12:15 ص
الأحد 05 يناير 2025
كتب- محمد شاكر:
أجرى الكاتب الصحفي مجدي الجلاد، رئيس تحرير مؤسسة “أونا للصحافة والإعلام”، حوارا صحفيا طولا مع الكاتب عصام الشريف رئيس تحرير موقع “الحرية”، تناول خلاله العديد من القضايا الساخنة التي تشغل الساحة الإعلامية والسياسية في مصر.
وتطرق الحديث إلى الأوضاع الداخلية، إذ انتقد الجلاد بشدة أداء حكومات الدكتور مصطفى مدبولي، المتعاقبة في الملف الاقتصادي.
كما تناول الحديث عن وضع البرلمان المصري ورؤيته لانتخابات التجديد النصفي بنقابة الصحفيين.
وحول تحليله للوضع الإقليمي وإلى أين تتجه المنطقة، قال الجلاد: أكبر خطأ يمكن ارتكابه في قراءة تحركات وخطط الغرب مثل الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وإسرائيل، قرائتها في اللحظة الآنية، حيث يجب قراءة التاريخ السابق والحالي، وكذلك ما هو قادم.
وأضاف: ما يحدث الآن في المنطقة هو مخطط الشرق الأوسط الجديد، الذي اقترح منذ 15 سنة، وأفسده الشعب المصري في 2013، لأن مصر في أي مخطط غربي هي الجائزة الكبرى، فتاريخيًا مصر هي التي حمت المنطقة بالكامل من المغول والتتار وغيرهم.
وتابع: حاليًا، يسعى الغرب إلى تنفيذ مخطط “الشرق الأوسط الجديد” بالقوة، بدءًا بتصفية القضية الفلسطينية، ثم الانتقال إلى لبنان وسوريا، مع استهداف اليمن والعراق بحلول عام 2025.
الهدف الأساسي هو تفتيت الدول العربية إلى دويلات صغيرة مع تعزيز السيطرة الإسرائيلية، خاصةً في ظل احتلال الكيان الصهيوني لأجزاء كبيرة من سوريا، مما يمهد لاستقبال حرب جديدة في اليمن، بغض النظر عن المواقف من الحوثيين.
وأكمل: الوضع الإقليمي يشير أيضًا إلى استمرار المخاطر حول مصر، حيث تواجه تحديات من مختلف الاتجاهات، بما في ذلك ليبيا. لا يمكن تجاهل تصريحات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي قال إن مساحة إسرائيل الحالية أصغر مما ينبغي، مما يعكس نوايا التوسع. كذلك، إعلان القدس عاصمة للكيان المحتل في عهده يعكس سياسة قائمة على “البلطجة” والنفعية. ومن المتوقع أن تشهد المنطقة المزيد من التحديات خلال السنوات المقبلة، ما يستدعي قراءة واعية ودقيقة للمشهد الإقليمي والدولي.
وحول تقييم حكومة الدكتور مصطفى مدبولي، قال الجلاد: المهندس مصطفى مدبولي صديق لي منذ زمن إلا أني أريد أني أريد أن أستفسر منه عن أشياء كثيرة؛ فأنا مثلًا دهشت جدًا من لقائه الأخير مع رجال الأعمال ورؤساء المؤسسات المالية وإذاعة هذا اللقاء على الهواء -وهذا في حد ذاته تطور إيجابي-، لكن أن تبدو الحكومة وكأنها تسمع هذا الكلام لأول مرة!! فهذه مشكلة.
صحيح أن المتحدثين خلال اللقاء تكلموا بحرية وقالوا كلامًا مهما وطرحوا حلولًا علمية ومنطقية جدًا، لكن عندما يكون المهندس مصطفى مدبولي رئيسًا لحكومات متعاقبة منذ 2018 وحتى 2025، وحتى هذه اللحظة لم نصل إلى صيغة لإعادة هيكلة الاقتصاد المصري باعتباره الأزمة التي ترهق الشارع المصري، فنحن أمام مشكلة كبيرة.
وتابع: الاقتصاد بحاجة إلى إعادة هيكلة يا دكتور مصطفى، وأنت رجل خبير وعارف، وحولك خبراء كثر، فلماذا نستمر في معالجة المشكلات بشكل فردي دون وجود استراتيجية وسياسة واضحة للاقتصاد المصري على مدار ما يقرب من 10 سنوات؟
وواصل: نحن منذ سنوات نشكو من أن لدينا فجوة في الميزان التجاري وأن حجم الصادرات أقل بكثير من حجم الواردات، بما يقرب من 40 مليار دولار.
وكيف تتعامل الحكومة مع هذه الفجوة؟
عن طريق الاقتراض وهو ما زاد من حجم الديون في مصر، وجعل أغلب الميزانية الآن تنفق على خدمة الدين.
أنا ليس لدي مشكلة أن نقترض لمدة عام، اثنين، ثلاثة، لكن لو كانت الحكومة منذ 2018 وضعت خطة وسياسة اقتصادية قائمة على الإنتاج، وتحفز الزراعة والصناعة، لكان لدينا الآن منتجات نصدرها وتدر علينا عائد دولاري.
وأضاف: أدرك جيدًا أن السبب في الأزمة الاقتصادية الحالية راجع إلى ظروف إقليمية ودولية، ولكن بنية الاقتصادي المصري كانت ضعيفة ما جعلها تتأثر كثيرًا مع خروج الأموال الساخنة.
ويجب أن ندرك أن الأموال الساخنة لا تستقر في مكان وتتأثر بشدة مع أي تغيرات جيوسياسية، لذلك لا يمكن الاعتماد عليها في بناء دولة.
وتساءل الجلاد: إلى متى سنظل دولة ريعية، تنتظر عائدات قناة السويس والسياحة وتحويلات العاملين بالخارج؟
وقناة السويس الآن خسرت أكثر من 60% من عائداتها بسبب هجمات الحوثيون، والسياحة تأثرت بسبب الصراعات في المنطقة، وتحويلات العاملين بالخارج ليست ثابته.
والسؤال هنا، أي اقتصاد في العالم كله يمكن أن ينمو دون إنتاج؟
وتابع: لا يجوز أبدًا أن يكون مصدر الدخل الوحيد لي شقة أو اثنتين وأعتمد على إيجارهم دون أن أعمل ويكون لي إنتاج، لأنني هكذا أضع نفسية فريسة لظروف السوق المتقلبة. فحكومات الدكتور مصطفى مدبولي المتعاقبة لم تضع حتى الآن هيكل واضح للاقتصاد المصري، والدليل على هذا أن وزير المالية السابق محمد معيط قال أن معظم الموازنة تذهب على سداد خدمة الدين، وعندما سؤل عن الطريقة التي ستواجه بها الحكومة هذه الأزمة قال «هستلف تاني».
فالإخفاق الأساسي في حكومة مدبولي في الملف الاقتصادي، وهو أهم الملفات، فالمواطنون في أوروبا وأمريكا ينتخبون حكوماتهم بناءً على خططهم الاقتصادية، لأن هذا الأمر هو الذي يمسهم بشكل كبير ويؤثر على معيشتهم.
وبشأن رأيه في أداء البرلمان، قال الجلاد:؛أنا فعلا لا أريد الاستغراق في هذه المسألة، لكن لدي سؤال واحد فقط، هل البرلمان منذ 2015 يعبر عن المواطن المصري؟ الإجابة: لا
وأصاف: لما يكون عندي في المجلس عضوين فقط من المعارضة، اثنين فقط، فمن أين ستأتي الحيوية ومناقشة القوانين. والأهم من ذلك، هل يستطيع البرلمان الحالي استجواب الحكومة والوزراء وسحب الثقة منهم؟ «يبقى خلاص».
أما عن مشهد انتخابات التجديد النصفي في نقابة الصحفيين، فقال الجلاد: المشهد ثري جدًا وتوجد منافسة، وأعضاء مجلس النقابة الحاليين من أفضل المجالس، والنقيب الحالي بذل جهد كبير، رغم أنه من تيار سياسي يساري مخالف تمامًا، إلا أنه عمل في منظومة المجتمع المدني لأنه في النهاية عمل نقابي، فهي رسالة مهم أن تستوعبها الدولة. فالرجل رغم أيديولوجيته اليسارية وانتماؤه إليها، إلا أنه أثبت أنه نقيب الجميع، بابه مفتوح طول الوقت ويتواصل بشكل محترم، يفهم المهنة بشكل جيد ويقوم بمجهود طيب وفق الإمكانات المتاحة، ومع ذلك أتمنى أنت تشهد انتخابات التجديد النصفي، منافسة أكبر وأن تطرح وجوه جديدة، وهذا ما يتمناه البلشي نفسه.
وأكمل الجلاد: في النهاية المهم أن تكون الشخصية وطنية ومصرية، فمهما اختلفت وجهات النظر، الجميع يعمل من أجل مصلحة الوطن، وأنا أتذكر في بداية نقابته أن بعض الصحفيين كانوا يسألونني بقلق ما الذي سيحدث الآن في النقابة؟ فأجيبهم: لا شيء. الرجل سيعمل وفق لبرنامجه ويحاول تنفيذه في إطار الدولة.
وواصل: الدولة في النهاية لا تقتصر على رئيس الجمهورية أو الحكومة أو البرلمان، الدولة هي أنا وأنت والشعب المصري كله والأرض والوطن، ولا يجب أن نخلط بينهم. والحكومة تعمل لدى الدولة وليست هي الدولة، وبالتأكيد خالد البلشي يحب هذه الدولة ويعمل لمصلحتها.