على جانب من ميدان التحرير، أشهر الميادين في قلب القاهرة، تقف عشرات الدراجات خلف لافتة “كايرو بايك”، معلنة توقفا “مؤقتا” لمشروع طموح توقع بعضهم أن ينهي أزمة الزحام في العاصمة المصرية.

وفي أماكن متفرقة من العاصمة المصرية، لا تزال الحواجز التي صُممت كي تُربط بها الدراجات خالية، ليتساءل المارة: متى يعود راكبو الدراجات إلى شغل هذه المسارات؟

وفقا للعامل المسؤول عن تأجير الدراجات في موقع المشروع بميدان التحرير، يمكن لأي شخص استئجار الدراجة بـ30 جنيها (نحو دولار) في الساعة، أو شراء بطاقة للاشتراك بمبلغ 100 جنيه يمكنه استخدامها وإعادة شحنها.

ويوضح العامل، الذي رفض ذكر اسمه، أن تطبيق “كايرو بايك” على الهاتف المحمول، الذي كان يُستَخدم للبحث عن أماكن وجود الدراجات واستئجارها، متوقف الآن حتى إشعار آخر، وأن هذه المحطة مخصصة حاليا لتأجير الدراجات نقدا.

ويكشف المهندس محمد سامي، مؤسّس مبادرة “غو بايك” وأحد شركاء مشروع “كايرو بايك”، عن أن المشروع الأخير لم يتوقف على الإطلاق، وكل ما يتردد عن توقفه كلام عار من الصحة.

ويشير سامي إلى أن المرحلة الأولى من المشروع واجهت بعض التحديات، ويتم حاليا معالجتها، وسيتم الإعلان عن عودة المشروع من جانب محافظة القاهرة قريبا.

وكشفت مصادر مطلعة في محافظة القاهرة لمواقع صحفية مصرية عن وجود مشكلة مع الشركة المسؤولة عن تشغيل مشروع “كايرو بايك”، وقد تم الانتهاء منها، ووعدت بعودة المشروع قريبا.

انطلاق المشروع وعثراته

وكانت محافظة القاهرة أطلقت، أكتوبر/تشرين الأول الماضي، المرحلة الأولى من مشروع “كايرو بايك”، أول منظومة عامة لـ”الدراجات التشاركية” في مصر، التي تتضمن 500 دراجة و45 محطة في أحياء القاهرة، بالتعاون مع مؤسسات دولية، منها مؤسسة “دروسوس” السويسرية وبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية.

وشهدت أعمال المرحلة الأولى من المشروع تخطيط بعض شوارع وسط البلد، أبرزها شارع طلعت حرب، برسم مسار معزول بعرض متر إلى مترين مخصص للدراجات إلى جوار مسار السيارات.

واعتبرت محافظة القاهرة أن المشروع يدعم تكامل وسائل المواصلات والحد من التلوث وتخفيف الاعتماد على السيارات، لخفض الكثافة المرورية في وسط القاهرة من خلال 26 محطة تتضمن 250 دراجة. ولقي المشروع ترحيبا كبيرا من أبناء العاصمة.

لم تمر بضعة أشهر على إطلاق “كايرو بايك”، حتى تداول مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي صورا لحالة التدهور التي أصابت المشروع، مع توقف كثير من محطاته عن العمل واختفاء عدد من الدراجات. وأثار توقف المشروع انتقادات واسعة، وعزت منشورات غاضبة أسباب الفشل إلى تصميم الدراجات وحواجزها، وضعف أقفال ربطها بالحواجز.

أسباب التوقف

تتعدد الأسباب التي جعلت “كايرو بايك” مشروعا “ميّتا إكلينيكيا”، ويعزو القائمون على المشروع الفشل إلى عمال توصيل الطلبات (الديلفري)، الذين استغلوا الدراجات ذات الإيجار الزهيد ليستخدموها طوال اليوم، بدلا من دراجاتهم الخاصة، وهو ما أدى إلى تدهور حالة هذه الدراجات سريعا.

وفي تصريحات سابقة، أوضح مدير “كايرو بايك” هاني أبو قمصان أن المشروع مخصص للعامة، وليس لعمال توصيل الطلبات الذين يدفعون مبالغ زهيدة لاستخدام الدراجات الخاصة بالمشروع طوال اليوم، خاصة أن هذه المبالغ لا تغطي تكاليف الصيانة.

وقالت مصادر رسمية في محافظة القاهرة -لصحيفة “أخبار اليوم” (حكومية)- إن إلغاء المحافظة التعاقد مع الشركة المشغلة للمشروع يعود إلى عدم الالتزام بأهم المعايير، مثل استخدام تطبيق “كايرو بايك” على الهواتف المحمولة لاستئجار الدراجات ومراقبة سيرها عبر نظام تتبع المواقع “جي بي إس” (GPS).

ومع حالة الارتباك التي تسود “كايرو بايك”، يواصل مشروع طموح آخر النمو ببطء، منذ عام 2020، جاذبا الشباب في القاهرة وغيرها من المدن المصرية، ويهدف إلى تأجير الـ”سكوتر” عبر تطبيق “رابت” (rabbit)، كوسيلة مواصلات نظيفة وسريعة للتجوال وسط زحام الشوارع.

وشمل المشروع في بدايته محطات محدودة في القاهرة والجيزة، لكنه سرعان ما توقف بسبب جائحة كورونا. وعام 2021، توسع المشروع في أماكن مختلفة في الزمالك والشيخ زايد والتجمع الأول، وتوسع خلال عام إلى مدن مختلفة في مصر.

ووفقا للقائمين عليه، فإن يوجد فريق متخصص لصيانة الـ”سكوتر”، مع تتبّع مشكلات العملاء وحلّها في أسرع وقت. وقد شارك المشروع في قمة المناخ “كوب 27” (COP27) التي استضافتها مدينة شرم الشيخ العام الماضي.

بين الدراجات والـ”سكوتر”

يرى البعض أن تفوّق مشروع الـ”سكوتر” على نظيره الخاص بالدراجات يعود إلى الإدارة الناجحة، من خلال القطاع الخاص.

ويشتكي آخرون من ارتفاع سعر إيجار الـ”سكوتر” مقارنة بالدراجات، مما يجعلها وسيلة ترفيهية للشباب لتجربتها أو التمتع بها، أكثر من كونها وسيلة عملية لإنجاز بعض المهمات، والتحرّك خلال أوقات الزحام.

يقول عبد الرحمن، شاب في أوائل العشرينات، إن الـ”سكوتر” ليس عمليا للتجوال في شوارع القاهرة المزدحمة، وإن بدل إيجاره مرتفع مقارنة بالدراجة، كما أن أماكن توافره لا تزال محدودة.

ويشير كيرلس، طالب في إحدى الجامعات الخاصة، إلى أن إيجار الـ”سكوتر” يصل إلى أكثر من 60 جنيها (نحو دولارين) في الساعة. وهو يستخدمه، أحيانا، للذهاب إلى الجامعة في حي الشيخ زايد، ولكنه لا يخرج من نطاق الحي لعدم توافر محطات كثيرة خارجه. لذلك، كان يأمل في أن يوفر مشروع “كايرو بايك” وسيلة انتقال مناسبة ورخيصة للتجوال بين أحياء القاهرة، لا سيما إذا امتدت مسارات الدراجات الخاصة إلى كل شوارع العاصمة.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © الإمارات اليوم. جميع حقوق النشر محفوظة.
Exit mobile version