تأتي القمة العربية العادية الـ32، التي تستضيفها مدينة جدة، وتبحث على رأس ملفاتها القضية الفلسطينية، لتؤكد دور المملكة في دعم موقف الدول العربية الثابت تجاه إدانة الممارسات الإسرائيلية اللاشرعية التي تقوض حل الأزمة الفلسطينية.

تقف المملكة وبكل دعم وراء الموقف العربي الموحد تجاه القضية الفلسطينية، والمتمثل في تحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين، الذي يجسد الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية التي قدمتها السعودية في قمة بيروت 2002م.

كما تواصل المملكة وقوفها بجوار الشعب الفلسطيني في المحافل الدولية، وتعلن معارضتها لانتهاكات قوات الاحتلال للمدن الفلسطينية والمسجد الأقصى، وسياسة الاستيطان في الأراضي المحتلة، وكذلك ضد استفزازات المسؤولين الإسرائيليين.

حيث أعربت وزارة الخارجية في 21 مارس الماضي، عن إدانة المملكة واستنكارها لما صدر من تصريحات مسيئة وعنصرية من أحد مسؤولي حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بحق دولة فلسطين وشعبها الشقيق.

وأكدت وزارة الخارجية، موقف المملكة الرافض لهذه التصريحات المنافية للحقيقة، والتي تسهم في نشر خطاب الكراهية والعنف وتقوض جهود الحوار والسلام الدولي، وجددت دعم المملكة لكل الجهود الدولية الرامية إلى حل القضية الفلسطينية على أساس مبادرة السلام العربية وضمان قيام الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967م وعاصمتها القدس الشرقية.

ـ مبادرة السلام العربية:

في القمة العربية التي عقدت في بيروت بشهر مارس عام 2002م، أعلنت المملكة عن مبادرة للسلام لحل القضية الفلسطينية (قدمها الملك الراحل عبد الله وكان وليا للعهد وقتها)، والتي تضمنت انسحاب إسرائيل الكامل من جميع الأراضي العربية المحتلة منذ 1967م، تنفيذاً لقراري مجلس الأمن (242 و338) واللذين عززتهما قرارات مؤتمر مدريد عام 1991م ومبدأ الأرض مقابل السلام، وإلى قبولها قيام دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة وعاصمتها القدس الشرقية. وذلك مقابل قيام الدول العربية بإنشاء علاقات طبيعية في إطار سلام شامل مع إسرائيل.

 وطالب مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة المنعقد في دورته العادية الرابعة عشرة في بيروت، من إسرائيل، إعادة النظر في سياساتها، وأن تجنح للسلم معلنة أن السلام العادل هو خيارها الإستراتيجي أيضاً.

كما طالب مجلس جامعة الدول العربية، من إسرائيل، بالانسحاب الكامل من الأراضي العربية المحتلة بما في ذلك الجولان السوري وحتى خط الرابع من يونيو 1967م، والتوصل إلى حل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين يتفق عليه وفقاً لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (194).

وكذلك قبول قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ الرابع من يونيو 1967م في الضفة الغربية وقطاع غزة وتكون عاصمتها القدس الشرقية.

وتم إقرار مبادرة السلام العربية، من قبل جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، وأصبحت تعبر عن الموقف العربي والإسلامي تجاه العلاقة مع إسرائيل وحل القضية الفلسطينية.

وما زالت المبادرة العربية للسلام، والتي قدمتها الرياض، هي السبيل الوحيد –حتى الآن- لحل القضية الفلسطينية وقيام سلام شامل، لكن التعنت الإسرائيلي يقف في وجه أي حلول للتوصل إلى السلام العادل.

ـ الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى:

دأبت إسرائيل على انتهاك حرمة المسجد الأقصى، سواء بشكل مباشر من خلال قوات الاحتلال أو عبر مساعدة المستوطنين المتطرفين الذين يقومون بعمليات اقتحام شبه مستمرة، وهو ما ينتج عنه وقوع مواجهات بين المصلين وقوات الاحتلال.

وقد أكدت المملكة أكثر من مرة، إدانتها للانتهاكات الإسرائيلية للمسجد الأقصى، وكان آخرها بيان وزارة الخارجية في 5 أبريل الماضي،  والذي أوضحت فيه وزارة الخارجية أن «المملكة تتابع بقلقٍ بالغ اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي لباحات المسجد الأقصى الشريف، والاعتداء على المصلين، واعتقالها عددا من المواطنين الفلسطينيين».

وأضاف بيان الخارجية: «أن المملكة إذ تدين هذا الاقتحام السافر، لتعبّر عن رفضها القاطع لهذه الممارسات التي تقوض جهود السلام وتتعارض مع المبادئ والأعراف الدولية في احترام المقدسات الدينية».

وجددت الخارجية التأكيد على موقفها الراسخ، في دعم جميع الجهود الرامية إلى إنهاء الاحتلال والوصول لحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية.

وحسب الهلال الأحمر الفلسطيني (في أبريل 2023م)، فقد وقع العديد من الإصابات خلال مواجهات خارج أسوار المسجد الأقصى، وتم نقل بعضها إلى المستشفى، وأن الإصابات ناجمة عن «الرصاص المطاطي» واعتداء بالضرب.

وفي 29 مارس الماضي، أعربت وزارة الخارجية السعودية، عن إدانة ورفض المملكة للاقتحام السافر الذي نفذه مستوطنون إسرائيليون لباحات المسجد الأقصى الشريف، وسط حماية قوات الاحتلال الإسرائيلي، مؤكدة أن هذه الممارسات تقوض جهود السلام وتتعارض مع المبادئ والأعراف الدولية في احترام المقدسات الدينية.

ـ الاستيطان.. محاولة لترسيخ الاختلال:

 تحاول إسرائيل وبكافة الطرق ترسيخ احتلالها للضفة الغربية، من خلال التوسع في خطط الاستيطان والتي تلتهم الأراضي الفلسطينية، وتمثل حجر عثرة في أي حل مستقبلي للقضية الفلسطينية.

ورغم الإدانات العربية والدولية المتكررة لسياسة الاستيطان التي تطبقها إسرائيل، إلا أن الأخيرة مستمرة في تلك السياسة ضاربة عرض الحائط بالقرارات الأممية الخاصة بهذا الشأن.

وقد أكدت المملكة إدانتها ورفضها لسياسة الاستيطان، ففي 26 مارس الماضي، أعربت وزارة الخارجية عن إدانة المملكة لقرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي بنشر عطاءات لبناء وحدات استيطانية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وأوضح بيان الخارجية أن المملكة تدين وتستنكر هذا القرار الذي يعد استمراراً للانتهاكات الصارخة التي تقوم بها سلطات الاحتلال، مهيبة بالمجتمع الدولي الاضطلاع بمسؤولياته لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، ووقف ممارساته الاستفزازية، التي من شأنها عرقلة مسارات الحلول السياسية القائمة على مبادرة السلام العربية، وتقويض جهود السلام الدولية.

كما أعربت الخارجية في بيان آخر في مارس الماضي، عن إدانة المملكة بأشد العبارات القرار الذي اتخذته السلطات الإسرائيلية المحتلة بالسماح بإعادة الاستيطان في مناطق شمال الضفة الغربية في دولة فلسطين الشقيقة.

وأعلنت المملكة في مايو 2021م، عن رفضها لما صدر بخصوص خطط وإجراءات لإخلاء منازل فلسطينية بالقدس وفرض السيادة الإسرائيلية عليها. وشددت وزارة الخارجية (في بيان لها) على تنديد المملكة بأي إجراءات أحادية الجانب، ولأي انتهاكات لقرارات الشرعية الدولية، ولكل ما قد يقوض فرص استئناف عملية السلام لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.

وجاء بيان الخارجية السعودية، عقب وقوع اشتباكات في حي الشيخ جراح في القدس الشرقية، ناتجة عن محاولة إخلاء عائلات فلسطينية من منازلها لصالح مستوطنين إسرائيليين.

ـ حق العودة:

يحلم الملايين من فلسطيني الشتات في العودة إلى أرضهم التي هجروا منها بواسطة قوات الاحتلال سواء في 1948م أو 1967م، وهو حق كفلته القرارات الدولية، وشددت المملكة أنه «حق غير قابل للتصرف».

حيث أكدت المملكة في مايو 2020م، أن حق الفلسطينيين وذرياتهم في العودة إلى وطنهم «غير قابل للتصرف»، وهو من الحقوق الثابتة والراسخة ولا ينقضي بمرور الزمان ولا يسقط بالتقادم، وأنه فضلاً عن كونه حقاً إنسانياً وأخلاقياً، فهو حق قانوني وسياسي كفلته لهم القرارات الدولية.

وقال مندوب المملكة الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير عبد الله بن يحيى المعلمي، أمام مؤتمر دعم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، إن وكالة الأونروا تقدم وفق التفويض الممنوح عبر قرار الجمعية العامة رقم (302) لعام 1949، خدمات جليلة في التخفيف من معاناة اللاجئين الفلسطينيين منذ إنشائها، نتيجة لوقوع إحدى أكبر المآسي التي شهدها التاريخ المعاصر التي أصبحت تعرف بالنكبة وهي ذكرى تهجير الفلسطينيين من أرضهم ووطنهم من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي.

وأشار السفير المعلمي، إلى أن أعداد اللاجئين الفلسطينيين بلغ أكثر من (5.4) مليون فلسطيني في مخيمات اللجوء، بعيداً عن الديار التي شردوا منها، وهم محرمون من أبسط سبل العيش الكريم، تحييهم آمال العودة إلى وطنهم وفقاً لقرارات الأمم المتحدة التي كفلتها لهم.

ـ المساعدات السعودية لفلسطين:

طوال السنوات الماضية قدمت المملكة، المساعدات الإنسانية لحكومة فلسطين، وللمنظمات الأممية العاملة في فلسطين مثل الأونروا.

وأكد مندوب المملكة الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير عبد الله المعلمي، في كلمة له بعام 2020م، أمام مؤتمر دعم وكالة الأونروا، أن المملكة  هي أحد أكبر الدول دعماً للشعب الفلسطيني، وأكبر الدول المانحة لوكالة الأونروا، حيث قدمت السعودية لوكالة الأونروا منذ العام 2000 وحتى العام 2019 ما يقارب المليار دولار، لدعم برامجها وتوفير المساعدات الإنسانية والاحتياجات الأساسية للاجئين الفلسطينيين.

وأوضح السفير المعلمي أن مجموع المساعدات المقدمة من المملكة لفلسطين بلغ ما يقارب الـ7 مليارات دولار خلال نفس الفترة (2000 – 2019م) عبر دعم أكثر من (200) مشروع إنساني وتنموي وخيري.

يشار إلى أن الأونروا تخدم نحو (5.4) مليون لاجئ فلسطيني، من خلال الاضطلاع ببرامج التعليم والصحة والإغاثة وتقديم الخدمات الاجتماعية وتوفير فرص العمل.

ووفقا للموقع الإلكتروني لمنصة المساعدات الإنسانية السعودية، فقد بلغ عدد المشاريع والمساهمات الإنسانية والتنموية والخيرية والخدمات المقدمة اللاجئين، في فلسطين (271) مشروعا، بإجمالي (5,186,317,716) دولار.

وكانت أكثر القطاعات المستفيدة من المساعدات السعودية هي الأمن الغذائي والزراعي، والصحة، والإيواء والمواد غير الغذائية، والتعليم، والتعافي المبكر، ودعم الميزانيات، ودعم وتنسيق العمليات الإنسانية، والمياه والإصحاح البيئي.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © الإمارات اليوم. جميع حقوق النشر محفوظة.
Exit mobile version