مع ارتفاع معدلات السمنة والتحديات التي يواجهها البعض في تحقيق أهداف إنقاص الوزن، لجأ العديد حول العالم إلى أساليب غير تقليدية تهدف إلى التخلص من الوزن الزائد بشكل فعال.
من بين هذه الأساليب الحديثة يبرز “التنويم المغناطيسي”، الذي يعتمد على تدريب العقل الباطن لتبني نمط حياة صحي والمساعدة في فقدان الوزن.
المعالِجة بالتنويم المغناطيسي، رينا غرينبرغ، تحدثت عن تجربتها الشخصية مع هذه الطريقة، مشيرة إلى أنها كانت العامل الأساسي في مساعدتها على التغلب على إدمان السكر والحلويات. وصرحت لموقع “فيرست فور ومين” قائلة: “لم أكن لأتمكن من إجراء التغييرات المطلوبة باستخدام عقلي الواعي فقط. للحصول على تغيير دائم، كان عليّ أن أتعلم كيفية استغلال القوة الكامنة في عقلي الباطن لتحقيق صحة جسدية ونفسية مثالية”.
ما التنويم المغناطيسي؟
هو وسيلة لدخول الشخص في حالة من الاسترخاء الذهني العميق، حيث ينفصل عن المحيط الذي هو فيه، وينغمس في تجارب داخلية من المشاعر والإدراك والتخيل، وفي هذه الحالة يكون الشخص أكثر تقبلا واستجابة للاقتراحات الإيجابية التي يمليها عليه المعالج والتي تستهدف تعديل سلوكه وتغيير مفاهيم عقله الباطن.
ووفق هيئة الخدمات الصحية الأميركية، يعمل العلاج بالتنويم المغناطيسي على كسر العادات (مثل التدخين أو الإفراط في تناول الطعام) عن طريق وضع العملاء في حالة من الاسترخاء العميق وتحدي سلوكهم غير الصحي.
وتوضح معالجة التنويم المغناطيسي ومدربة الحياة، جيسيكا بوسطن، لموقع (ومينز هيلث)، دور المعالج في استخدام تقنيات وأساليب مختلفة بمجرد استجابة المريض للتنويم لإعادة برمجة أنماط تفكيره المتعلقة بالعادات الصحية والغذائية الخطأ، وغرس عادات سلوكية جديدة مفيدة لإنقاص الوزن الزائد غير المرغوب فيه.
وأضافت خبيرة إنقاص الوزن ومعالجة المشاهير بالتنويم المغناطيسي، سوزان هيبورن، لموقع “ذا صن”، أنها لا تصف نظاما غذائيا لعملائها، ولكنها تلعب على تغيير طريقة تفكيرهم وتعزيز ثقتهم بأنفسهم، حتى يتمكنوا من كبح شهيتهم، ويتعلموا استهلاك كل شيء باعتدال، كما تطلب منهم أن يتخيلوا صورة أجسادهم المثالية على أساس يومي لجعل الأمر يبدو أكثر قابلية للتحقيق.
وتابعت، “أدخل إلى دماغ العميل وأكتشف دوافعه الحقيقية لتناول الطعام، وأقوم بإعادة برمجة دماغه وحذف الملفات التي تعزز زيادة وزنه أو تعزز سلوكه غير الصحي وأستبدلها بملفات جديدة تتعلق بإيجاد بدائل صحية لطعامه وتقليل كميته وممارسة الرياضة”.
وتؤكد سوزان التي تتقاضى ما يقرب من 300 جنيه إسترليني في الجلسة الواحدة، أن هذه الوسيلة تساعد على خسارة ما بين 6 إلى 8 كيلوغرامات خلال الجلسات الثلاث الأولى، ويستمر الوزن في الانخفاض.
ما مدى فعالية التنويم المغناطيسي في إنقاص الوزن؟
تشير بعض الأدلة إلى أن هذه الطريقة قد تكون وسيلة فعالة لعلاج السمنة، منها دراسة نشرت في دورية “الطب البديل والتكميلي” عام 2022، أشارت إلى أن التنويم المغناطيسي قد يؤدي إلى فقدان الوزن وكذلك تغييرات كبيرة في مستويات هرمون اللبتين لدى الأشخاص الذين يعانون من السمنة (اللبتين هو هرمون يساعد على التحكم في تناول الطعام).
وفي تجربة عشوائية نشرتها مجلة “أوبيسيتي” عام 2018، قلل مستخدمو التنويم المغناطيسي الذاتي من تناولهم للسعرات الحرارية بشكل كبير، وفقدوا وزنا أكبر من أولئك الذين لم يستخدموا هذه التقنية، وخسر المشاركون في مجموعة التنويم المغناطيسي ما متوسطه 9.6 كيلوغرامات على مدار عام مقارنة بـ5.6 كيلوغرامات بين أفراد المجموعة الضابطة، كذلك كشفت الدراسة عن أن الأفراد الذين تعلموا كيفية استخدام التنويم المغناطيسي ولكنهم لم يمارسوه بانتظام فقدوا ما متوسطه 6.5 كيلوغرامات.
تعزيز التغيير الدائم
في حين أن معظم خطط إنقاص الوزن لا تعمل على المدى الطويل، فإن أدلة محدودة تشير إلى أن الإستراتيجيات القائمة على الدماغ مثل التنويم المغناطيسي تجعل فقدان الوزن أسهل بمرور الوقت وتستهدف تغييرا طويل الأمد في نمط الحياة . ودراسة نشرتها مجلة “علم النفس السريري” عام 1985، خضع فيها 109 أشخاص للعلاج السلوكي لفقدان الوزن، إما بإضافة التنويم المغناطيسي أو بدونه، وفي نهاية البرنامج الذي استمر لمدة 9 أسابيع، نتج عن كلا التدخلين انخفاض كبير في الوزن، وكشفت المتابعة بعد عامين و8 أشهر عن استمرار مجموعة العلاج بالتنويم المغناطيسي في فقدان الوزن، بينما أظهرت المجموعة الضابطة تغيرات أقل.
علاج تكميلي
لا توجد أدلة علمية مؤكدة حول دور التنويم المغناطيسي كعلاج مستقل، وإنما يكون أكثر فعالية عندما يقترن بخطة سلوكية ونظام غذائي صحي، ويمكن اعتباره بمثابة دافع قوي لبدء السير على الطريق الصحيح في رحلة التخلص من الكيلوغرامات الزائدة.
هذا ما خلصت إليه دراسة نشرتها “المكتبة الأميركية للطب” عام 2009، وأظهرت أن التنويم المغناطيسي كان من بين العلاجات التكميلية الثلاثة الوحيدة القائمة على الأدلة لعلاج السمنة، ولا ينبغي استخدامه بمفرده كعلاج سحري، وإنما جنبا إلى جنب مع تقييد السعرات الحرارية وممارسة التمارين الرياضية.
هل التنويم المغناطيسي آمن؟
ينقل موقع “هيلث لاين” أن السيطرة على العقل أو القيام بشيء ضد إرادتك هما أكبر المفاهيم الخطأ حول التنويم المغناطيسي، وعلى عكس الأساطير، فإن العلاج بالتنويم المغناطيسي لا يعني فقدان السيطرة، بل يتعلق باستعادة السيطرة من الداخل، وأن المعالج لا يستطيع التحكم في الشخص إلى درجة قيامه بشيء ضد إرادته.
ويعتبر التنويم المغناطيسي آمنا لمعظم الحالات إذا تمت ممارسته تحت إشراف معالج متخصص، مع الأخذ في الاعتبار أن كل شخص يستجيب لمحاولات تنويمه مغناطيسيا بشكل مختلف حسب العمر أو الجنس أو الظروف المحيطة. وأظهرت الدراسات أن قابلية التأثر به تزداد بعد سن الأربعين، وأن النساء، بغض النظر عن العمر، أكثر استجابة له.
ومع ذلك ينبغي استشارة الطبيب قبل التفكير في هذا النوع من العلاج، إذ إنه غير مناسب لبعض الحالات، مثل الأشخاص الذين لديهم تاريخ مع الإصابة بالذهان أو الهلاوس أو أنواع معينة من اضطرابات الشخصية أو اضطرابات الأكل، وقد تقف الإصابة ببعض الأمراض الخطيرة مثل السرطان عائقا أمام تجربة هذا النوع من العلاج، وفق ما نشره موقع “ومينز هيلث”.