01:36 م
الأربعاء 12 يونيو 2024
الرياض – (ا ف ب)
وصل مئات الآلاف من المؤمنين إلى مدينة مكة المكرمة، في غرب السعودية، لأداء فريضة الحج الذي يحل موسمه هذا العام في ظل توتر إقليمي تسيطر عليه الحرب الدائرة في قطاع غزة المحاصر. وحذر وزير الحج في السعودية توفيق الربيعة، من أنه لن يتم التسامح مع “أي شعارات سياسية”، مع تخصيص الحج للعبادة فقط.
تحت شمس حارقة ومتوسط حرارة متوقع حوالي 44 درجة مئوية، توافد مئات الآلاف من المؤمنين إلى مدينة مكة المكرمة، في غرب السعودية، لأداء فريضة الحج.
حط المؤمنون في المدينة المقدسة لدى المسلمين في انتظار بدء المناسك الجمعة. وفي المسجد الحرام، الأكبر في العالم، بدأ الحجاج الذين يرتدون لباس الإحرام الأبيض، بالطواف حول الكعبة التي تعدّ قبلة المسلمين في صلواتهم.
وبحسب السلطات السعودية، فقد وصل 1,2 مليون شخص الخميس، من دون احتساب المتواجدين من داخل المملكة.
وشارك في العام 2023 أكثر من 1,8 مليون شخص، جاء نحو 90 في المئة منهم من خارج المملكة، معظمهم من الدول الآسيوية والعالم العربي.
لا “شعارات سياسية” في الحج
ويأتي موسم الحج هذا العام وسط احتدام الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس).
ويعتبر الخبير في الشأن السعودي بجامعة برمنغهام البريطانية عمر كريم أن استمرار هذه الحرب الضروس التي اندلعت إثر هجوم غير مسبوق لحماس على إسرائيل في 7 أكتوبر “يثير الكثير من الغضب في العالم الإسلامي”، ويمكن أن يؤدي إلى ظهور تعبيرات عن التضامن لا تناسب البلد المضيف.
وأعلنت السعودية، التي كانت تدرس قبل الحرب تطبيعا محتملا مع إسرائيل، هذا الأسبوع عن استقبال ألفي حاج من الأراضي الفلسطينية بينهم ألف من قطاع غزة المحاصر الذي يشهد حملة عسكرية إسرائيلية منذ أكثر من ثمانية أشهر.
لكنها حذرت، على لسان وزير الحج توفيق الربيعة، من أنه لن يتم التسامح مع “أي شعارات سياسية”، مع تخصيص الحج للعبادة فقط.
ويشير كريم لوكالة الأنباء الفرنسية إلى أن الحكومة يجب أن تسعى إلى “السيطرة على نشر أي رسالة سياسية أو مظاهرة”، والتي يمكن أن تصبح “خارجة عن السيطرة” وتستهدف القيادة السعودية.
وعلى اعتبار الملك السعودي “خادم الحرمين الشريفين” في أقدس مدينتين لدى المسلمين في مكة والمدينة، يتمتع حكام المملكة بسلطة واسعة إذ يمكنهم منع أي مسلم من أداء الفريضة، بحسب ما تذكر الأكاديمية السعودية المعارضة والمقيمة في لندن مضاوي الرشيد.
وتضيف: “إنهم يريدون أن يظل الحج منصة لتأكيد شرعيتهم في العالم الإسلامي”.
تحدي لوجستي وصحي
وإضافة إلى ذلك، يُمثل الحج إلى مكة مكاسب مالية للمملكة، أكبر مصدر للنفط الخام في العالم، والتي تسعى إلى تقليل اعتمادها على النفط من خلال تطوير السياحة الدينية خصوصا.
وإلى جانب الحج، هناك أيضا مناسك العمرة التي تكون بقصد الزيارة ويمكن أداؤها على مدار العام، وقد جمعت 13,5 مليون معتمر في العام الماضي، مع سعي السلطات للوصول إلى 30 مليون معتمر بحلول العام 2030.
وبالرغم من ذلك، فإن استقبال هذا العدد من المؤمنين في مساحات صغيرة يعد “إنجازا لوجستيا”، كما يؤكد البروفسور في جامعة برينستون الأمريكية برنارد هيكل.
وشهد الحج مآسي عدة في الماضي، لا سيما في العام 2015 عندما خلف تدافع هائل 2300 قتيل. لكن السلطات أجرت منذ ذلك الحين تعديلات كبيرة ووضعت أنظمة لتبسيط تحركات الحشود. كما اعتمدت إجراءات لإدارة المخاطر الصحية، حيث كانت مكة “تاريخيا مكانا لانتقال الأمراض بين الأشخاص الوافدين من مختلف أنحاء العالم”، بحسب هيكل.
وفي عامي 2020 و2021، أجبرت جائحة كوفيد-19 المملكة على تقييد عدد الحجاج ببضعة آلاف، مقارنة بـ2,5 مليون في 2019، وبالعدد القياسي المسجل العام 2012 والبالغ أكثر من 3,1 ملايين.
لكن أحد المخاطر الرئيسية التي يواجهها المؤمنون الذين يجب عليهم أداء معظم شعائرهم في الهواء الطلق داخل مكة وما حولها، يأتي من درجات الحرارة المرتفعة خلال الصيف في منطقة الخليج، وهي واحدة من أكثر المناطق حرا في العالم.
وبما أن مواعيد الحج تُحدّد وفقاً للتقويم الهجري الإسلامي، فإن الحج الكبير يأتي مرة أخرى هذا العام خلال الموسم الحار.
وبحسب السلطات السعودية، عانى أكثر من ألفي شخص من الإجهاد الحراري في العام 2023، وهي ظاهرة يمكن أن تؤدي إلى التجفاف أو التشنجات أو الإرهاق أو مشاكل في القلب والأوعية الدموية.