تحذر الأمهات مرارا وتكرارا من خطر التحديق المستمر في الشاشات، وهن على حق إلى حد ما. فمشاهدة الشاشة عن قرب لفترات طويلة يمكن أن تؤثر على البصر.
منذ ظهور أجهزة التلفزيون ذات الشاشات الكبيرة المسطحة، أصبحت أجهزة التلفزيون الصغيرة التقليدية قديمة، ولم تعد المخاطر المتعلقة بشاشات التلفزيون كما كانت في السابق.
فشاشات التلفزيون الكبيرة تجعل من الصعب رؤية كل شيء على الشاشة بالكامل عند الجلوس قريبا جدا، لذلك يميل المشاهدون إلى الجلوس بعيدا مما يقلل من الأضرار المحتملة.
ولكن الأجهزة اللوحية، الهواتف الذكية، وأجهزة الحاسوب تكون غالبا أقرب من طول الذراع، وهو ما يعتبر قريبا جدا من العيون، وفقا للخبراء.
تقول مارسيلا إسترادا، الأستاذة المساعدة في طب العيون بجامعة كاليفورنيا في ديفيس بالولايات المتحدة في حوار نشر 26 نوفمبر/تشرين الثاني في صحيفة واشنطن بوست: “كانت والدتك محقة، لكن الشاشة قد تغيرت، واليوم كل طفل لديه شاشة”.
يشكل الأطفال، وخاصة الذين تتراوح أعمارهم بين 7 إلى 15 عاما، الفئة الأكثر عرضة لمشاكل العين مثل قصر النظر، ولكن البالغين من الشباب وكبار السن قد يواجهون أيضا مشكلات في العين.
يقول مسيح أحمد، أستاذ مساعد في طب العيون بكلية الطب بجامعة بايلور في الولايات المتحدة: “الجميع في المدرسة وفي المنزل الآن يستخدمون هواتفهم وأجهزتهم اللوحية، وقضاء المزيد من الوقت في القيام بهذا النوع من العمل القريب يزيد من معدل الإصابة بقصر النظر. هذا يحدث بشكل رئيسي عند الأطفال لأن العين تتطور بشكل كبير خلال هذه الفترة”.
قصر النظر
قصر النظر يعني أنك تستطيع رؤية الأشياء القريبة بوضوح، ولكن تواجه صعوبة في رؤية الأشياء البعيدة. في بعض الحالات، قد يؤدي هذا إلى مشاكل خطيرة في العين لاحقا، وفقا للخبراء.
عند مشاهدة الشاشة عن قرب، تنحرف العيون للداخل، مما يؤدي إلى انقباض عضلة خلف قزحية العين – العضلة الهدبية – مما يغير شكل العدسة. ينتج عن ذلك قصر النظر.
تقول إسترادا “تصبح عدسة العين أكثر سمكا. عندما تركز باستمرار على مسافة قريبة جدا، تقضي عدسة العين وقتا أطول في التكيف ويتغير شكلها لتركيز الصورة على الشبكية. إذا فعلت ذلك بشكل مفرط، فستحفز نمو العين بشكل أسرع”، مما يعزز قصر النظر.
يقول طبيب عيون الأطفال دانيل سير “تتوقف العيون عن النمو بين عمر 18 و25 عاما، لذلك من المهم جدا الانتباه إلى هذه المسألة عند الأطفال الأصغر سنا”.
ويضيف “كلما تم اكتشاف قصر النظر في وقت مبكر عند الأطفال، زادت احتمالية أن يصبح قصر النظر شديدا، وهو شكل متطرف من قصر النظر يجعل الشخص يرى الأشياء فقط عندما تكون قريبة جدا من وجهه -على بعد قدم واحدة- مما يعرضه لخطر أكبر للإصابة بمشكلات تنكسية في العين مثل فقدان البصر، انفصال الشبكية، وإعتام عدسة العين، والجلوكوما”.
هناك أيضا حالات وراثية مثل متلازمة ستكلر ومتلازمة مارفان التي تسبب قصر النظر الشديد. كما أن معاناة أحد الوالدين من قصر النظر تزيد من خطر الإصابة، خاصة إذا كان الوالد يعاني من قصر نظر شديد. وإذا كان كلا الوالدين يعانيان من قصر النظر، فإن الخطر يصبح أكبر، ودرجة قصر النظر تميل إلى أن تكون أسوأ.
لا يمكن علاج قصر النظر، ولا يمكن للأطفال “التخلص” منه، ولكنه يمكن تصحيحه باستخدام النظارات الطبية أو العدسات اللاصقة، وبالنسبة للبالغين، الجراحة بالليزر، وفقا للمعهد الوطني للعيون.
يمكن للشباب الذين هم في أوائل العشرينيات أيضا أن يعانوا من تقدم متأخر في قصر النظر بسبب العمل القريب المفرط، وفقا لإسترادا. وبعد بلوغهم الأربعينيات، قد يصاب البالغون بطول النظر الشيخوخي، حيث تصبح العدسة أقل قدرة على الانحناء للتركيز على الأشياء. تلك الفئة العمرية قد تعاني من إجهاد العين أو التعب بشكل كبير، والبعض قد يصاب بازدواج الرؤية بسبب عدم القدرة على الحفاظ على التركيز القريب.
نصائح للوقاية
هناك خطوات يمكن للآباء اتخاذها لتقليل خطر إصابة أطفالهم بقصر النظر أو تفاقمه، وفقا للخبراء:
- تقليل وقت الشاشة: تحديد وقت استخدام الشاشة لأغراض غير دراسية إلى ساعة واحدة أو أقل يوميا. يقول سير: “قد يكون هذا صعبا على المراهقين، ولكن الوقت المهم هو السنوات الأصغر عندما لا يزال لديك بعض السيطرة على استخدامهم لهذه الأجهزة”.
- مسافة الشاشة: اطلب من الأطفال إبقاء الشاشة على الأقل على مسافة طول الذراع. حماية الأجهزة: وضع الجهاز اللوحي في غطاء ثقيل من الصعب على الطفل حمله لفترات طويلة، أو وضعه على حامل على مكتب.
- الخروج في الهواء الطلق: قضاء ساعتين يوميا في الخارج هو وسيلة وقائية جيدة ضد قصر النظر، كما تقول إسترادا. تشير الأدلة المتزايدة إلى أن زيادة وقت الطفل في الخارج يساعد على منع ظهور قصر النظر، على الرغم من أن بعض الأبحاث تشير إلى أنه من غير المحتمل أن يبطئ تقدمه في العيون التي تعاني بالفعل من قصر النظر.
- الفحوصات الدورية: إجراء فحص عين احترافي واحد على الأقل لكل طفل، بما في ذلك الأطفال الرضع، قبل دخولهم الروضة.