أحلام اليقظة حالة يكون فيها الشخص مستيقظا لكن عقله يتخيل ويستحضر سيناريوهات أو حالات ووقائع. وهي تجربة طبيعية وشائعة لدى كثير من الناس، ويمكن أن تكون هذه الأحلام واقعية، وقد تصل أحيانا إلى الهلوسة.

كيف تبدأ أحلام اليقظة؟

اكتشف الباحثون مناطق في الدماغ لا تكون نشطة أثناء مهامنا الإدراكية، ولكنها تنشط في الوقت الذي نفكر فيه بأحلام اليقظة، وتعرف هذه المناطق “بشبكة الدماغ الافتراضية”، وتربط أجزاء من الجهاز الليمبي والقشرة الجبهية ومناطق أخرى من الدماغ تسيطر على التجارب الحسية.

ولذلك عندما يتم تنشيط الشبكة الافتراضية، فإنها تولد ما يمكن تسميته “الفكر المستقل عن المحفزات”، وهو جوهر أحلام اليقظة، كما يشرح موقع الأبحاث الأكاديمية ذات الصلة بمجالات النفس والعقل والصحة العقلية “سايبوست” (PsyPost).

هل ندخل عالم أحلام اليقظة عمدا؟

ورغم أن البعض قد يعتقد أن أحلام اليقظة اليومية شيء يحدث بطريقة غير مقصودة، فإن الأبحاث تشير إلى أن الناس في بعض الأحيان ينغمسون في أحلام اليقظة عمدا، وفقا للنتائج المنشورة في 2016 في مجلة “سيكولوجيكال ساينس” (Psychological Science).

ففي هذه الدراسة، طلب الباحثون من الأشخاص إكمال مهمة إدراكية سهلة، ووجدوا أن المشاركين عادة يدعون أذهانهم تجول في أحلام اليقظة عمدا ولا يولون الكثير من الاهتمام لما يقومون به، ولكن عندما طُلب من المشاركين إكمال مهمة أكثر تحديا وتتطلب تركيزا أكبر لوحظ عليهم المزيد من التركيز والانغماس في المهمة، والابتعاد عن التشتت بأحلام اليقظة.

وقال الباحثون إنهم يعتقدون أن الناس يتركون أذهانهم تسبح في أحلام اليقظة عمدا أثناء المهام السهلة لأنهم يعلمون أن الابتعاد عن الاهتمام بما يقومون به لن يؤثر على أدائهم، ولكن عند القيام بمهمة صعبة يعلمون أنهم بحاجة إلى التركيز لإكمالها بشكل جيد.

حركة العين أثناء أحلام اليقظة

تشير الأبحاث إلى أن من أعراض الانغماس في أحلام اليقظة تحريك طرف العين بشكل متكرر. ففي دراسة أجريت عام 2010 طلب الباحثون من المشاركين قراءة مقطع من كتاب وتتبعوا حركات عيونهم أثناء القراءة، كما تتبعوا إذا كانت أذهانهم تسرح أو أنهم حافظوا على تركيزهم.

كما كان الباحثون يسألون المشاركين من وقت لآخر عما إذا كانوا يسرحون بأذهانهم بعيدا عن المهمة، ووجدوا أنهم يحركون طرف العين أكثر خلال اللحظات التي تتشتت فيها أذهانهم، مقارنة باللحظات التي كانوا أكثر تركيزا على المهمة.

كم من الوقت نقضي في أحلام اليقظة؟

نقضي في الواقع ساعات كثيرة في أحلام اليقظة، وقد تصل أحيانا إلى نصف ساعات الاستيقاظ، وفق دراسة واحدة على الأقل قام بها باحثون في جامعة هارفارد، قبل نحو عقد من الآن ونشرت نتائجها في مجلة “ساينس” (Science).

في هذه الدراسة، طور الباحثون تطبيقا يطلب من المشاركين (أكثر من ألفي شخص) في التجربة أن يخبروا عن الذي يفعلونه في أي لحظة من اللحظات خلال اليوم (باستخدام أسلوب يسمى تجربة الاستشعار التجريبي)، وأن يبلغوا عن مستوى سعادتهم في تلك اللحظة الخاصة.

وأظهرت النتائج أن المشاركين يقضون 47% من يومهم في أحلام اليقظة بدل العمل في المهمة التي كان يفترض أن ينجزوها، وأشار المشاركون إلى أنهم كانوا أقل سعادة بكثير أثناء أحلام اليقظة.

إذا كنت عالقا في مشكلة، فإن السماح لعقلك بأن يسرح بعيدا لفترة في أحلام اليقظة قد يساعدك على التحرر من المشكلة. وتشير الأبحاث المنشورة عام 2009 في مجلة “بروسيدينغ أوف ذا نانشيونال أكاديمي أوف ساينس” (Proceedings of the National Academy of Sciences) إلى أن مناطق الدماغ التي تسمح للأشخاص بحل المشاكل المعقدة تصبح أكثر نشاطا أثناء أحلام اليقظة.

وتقول مؤلفة الدراسة كالينا كريستوف (وهي عالمة نفسية في جامعة بريتش كولومبيا البريطانية) “غالبا ترتبط أحلام اليقظة بأشياء سلبية مثل الكسل أو الانشغال، ولكن هذه الدراسة تظهر أن أدمغتنا تنشط جدا عندما نحلق في أحلام اليقظة”، مما يعني أن أحلام اليقظة قد تشتت انتباهنا عن المهام الفورية لحل مشاكل أخرى أكثر أهمية، وفقا للباحثين.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © الإمارات اليوم. جميع حقوق النشر محفوظة.
Exit mobile version