للإعلانات تاريخ طويل وقديم، يمتد إلى زمن المصريين القدماء. وبدءا من البرديات المصرية القديمة وصولا إلى العصر الرقمي الحديث، ظل الهدف ثابتا، وهو الوصول إلى عملاء محتملين.
وكان الباعة في العصور القديمة يعلنون عن منتجاتهم شفهيا، وفي وقت لاحق اكتشفوا أن اللافتات المنحوتة تجذب الجمهور بطريقة أكبر، فبدؤوا استعمالها، وبالفعل زادت المبيعات.
وعُثر على أول إعلان مكتوب على الإطلاق في أنقاض مدينة طيبة المصرية القديمة. وكان عبارة عن بردية كتبها أحد تجار الرقيق في عام 3000 قبل الميلاد، بحثا عن عبد هارب، ويروّج فيها التاجر لمصنع النسيج الخاص به.
الطباعة وتطور الإعلانات
مع تعاقب العصور، تطوّرت الإعلانات المكتوبة بشكل كبير، لا سيما مع ظهور الطباعة وتطورها في القرنين الـ15 والـ16. وبحلول القرن الـ17، بدأت صحف لندن الأسبوعية نشر الإعلانات التي ازدهرت في القرن الـ18. وترافق التوسع الصناعي الكبير في القرن الـ19 مع نمو صناعة الإعلانات.
وشهد ذلك القرن ظهور الوكالات الإعلانية في الولايات المتحدة الأميركية، وكان الوكلاء في البداية مجرّد وسطاء لعرض المساحات المتاحة في الصحف. وبحلول القرن الـ20 توسع عمل وكالات الإعلان، وأصبحت تخطط وتنفذ حملة إعلانية كاملة، بدءا من البحث عن الفكرة، إلى إعدادها وعرضها في وسائل الإعلام المختلفة.
أول إعلان تلفزيوني
ظهر أول إعلان تلفزيوني على الشاشات في أميركا عام 1941، قبل مباراة في البيسبول بين فريقي “بروكلين دودغرز” و”فيلادلفيا فيليز”، وكان عبارة عن إعلان موجز لساعات “بولوفا”. وشكلت تلك اللحظة الصغيرة شرارة أولى لمهنة ستعرف ازدهارا كبيرا في العقود اللاحقة.
من هنا بدأت فكرة إيجاد علاقة بين المشاهدين والعلامات التجارية، وظهرت وجوه شهيرة من نجوم السينما والغناء للترويج لسلع مختلفة. وعلى الرغم من اختلاف الشخصيات والمنتجات، فقد كان للإعلانات هدف واحد، وهو البيع.
لا للإعلانات
حدث تغيّر جذري في المشهد الإعلاني في السنوات الأخيرة، إذ أصبح في إمكان الجمهور أن يختار بإرادته عدم متابعة الإعلانات. فمع سطوة العصر الرقمي، ظهرت تطبيقات عدة تمنع ظهور الإعلانات ومع ظهور منصات البث المختلفة، أصبح هناك خيار عدم مشاهدة الإعلانات، وهو تلميح للمعلنين بأن يتخذوا مسارا جديدا يقترب من ذائقة الجماهير وطبيعتهم التي أصبحت أقل ثقة بالإعلانات التجارية. وهنا ظهرت فكرة المحتوى الإعلاني الذي ينتجه المستخدمون.
ظهرت فكرة المحتوى الإعلاني (UGC User Generated Content)، وهو المحتوى الذي ينتجه المستخدمون، بعدما فقدت الجماهير ثقتها بالإعلانات، ويمكن أن يكون المحتوى عبارة عن صور أو مقاطع فيديو أو منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، مثل حملات شركات المشروبات الغازية التي تطلب من المستخدمين تصوير أنفسهم مع المنتج في أماكن مختلفة، ثم تستخدم الشركة تلك الصور للترويج لمنتجها، وتربح ملايين الإيرادات من دون أن تدفع شيئا.
عندما أصبحت الأولوية للعملاء
بعدما كانت الأولوية للمنتج في بداية الأمر، أصبحت الآن للعملاء، أي أن الشركات باتت تضع حاجات العميل ومتطلباته قبل أي شيء آخر، عن طريق بناء علاقات قوية مع المستهلكين وتحديد رغباتهم وتقديم أفضل خدمة ممكنة لهم.
مع هذا الاتجاه ظهرت فكرة “خدمة العملاء” التي تسمح بتواصل مباشر بين العميل ومقدم الخدمة أو المنتج. كما ظهرت فكرة خدمة ما بعد البيع بهدف زيادة ثقافة الاهتمام بالعميل، لسبب أساسي واحد هو تحقيق النجاح، إذ تحتاج كل شركة منتجة إلى التكيّف المستمر مع رغبات العملاء المتغيّرة باستمرار حتى لا تتراجع أسهمهم أمام منافسيهم.
الصدقية مع العملاء
بعدما أصبحت الأولوية للعملاء، بات على المنتجين تحرّي الصدقية مع العملاء. فعلى الرغم من تعدد العبارات الرنانة، فإن الصدقية يجب أن تكون متجذّرة بعمق في أي إستراتيجية تسويقية من أجل زيادة العملاء والحفاظ عليهم، وهو الهدف الأهم لأي مسوق.
ومن خلال الأصالة والصدقية، تُبنى علاقة قائمة على الثقة بين المنتج والجمهور، ولا سيما أن المستهلكين أصبحوا أقل سلبية من أي وقت مضى، ولديهم طرق متعددة للتعبير عن رفضهم أو إعجابهم بمنتج ما. فالفكرة الكلاسيكية عن الأفراد كمتلقين قد عفا عليها الزمن، وأصبح في إمكان المستهلكين الناشطين أن ينتجوا محتوى موازيا لأساليب التسويق التقليدية.