توصلت دراسة جديدة أجراها باحثون من كلية لندن الجامعية في المملكة المتحدة إلى أن الأشخاص الذين يتناولون الأطعمة الفائقة المعالجة لديهم خطر متزايد للإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، ولكن يمكن تقليل هذا الخطر عن طريق استهلاك أطعمة أقل معالجة.
نُشرت الدراسة في مجلة لانسيت للصحة الإقليمية بأوروبا بالتعاون مع خبراء من جامعتي كامبريدج وإمبريال كوليدج لندن يوم 16 سبتمبر/أيلول الحالي، حيث تم بحث العلاقة بين درجة معالجة الطعام وخطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني، بما في ذلك تحديد الأطعمة الأكثر خطورة.
الأطعمة المعالجة
عادة ما يتم تقييم درجة معالجة الأطعمة باستخدام تصنيف “نوفا” (Nova)، الذي يقسم الأطعمة إلى أربع مجموعات: الأطعمة غير المعالجة أو المعالجة بشكل بسيط مثل البيض والحليب والفواكه؛ والمكونات الغذائية المعالجة مثل الملح والزبدة والزيت؛ والأطعمة المعالجة مثل الأسماك المعلبة والجبن؛ والأطعمة الفائقة المعالجة مثل الوجبات الجاهزة للأكل أو التسخين والوجبات الخفيفة المالحة والحلويات.
حلل الفريق استهلاك الأطعمة الفائقة المعالجة والعواقب الصحية لما يزيد عن 300 ألف شخص من 8 دول أوروبية على مدى يزيد عن 10 سنوات في المتوسط، وخلال هذه الفترة تم تشخيص 14 ألفا و236 شخصا بالسكري من النوع الثاني.
وجد الباحثون أن كل زيادة بنسبة 10% في كمية الأطعمة الفائقة المعالجة في النظام الغذائي تزيد من خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني بنسبة 17%، ولكن يمكن تقليل هذا الخطر عن طريق استبدالها بأطعمة أقل معالجة.
كانت الفئات الأكثر خطورة من الأطعمة الفائقة المعالجة هي الوجبات الخفيفة المالحة والمنتجات الحيوانية مثل اللحوم المصنعة والوجبات الجاهزة والمشروبات السكرية والمشروبات المحلاة صناعيا، مما يشير إلى ضرورة الانتباه إلى هذه الأطعمة لمساعدة الأفراد في تجنب الأمراض.
لم يتم تأكيد الأسباب الدقيقة وراء العلاقة بين الأطعمة الفائقة المعالجة والسكري من النوع الثاني بعد، لكن يُعتقد أن الإفراط في تناول الطعام وزيادة الوزن يلعبان دورا في ذلك. ففي دراسة سابقة، أوضحت التحليلات أن زيادة الدهون في الجسم تمثل نحو نصف هذه العلاقة.
قال مؤلف الدراسة من قسم الطب بكلية لندن الجامعية صمويل ديكن “نعلم أن الأطعمة الفائقة المعالجة مرتبطة بزيادة خطر الإصابة بأمراض معينة مثل السكري من النوع الثاني. وكما هو متوقع، تؤكد نتائجنا هذه العلاقة وتظهر أن كل زيادة بنسبة 10% في الأطعمة الفائقة المعالجة في النظام الغذائي تزيد من خطر الإصابة بالسكري بشكل كبير”.
وأضاف وفقا لموقع يوريك أليرت، “تعتبر معظم الدراسات حتى الآن الأطعمة الفائقة المعالجة ككل خطرة، لكننا نعتقد أن هناك مخاطر مختلفة مرتبطة بأنواع معينة من هذه الأطعمة، وأن مخاطر مجموعات المعالجة الأخرى لم تتم دراستها بشكل كاف. تحليلنا يتقدم خطوة إضافية عن الدراسات السابقة من خلال النظر إلى جميع مجموعات المعالجة الأربع في تصنيف نوفا لقياس تأثير استبدال الأطعمة الفائقة المعالجة واختيار أطعمة أقل معالجة على خطر السكري، وكذلك النظر في تسع فئات فرعية من الأطعمة الفائقة المعالجة”.
تحليل إضافي
تم إجراء تحليل إضافي على البيانات لتقسيم الأطعمة الفائقة المعالجة إلى تسع فئات فرعية، وذلك من أجل فهم أفضل لكيفية تأثير مستوى المعالجة على خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني.
أظهرت النتائج أن استبدال 10% من الأطعمة الفائقة المعالجة في النظام الغذائي بـ10% من الأطعمة الأقل معالجة أدى إلى تقليل خطر السكري بنسبة 14%.
وأظهر تحليل تسع فئات فرعية من الأطعمة الفائقة المعالجة أن الوجبات الخفيفة المالحة، والمنتجات الحيوانية، والوجبات الجاهزة، والمشروبات السكرية والمشروبات المحلاة صناعيا، كانت مرتبطة بارتفاع معدل الإصابة بالسكري من النوع الثاني.
كانت النسب العالية من هذه الأطعمة غير الصحية مسؤولة عن زيادة إجمالي خطر السكري. وقد كانت المشروبات المحلاة تمثل وحدها 40% من استهلاك الأشخاص الأعلى تناولا للأطعمة الفائقة المعالجة.
ومع ذلك، ارتبطت أنواع أخرى من الأطعمة الفائقة المعالجة مثل الخبز والبسكويت والحبوب الغذائية والحلويات والبدائل النباتية بمعدلات أقل من الإصابة بالسكري من النوع الثاني.
قالت البروفيسورة راشيل باترهام، أحد مؤلفي الدراسة من قسم الطب في كلية لندن الجامعية، “كان تحليل الفئات الفرعية للأطعمة الفائقة المعالجة في هذه الدراسة كاشفا، إذ يؤكد أن جميع الأطعمة المصنفة كأطعمة فائقة المعالجة ليست متساوية من حيث المخاطر الصحية المرتبطة بها”.
وأضاف باترهام “على سبيل المثال، الخبز والحبوب جزء أساسي من نظام غذائي للكثيرين. بناء على نتائجنا، أعتقد أنه يجب التعامل معها بشكل مختلف عن الوجبات الخفيفة المالحة أو المشروبات السكرية من حيث النصائح الغذائية التي نقدمها”.
وقال البروفيسور مارك غنتر، أحد مؤلفي الدراسة من كلية لندن الجامعية، “تضيف نتائج هذه الدراسة إلى الععد المتزايد من الأبحاث التي تربط استهلاك الأطعمة الفائقة المعالجة بزيادة خطر بعض الأمراض المزمنة بما في ذلك السمنة وأمراض القلب والأوعية الدموية وبعض أنواع السرطان. وبينما لا يمكن لمثل هذه الدراسة تحديد العلاقات السببية، تشير إلى أن تقليل استهلاك بعض الأطعمة الفائقة المعالجة واستبدالها بأطعمة غير معالجة قد يقلل من خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني. هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث لفهم الآليات والعلاقة السببية المحتملة”.