تعد الاضطرابات الجوية جزءا لا مفر منه في أي رحلة طيران، وقد تحدث بصورة بسيطة لا تشعر بها، أو تكون عنيفة تزيد من ضغوط رحلتك. فإذا كنت ممن يشعرون بالخوف من الاضطرابات الجوية؛ فلا تقلق، أنت لست وحدك! إذ تعد حركة الطائرة بصورة مفاجئة وعنيفة من أصعب الكوابيس التي يخافها معظم الركاب.
دورية “إيروسبيس ميدسين آند هيومن برفورمانس” المتخصصة في السلوك الإنساني في الطيران، نشرت دراسة عن أكثر أسباب القلق أثناء رحلات الطيران، موضحةً أن المطبات الهوائية تعد مصدرا رئيسيا للتوتر أثناء الطيران، إذ يظن الركاب أنها علامة على أن الطائرة قد تسقط.
ما الاضطراب الجوي؟
غالبا ما تسير الطائرات بتيارات الرياح دون مشاكل، ما يجعل معظم الرحلات الجوية تمر بسلاسة. إلا أن بعض التغيرات المفاجئة تظهر أحيانا، لتؤثر على تجربة الطيران. فقد يتسبب التغير المفاجئ في سرعة الرياح أو اتجاهها في اندفاع الطائرة إلى الأمام بقوة أو إبطاء سرعتها بشكل غير متوقع، وهو ما يسبب اهتزازات جانبية.
ووفق موقع “ترافل أند ليجر”، يحتاج الطيارون في مثل هذه الحالات للاستجابة بسرعة للتغيرات لضمان استمرارية الرحلة بأمان، وهو ما يتطلب مهارات متقدمة في التحكم والتكيف مع الظروف المتغيرة في الجو.
ما أسباب الاضطرابات؟
بحسب تقرير نشرته صحيفة “ذا تايمز” البريطانية، فإن أي تغير قد يطرأ على الهواء المحيط بالطائرة قد يتسبب في اضطرابات جوية. على سبيل المثال، قد يكون الطيران خلال العواصف صعبا؛ لأن الطائرة ستواجه مستويات مختلفة من المقاومة أثناء تحركها عبر السحب الكثيفة. كما يمكن أن تتأثر بالرياح القادمة من اتجاهات مختلفة بسرعات مختلفة.
وتكون الرحلات الجوية فوق الجبال العالية مليئة بالاضطرابات عادة؛ نتيجة اصطدام تيارات الهواء بالتضاريس الجبلية وخلق تيارات هوائية غير مستقرة.
كما يمكن أن تتعرض الطائرة لبعض الصعوبات عند إقلاعها في النهار خلال درجات الحرارة المرتفعة وارتفاعها إلى مناطق شديدة البرودة في الجو، وهو أحد الأسباب التي تجعل الرحلات الليلية أكثر سلاسة.
ومن المعروف أن الرحلات فوق خط الاستواء تكون وعرة أيضا؛ حيث تتصادم الرياح القادمة من نصف الكرة الشمالي والجنوبي، وتجتمع درجات الحرارة المختلفة معا، وهو ما يجعل تكوّن العواصف أمرا أكثر شيوعا.
ثم يأتي عامل تحليق طائرات أخرى قريبة في المسارات المزدحمة، فعندما تتحرك إحدى الطائرات في الهواء، فإنها تسبب اضطرابات مشابهة لتأثير القوارب، وهو ما يعني وعورة إضافية للطائرات القريبة.
هل تُسقط الاضطرابات الجوية الطائرات؟
تم تصميم الطائرات لتحمل مختلف الظروف الجوية الصعبة، بدءا من الاضطرابات الخفيفة وحتى الاضطرابات المعتدلة، بنفس الطريقة التي تم بها تصميم السيارات للتعامل مع الطرق الوعرة أو القوارب للتعامل مع البحار المتلاطمة.
ورغم أن المطبات الهوائية والاضطرابات الجوية ليست العوامل الوحيدة التي قد تؤدي إلى حوادث الطائرات، فإن لها تأثيرا نفسيا كبيرا على ركاب الطائرات، وفق موقع “ترافل آند ليجر”.
لكن وفقا لإدارة الطيران الفدرالية الأميركية، فإن الاضطرابات الجوية تسببت بحوالي 160 إصابة خطيرة بين عامي 2009 و2012. وبالنظر إلى أن إدارة الطيران الفدرالية تتعامل مع 45 ألف رحلة جوية يوميا، فإن هذا يجعل الإصابات نادرة جدا.
وتنصح الإدارة الركاب بالبقاء جالسين قدر المستطاع، وربط حزام الأمان دائما، وعدم الوقوف أبدا عندما تكون إشارة حزام الأمان مضاءة لمنع الإصابات المرتبطة بالمطبات الهوائية.
كيف تتجنب الطائرات الاضطرابات الجوية؟
بعيدا عن الأفلام الحركية والوثائقيات المرعبة عن الكوارث الجوية، فإن الطائرات الحديثة مصممة بميزات تسمح لها بالتعامل مع مختلف الظروف الجوية بفعالية.
إليك بعض الطرق التي تمكّن الطائرات من تجنب الاضطرابات الجوية، وضمان سلامة الرحلات، وهو ما يعزز الثقة في قطاع الطيران ويضمن تجربة سفر آمنة للمسافرين:
كيف تحافظ على هدوئك؟
إليك كيفية الحفاظ على هدوئك خلال رحلة جوية مليئة بالاضطرابات الجوية:
- استمع إلى طيارك جيدا: إذا كنت تشعر بالقلق من الاضطرابات الجوية، فعليك أن تنتبه بشدة إلى الإعلانات الصادرة من قمرة قيادة الطائرة، ففي معظم الأوقات يقوم الطيارون بالإبلاغ عن الهواء الشديد والمطبات الجوية المتوقعة، ويحددون الفترة الزمنية والأسباب مثل تغيرات الارتفاع أو الرياح وتلك المعلومات بالتأكيد ستجعلك أقل اضطرابا.
- اهدأ وتنفس بعمق: قد تبدو تلك النصيحة نمطية، لكنها بالفعل من أهم الأمور التي عليك القيام بها، بل إن شركات الطيران نفسها أصبحت على ثقة من هذا الأمر فقد تعاقدت مجموعة من بعض كبرى شركات الطيران مع متخصصين في الصحة النفسية والتأمل لتقديم خدماتهم على متن طائرتها.
إن كنت تشعر بالقلق خذ نفسا عميقا للمساعدة في إبطاء تنفسك وأخرج الزفير من فمك ببطء وحاول أن تفكر في أمور أخرى غير الرحلة مثل إجازتك كيف ستقضيها وتخيل الشاطئ، ولا تفكر في أمور مزعجة.
- شتت انتباهك: حاول ألا تشعر بالفراغ أثناء رحلتك، مارس أي نشاط يشغل تفكيرك، استغل الوقت المتاح لك أثناء الرحلة لقراءة كتاب، أو الاستماع إلى الموسيقى، أو إعداد قائمة المهام. استكشف الأفلام والعروض على شاشة ظهر مقعدك أو قم بتنزيل وسائل ترفيهك الخاصة قبل الرحلة. إذا كنت مسافرا مع زوجتك أو صديقك، فتحدث معه عن شيء لا علاقة له بالرحلة.
- اختر مقعدك بحكمة: أثناء حجز مقعدك، تجنب اختيار المقاعد الخلفية في الطائرة. طبقا للطيار باتريك سميث وصاحب موقع “أسك ذا بيلوت” المتخصص في تقديم نصائح ومعلومات عن الرحلات الجوية، فإن أفضل مكان للجلوس في الطائرة هو القريبة من الأجنحة، وهو الأقرب إلى مراكز الرفع والجاذبية في الطائرة، فعندما تؤثر الرياح على الطائرة أو يحدث اضطراب فإن أقل الأماكن تأثرا هي المقاعدُ بالقرب من الأجنحة، أما أكثرها تأثرا المقاعدُ في مؤخرة الطائرة.
وإن لم تكن الطائرةُ ممتلئة وشعرت بعدم الراحة أو عدم الأمان في مكانك، فلا تخجل من أن تطلب من المضيفة تغيير مقعدك.
- تحدث إلى طاقم الطائرة: لا يقتصر دور طاقم الطائرة على توزيع الوجبات والعصائر، بل يتم تدريبهم أيضا على الحفاظ على النظام وتعزيز السلامة وتقديم الدعم للركاب، لذلك لا تتردد في التواصل مع أحد أفراد طاقم الطائرة إذا كنت بحاجة إلى الطمأنينة أو حتى إلى لحظة من الإلهاء.
في النهاية عليك أن تعرف أنه على الرغم من أن الطيران في السماء قد يبدو أمرا شاقا وقد تبدو الفكرة مخيفة قليلا، فإن الطائرات تعد واحدة من أكثر وسائل النقل أمانا.
كما أن الطيارين والمضيفين محترفون ومدربون تدريبا عاليا، وأهم هدف لأي رحلة طيران هي أن تصل إلى وجهتك بأمان.