكل خاص للمشاريع ذات الجداول الزمنية أو الميزانيات الضيقة”.

كما ينبغي النظر في التكلفة الطويلة الأجل للمواد، فعلى سبيل المثال، قد تؤدي النوافذ الموفرة للطاقة أو العزل العالي الجودة إلى تقليل فواتير المرافق بشكل كبير بمرور الوقت.

4- المقاول أم الإدارة الذاتية.. من الأفضل للبناء؟

اختيار الطريقة المناسبة لتنفيذ مشروع بناء منزلك يعتمد على عوامل عدة، منها ميزانيتك، وخبرتك في إدارة المشاريع، وتوافر الوقت لديك.

والخياران الأساسيان هما تعيين مقاول محترف أو تولي إدارة المشروع بنفسك.

وكلا الخيارين لهما مزايا وتحديات، ويتطلبان فهما دقيقا لما يناسب ظروفك الشخصية.

  • الاعتماد على المقاول.. تسليم المهام إلى محترفين

توظيف مقاول محترف يعتبر الخيار الأكثر شيوعا للأشخاص الذين يفتقرون إلى الخبرة أو الوقت اللازم لإدارة المشروع.

ويقوم المقاول بإدارة جميع جوانب البناء، بما في ذلك:

  1. شراء المواد.
  2. توظيف العمالة اللازمة.
  3. الإشراف على الجدول الزمني والتأكد من تنفيذ العمل وفقا للتصميم المطلوب.

ويوفر المقاول الوقت والجهد ويقلل من احتمالية وقوع أخطاء مكلفة نتيجة قلة الخبرة. ووفقا لتقرير صادر عن “جمعية إدارة البناء العالمية”، فإن المشاريع التي يديروها مقاولون محترفون تُنجز في المتوسط بنسبة 20% أسرع مقارنة بالمشاريع التي يديرها أصحابها بأنفسهم.

ويعاب على توظيف مقاول تكلفة التعاقد التي قد تكون مرتفعة.

وعادة، يحصل المقاولون على نسبة تتراوح بين 10-20% من إجمالي تكلفة المشروع مقابل خدماتهم.

  • الإدارة الذاتية.. التوفير مع تحمل المخاطر

الإدارة الذاتية للمشروع قد تكون خيارا جذابا للأشخاص الذين يتمتعون بمعرفة كافية في مجال البناء أو لديهم الوقت الكافي للإشراف المباشر.

  • مزايا الإدارة الذاتية

1- توفير التكاليف: يمكن توفير ما بين 10-15% من التكلفة الإجمالية عن طريق إلغاء أتعاب المقاول.

2- التحكم الكامل: يمنحك هذا الخيار سيطرة مباشرة على اختيار المواد، العمالة، ومراحل البناء.

  • تحديات الإدارة الذاتية

1- إدارة الوقت: البناء مشروع يتطلب التفرغ، حيث تحتاج إلى الإشراف اليومي على العمل، والتعامل مع الموردين، وحل المشكلات التي قد تطرأ.

2- المخاطر القانونية: في حال لم يتم الالتزام باللوائح المحلية أو معايير البناء، قد تواجه غرامات أو مشكلات قانونية.

ويشير المهندس المدني كارلوس هيرنانديز في مقابلة مع “ذا كونستركشن” إلى أن الإدارة الذاتية لا تناسب الجميع.

ويقول: “حتى لو كنت على دراية بالمجال، من المهم استشارة مختص في مراحل حرجة، مثل الأساسات أو الهيكل الإنشائي. هذا يقلل من مخاطر الأخطاء التي قد تتسبب بتكاليف ضخمة لاحقا”.

  • الدمج بين الطريقتين

للحصول على أفضل ما في الخيارين، يمكن الاستعانة بمقاول أو مدير مشروع للإشراف على المراحل الحرجة، بينما تقوم بإدارة الأجزاء الأقل تعقيدا، مثل شراء المواد أو متابعة الجداول الزمنية.

ووفقا لدراسة أجرتها مجلة “بيلدينغ” لعام 2022، فإن المشاريع التي يديرها أصحابها مع إشراف مقاول جزئي توفر ما يقرب من 10% من التكاليف الإجمالية مقارنة بالاعتماد الكامل على مقاول.

5- الامتثال للقوانين عند بناء المنزل

يتطلب بناء منزل أو بيت الامتثال لمجموعة من القوانين والحصول على تصاريح متعددة. وتختلف هذه المتطلبات حسب الموقع، لكنها عادة ما تشمل تصاريح البناء وتصاريح تقسيم المناطق والتقييمات البيئية.

وتوصي كارين لي، مخططة حضرية بريطانية في حديث مع صحية “ذا صن”، بالعمل مع مهندس معماري محلي أو مهندس مدني منذ بداية التخطيط.

وتقول: “هؤلاء المحترفون لا يضمنون فقط الامتثال، ولكن يمكنهم أيضا توقع المشكلات المحتملة، مما يساعدك على تجنب التأخيرات المكلفة”.

6- مراقبة مراحل التقدم في بناء المنزل

بغض النظر عن الطريقة التي تختارها للبناء، فإن البقاء منخرطا في العملية أمر ضروري. وتتيح الزيارات المنتظمة للموقع لك مراقبة التقدم، وحل المشكلات فور ظهورها، والتأكد من أن العمل يتماشى مع رؤيتك وميزانيتك.

كما قد تلعب التكنولوجيا دورا في مراقبة المشروع. حيث توفر برامج إدارة البناء أدوات لتتبع الجداول الزمنية والنفقات والتغييرات في الوقت الفعلي.

ويوصي مستشار التكنولوجيا راهول غوبتا باستخدام هذه الأدوات لتحسين الشفافية بين جميع الأطراف المشاركة.

ويُعد تبني ممارسات مستدامة في بناء المنازل أولوية متزايدة في يومنا الحاضر، إذ لا تقتصر الفوائد على البيئة فقط، بل تشمل أيضا التوفير المالي على المدى الطويل.

على سبيل المثال، قد يقلل تركيب الألواح الشمسية أو أنظمة حصاد مياه الأمطار بشكل كبير من فواتير المرافق على مدار حياة المنزل.

وتشير المهندسة البيئية صوفيا أندرسون إلى أن المنازل المستدامة غالبا ما تحصل على قيمة إعادة بيع أعلى.

وتقول إن “الاستثمار في الشهادات البيئية مثل ليد أو إنرجي ستار يضيف قيمة إلى الممتلكات بينما يضمن الاستدامة”.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © الإمارات اليوم. جميع حقوق النشر محفوظة.
Exit mobile version