في خضم الضجة المثارة حول النظام الغذائي للبحر الأبيض المتوسط طوال ما يقرب من نصف قرن، بدءا من البرامج التلفزيونية، إلى المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي، بخلاف كثير من الدراسات والمقالات التي تُعدد فوائد هذا النظام للصحة وطول العمر، والتساؤلات عن موقف العلم من الادعاءات حول التأثيرات الصحية المفترضة لتناول الطعام وفقا للنظام الغذائي للبحر الأبيض المتوسط.

وبعد أن قام الباحثون بتحليل بيانات أكثر من 12 مليون شخص، “لتحديد نمط الأكل الأكثر صحة على الإطلاق” أظهرت ورقة بحثية جديدة نُشرت في مجلة “نيو إنغلاند” الطبية المرموقة أن “النظام الغذائي المتوسطي يساعد على تقليل الوفاة، والعيش لفترة أطول، وتجنب السرطان، وأمراض القلب والسكري وألزهايمر”، وفقا لما نشره موقع “آي إن سي” مؤخرا.

فما النظام الغذائي للبحر الأبيض المتوسط بالضبط؟ ولماذا يُعد الأفضل للصحة العامة؟ وما ألذ أسراره؟

​​ليس مجرد نظام للأكل

النظام الغذائي للبحر الأبيض المتوسط، هو ثقافة اجتماعية تعتمد على “مجموعة من الممارسات والتقاليد السائدة في بعض البلدان المطلة على حوض البحر الأبيض المتوسط، وخصوصا اليونان وإيطاليا، تبدأ من الاهتمام بالطبيعة، وتنتهي بالمطبخ”.

وقد حمل عالم الأحياء الأميركي أنسيل كيز، وزوجته الكيميائية مارغريت كيز على عاتقهما نشره لأول مرة في عام 1975، “باعتباره أسلوب حياة فريد من نوعه”.

فهو نظام غذائي تشير الدراسات إلى أنه ​​”فعال في الحد من أمراض القلب والأوعية الدموية وبعض أنواع السرطان، ويساعد في الحفاظ على وزن صحي، كما يحد من التدهور المعرفي والاكتئاب، ويدعم الصحة على المدى الطويل”.

وذلك لاعتماده على نمط أكل منخفض السكر واللحوم الحمراء، مقابل مزيد من زيت الزيتون والحبوب الكاملة والبقوليات والأسماك والبيض والفواكه والخضروات الطازجة، والمكسرات والأعشاب والتوابل.

وبحلول القرن الـ21 أصبح النظام الغذائي للبحر الأبيض المتوسط أحد أكثر الأنظمة الغذائية شعبية. ففي عام 2024، احتل المرتبة الأولى للعام السابع على التوالي -منذ عام 2018- كأفضل نظام غذائي صحي للقلب، وأفضل نظام غذائي لصحة العظام والمفاصل، وأفضل نظام غذائي لمرض السكري، وأفضل نظام غذائي للأكل الصحي، كما تم تصنيفه في المرتبة الثانية كأفضل نظام غذائي نباتي.

الحل الأمثل لحياة صحية وطويلة

فالنتائج التي توصلت إليها الورقة البحثية الأخيرة ليست الدليل الأول على أن النظام الغذائي للبحر الأبيض المتوسط له فوائد صحية مثيرة للإعجاب، حيث سبقتها دراسة أجريت بجامعة هارفارد العام الماضي، تابعت ما حدث عندما تحول أشخاص يعيشون في أماكن باردة -كالمملكة المتحدة، على سبيل المثال- يمكنهم الاستفادة من اتباع النظام الغذائي للبحر الأبيض المتوسط.

وخلص الباحثون إلى أن أولئك الذين قاموا بهذا التحول انخفض لديهم خطر الوفاة بنسبة 29% خلال فترة الدراسة، كما انخفض خطر الإصابة بالسرطان بنسبة 28%.

وقبلها وجدت مراجعة أجريت في عام 2020 أن التحول إلى نظام غذائي متوسطي “يُحدث فرقا حقيقيا في صحة القلب والأوعية الدموية، وفي الوفيات الناجمة عن جميع الأسباب، وفي الوقاية من خطر الخرف، ومن مرض السكري، والحفاظ على وزن صحي”.

أيضا، تشيد نتائج الأبحاث بالنظام الغذائي للبحر الأبيض المتوسط ​​باعتباره “الحل الأمثل لحياة صحية وطويلة”، حيث “ينصب ​​التركيز فيه أكثر على ما يجب تناوله من الأطعمة الغنية بالعناصر الغذائية”، مع الحفاظ في الوقت نفسه على وزن صحي، بدلا من “الاستغراق فيما يجب الامتناع عن تناوله”.

وهو ما يمكن أن يساعد في “الحفاظ على تشغيل القلب والأوعية الدموية، والهيكل العظمي، والجهاز الهضمي، والجهاز العصبي، وتقليل خطر الإصابة بالمرض، أو تكرار المرض”، بحسب مايو كلينك.

ومن خلال تضمين جميع المجموعات الغذائية -بدلا من استبعادها، كما في معظم الأنظمة الغذائية الأخرى- يوفر النظام الغذائي للبحر الأبيض المتوسط ​​التغذية الشاملة والاستدامة، التي تسمح باتباع نهجه “إلى الأبد”.

أسرار النظام الغذائي المتوسطي

في مقال لها على موقع “بزنس إنسايدر”، أفشت الكاتبة الأميركية ألكسندرا فروست، بعض أسرار النظام الغذائي للبحر الأبيض المتوسط، بعد أن عاش أجدادها المقدونيون حتى عمر 90 عاما بتمسكهم بها، وهذه 6 منها:

  • لا تخف من الخل، فالأجداد على مائدة العشاء في حوض البحر الأبيض المتوسط، يحملون زجاجة خل في يد وقطعة خبز في اليد الأخرى، حيث يعد الخل وزيت الزيتون من العناصر الأساسية لمنح طعامهم نكهة أخف وألذ.
  • استبدل الأطعمة المغرية بالسلطة اليونانية أو المخلل، فبدلا من الوجبات الخفيفة السهلة مثل “الشيبس” والبطاطس المقلية، يمكن للسلطة اليونانية أن تجعلك تشعر بالرضا تماما، وهي عبارة عن قطع صغيرة من البصل والخيار والطماطم والفلفل الاختياري، يُسكب عليها زيت الزيتون والخل الأبيض أو الأحمر، ثم الملح وجبنة الفيتا. كما يمكن استخدامها كطبقة علوية على كل وجبة، من البيتزا والسندويشات إلى المعكرونة والأرز.
  • أما المخلل أو الطُرشي، فهو تشكيلة شعبية من الخضر المخللة في ملح وخل وبعض الماء، معروفة في منطقة البحر الأبيض المتوسط.
  • استبدل الساندويتشات بالحساء، فرغم أنه من السهل تحضير ساندويتش رتيب وسريع من شرائح السلامي والجبن أثناء فترة الغداء، لكن تناول حساء الدجاج أو العدس مع الليمون -على سبيل المثال- هو طريقة سهلة لتعبئة طبقك بالبروتين والخضار.
  • يمكنك الاستمتاع بالحلوى، فاتباع نظام غذائي متوسطي، لا يعني عدم الاستمتاع بالحلوى، بل يمكن وضع مغرفة من الآيس كريم مع الكثير من الفواكه والمكسرات، أو تناول كوب من مجموعة متنوعة من الفاكهة المقطعة، ضمن مكونات وجبة الإفطار.
  • الفلفل عنصر لذيذ ومتعدد الاستخدامات، تقول فروست “كان جدي يُرجع الفضل في أمعائه الصحية إلى الفلفل”، فهو يُعد أحد المفضلات لدى عائلتي للطهي، حيث يمكن حشوه باللحم المفروم والأرز، كما يمكن لمزيج من صلصة الطماطم والفلفل، رفع مستوى الوجبات السريعة التي قد لا تشمل الخضروات، مثل البرغر بالجبن والبيتزا، بالإضافة إلى الفلفل المشوي الذي يُخلط بزيت الزيتون والخل بعد تقشيره.
  • لا تحتاج إلى التوقف عن تناول منتجات الألبان، فالنظام الغذائي للبحر الأبيض المتوسط لا ​​يُحد من تناول الجبن ومنتجات الألبان، فهو يتضمن الاستمتاع بالجبن كامل الدسم والحليب والزبادي، ويسمح بإضافة الكريمة الحقيقية إلى قهوتنا الصباحية، ويجعل من جبن الفيتا دعامة أساسية في كل وجبة غير وجبة الإفطار.
شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © الإمارات اليوم. جميع حقوق النشر محفوظة.
Exit mobile version