كارولينا الشمالية- تُعرف ولاية كارولينا الشمالية الواقعة في الجنوب الشرقي للولايات المتحدة الأميركية، بتنوعها الثقافي الغني، ويعتبر المجتمع المسلم من أسرع المجتمعات نموا في الولاية.

من المناطق الحضرية مثل العاصمة رالي ومدينة شارلوت إلى المدن الصغيرة، ازدهر المجتمع المسلم في كارولينا الشمالية في العقود الأخيرة.

ووفقًا للتقديرات الأخيرة، يشكل المسلمون بين 1 و2% من سكان الولاية، إلا أن هذه النسبة مستمرة في الارتفاع مع تزايد عدد الأشخاص من خلفيات مختلفة الذين يتخذون من كارولينا الشمالية مكانا للإقامة.

وتعتبر الجمعية الإسلامية برالي من أوائل المراكز الإسلامية التي تأسست بالولاية في بداية الثمانينيات من القرن الماضي، وعلى مدى السنوات التي تلت تأسيسه، تحول المركز من مسجد صغير يؤَمّن للمسلمين القلائل في ذلك الوقت تأدية شعائرهم، إلى مركز يقدم خدمات متنوعة للجالية المسلمة التي يرتفع عدد أفرادها بوتيرة سريعة في الولاية.

تاريخ حديث

يعتبر تاريخ المسلمين في ولاية كارولينا الشمالية حديثا نسبيا مقارنة بمناطق أخرى من الولايات المتحدة. ويُعتقد أن أول المهاجرين المسلمين وصلوا في أواخر القرن العشرين، مع موجات كبرى قادمة في الثمانينيات والتسعينيات، عندما تغيرت سياسات الهجرة الأميركية.

وشملت الموجة الأولى مهاجرين قادمين في الأساس من دول عربية مثل مصر والأردن وسوريا ولبنان، ولكن على مر السنين، نمت الجالية المسلمة وتنوعت لتشمل أشخاصًا من بلدان أخرى مثل باكستان والهند والصومال والعراق وغيرها.

يقول المدير التنفيذي للمركز الإسلامي برالي أحمد البيانوني، في حديث للجزيرة نت، إن الجالية المسلمة في كارولينا الشمالية تنحدر من نحو 74 جنسية من مختلف المذاهب والمشارب، تأتي كلها للمركز الإسلامي دون تفرقة للاستفادة من مختلف الخدمات التي يقدمها من صلاة وندوات وتعليم.

ويضيف البيانوني أن المسجد أسس سنة 1985 على يد عدد من الطلبة المسلمين وبعض السكان المحليين الذي يعتنقون الإسلام لتوفير مكان ثابت للعبادة، بعد أن كانوا يستخدمون مجمعا سكنيا للصلاة ومقر مركز الطلبة بجامعة كارولينا الشمالية لإقامة صلاة الجمعة.

ومن أبرز العوامل التي حفّزت نمو المجتمع المسلم في الولاية هو سوق العمل النابض بالحياة، خاصة في مدن مثل رالي وشارلوت، حيث يوجد طلب على العمال المهرة في مجالات التكنولوجيا والرعاية الصحية والتعليم والتصنيع.

هذه الفرص الاقتصادية، إلى جانب الأجواء العامة في الولاية المرحبة بالمهاجرين، جذبت كلا من المهاجرين المسلمين والمسلمين المولودين في أميركا من مناطق أخرى من البلاد.

ويشير موقع الجمعية الإسلامية برالي على الإنترنت إلى أن المركز الإسلامي هو بمثابة مسجد ومدرسة ومكان تجتمع فيه الجالية المسلمة من مثلث كارولينا الشمالية وهي مدن رالي وديرهام وتشابل هيل.

خدمات متنوعة

شهد المركز الإسلامي برالي على مر السنوات مراحل متعددة من التوسع من أجل الاستجابة للأعداد المتزايدة للمسلمين، إلى أن أصبح اليوم مجمعا ضخما يتكون من مبنيين يضمان مصلى رئيسيا ومصلى خاصا بالنساء، ومرافق تعليمية، وقاعة متعددة الأغراض وصالة رياضية، ومكتبة، وفضاء لعب للأطفال، ومطبخا ومقهى.

ولضمان تقديم الخدمات على أحسن وجه، يعتمد المركز على موظفين ثابتين والمئات من المتطوعين الموزعين على مختلف اللجان البالغ عددها نحو 32 لجنة تقوم بمهام متنوعة من أبرزها التعليم والشؤون الاجتماعية والزكاة والدعوة والشباب والحج والصيانة والمشاريع.

وأوضح البيانوني للجزيرة نت أنه وبسبب العدد الكبير من المصلين الوافدين لأداء صلاة الجمعة، ولضمان أن يؤدي أغلب المسلمين هذه الشعيرة رغم اختلاف مشاغلهم وأوقات عملهم، فإن صلاة الجمعة تقام على 3 فترات يؤمها 3 أئمة. لكن صلاة العيد تقام في فضاءات رياضية كبيرة يتم تأجيرها لاستيعاب أكثر من 8 آلاف مصل.

من جانبه، يؤكد الدكتور محمد الجمل الذي يرأس اللجنة الاجتماعية أن لجنته -على سبيل المثال- تقدم أنواعا من المساعدات للمسلمين وكذلك لغير المسلمين، من ذلك تقديم مساعدات مالية للمحتاجين من أبناء الجالية، وإقامة بنك طعام مرة في الشهر يستفيد منه نحو 120 شخصا نصفهم من غير المسلمين. إلى جانب تقديم الدعم المادي والأدبي للوافدين الجدد من اللاجئين القادمين من بلدان مثل سوريا والعراق والصومال والسودان ومن مسلمي الروهينغيا.

ومن الخدمات المهمة التي يقدمها المركز والتي غالبا ما يعاني منها المسلمون في الغرب، خدمة الدفن، إذ اشترى المركز قطعة أرض كبيرة خارج المنطقة الحضرية وجعل منها مقبرة للمسلمين. ويتكفل المركز بكل إجراءات التغسيل والصلاة والدفن وإنهاء الإجراءات القانونية.

واللافت بحسب المدير التنفيذي للمركز هو أن السلطات في الولاية تسمح للمسلمين بدفن موتاهم حسب الشريعة دون إجبارهم على دفنهم في صناديق عكس العديد من الولايات الأخرى.

كما تلعب لجنة الدعوة والتقارب بين الأديان دورا مهما في تقريب وجهات النظر بين مختلف مكونات المجتمع بالولاية، وتصحيح المفاهيم الخاطئة عن الإسلام والمسلمين، ولمحاربة مظاهر معاداة المسلمين.

وقال الدكتور الجمل، الذي تولى سابقا رئاسة الجمعية الإسلامية برالي، إن المسلمين في المنطقة “وجدوا في نظرائهم من الأديان الأخرى خير سند في حالة التعرض لهجوم إعلامي أو تلقي تهديدات حيث يأتون للمساندة والدعم”.

وقد أطلق المركز مبادرات لتثقيف الجمهور العام حول الإسلام، وتعزيز الحوار، ومواجهة الصور النمطية. وكانت هذه الجهود حيوية في خلق بيئة أكثر شمولية للمسلمين في ولاية كارولينا الشمالية.

وحرصا منه على أن يتلقى أبناء الجالية تعليما عصريا إلى جانب الحفاظ على الهوية الإسلامية واللغة العربية، يدير المركز 3 مدارس هي مدرسة الإيمان، وأكاديمية النور للقرآن الكريم، ومدرسة الفرقان التي تقدم دروسا متنوعة في نهاية الأسبوع.

ويختم المدير التنفيذي للمركز الإسلامي برالي حديثه للجزيرة نت بالتأكيد على أن سر قوة المركز تكمن في أنه “انبثق من الجالية وللجالية”، والحرص على تجنب القضايا التي من شأنها أن تفرق أفراد الجالية المسلمة، وكذلك العلاقة الجيدة مع سلطات الولاية من السياسيين وجهات إنفاذ القانون.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © الإمارات اليوم. جميع حقوق النشر محفوظة.
Exit mobile version