ولا يخفي كثر في لبنان أسفهم على ما آلت إليه أوضاع شارع الحمرا، الذي كان لعقود قبل سنوات الحرب، منبعا للثقافة والفكر والفن.
أدت تبعات الأزمة الاقتصادية إلى حمل مظاهر الفوضى والبؤس والتسول، إلى شارع ارتاده كبار الفنانين العالميين في سنواته الذهبية، فتغيرت هويته وهجره رواده.
وأقفلت معظم مسارح المدينة وسكن شارع الحمرا ظلمة وفراغا بدلت من هويته التي قيل فيها يوما إنها منبع الثقافة في المنطقة.
نجا الشارع الذي استقطب فنانين ومثقفين وطلبة من تداعيات الحرب الأهلية، لكنه سقط بعد التحولات الكبرى التي شهدتها البلاد خلال السنوات الأخيرة.
وفي حديث لسكاي نيوز عربية، قال نعيم، وهو صاحب كشك للصحف والكتب: “أقفلت المسارح وصالات السينما وتأثر الحمرا كثيرا بالاقتتال الأهلي خلال الحرب، إضافة إلى الانقسامات السياسية التي شهدتها البلاد في السنوات الأخيرة”.
رواده اليوم قلة، معظمهم سياح جدد يجوبون أرصفته، تلك التي كانت يوما مقاعد جلس عليها طالبو علم وثقافة.
أما اليوم، تمتلئ تلك الأرصفة بأجساد المشردين وأغراضهم وتعج في فضائه، بينما انتشرت أصوات متسولين باتت أعدادهم أكبر من قدرة الأجهزة الأمنية على معالجة ظاهرتهم.
وقال محمد الريس، نائب رئيس تجار الحمرا: “كبار الفنانين العرب والأجانب زاروا الحمرا خلال أيام عزها، لكن المشهد اليوم تبدل. ونعاني كثيرا من ظاهرة المتسولين التي نرجو من المسؤولين إيجاد حل لها”.
وأقفلت المقاهي التي شهدت طاولاتها جدالات فكرية وشهادات نضال، وهجر روادها، مع تبدل وجهها السياسي.
وحلت مكانها مقاه جديدة تلبي رغبات السياح، تقدم بشكل كبير “النرجيلة”، وأخرى تحولت إلى محلات لبيع ملابس وأحذية لماركات عالمية.
وقال مكرم رباح، وهو كاتب لبناني: “هجر رواد الحمرا شارعهم بعد أحداث السابع من أيار، ولجأوا إلى بدارو والأشرفية حيث المناطق أكثر أمنا”.
كما يرتبط تراجع دور الشارع بتراجع الحركة الثقافية في البلاد، وتحول أولويات السكان بعد الأزمة الاقتصادية.
الحمرا الذي قيل فيه إنه شارع الحداثة والعراقة، فإذا بالفوضى التي تعم البلاد تسحب من قلبه النبض وتحوله إلى “شارع للأشباح”.
كثيرون يتأسفون لما آل إليه وضع هذا الشارع، وقد فقدوا الأمل بإعادة إحيائه، طالما أن رواده عثروا على مكان بديل استوطنوا فيه بحثا عما يشبه أمزجتهم، وإن تبدلت قليلا.