عبدالكريم أحمد

شهدت فترة الغزو العراقي الغاشم للكويت آلاف القصص والأحداث التي شهدها أهل الكويت وعاشوها منذ الساعات الأولى للغزو يوم الثاني من أغسطس 1990، فهناك من استشهدوا وآخرون تم أسرهم وتعذيبهم، إضافة إلى أعمال التخريب والتدمير والنهب والسرقة التي طالت كل شيء تقريبا، كما كانت هناك مواقف مشرفة لأهل الكويت على اختلاف أعمارهم وفئاتهم تجسدت بأعمال المقاومة ضد المحتلين وعدم التعاون مع الغزاة رغم الأساليب الوحشية التي اتبعها قادة وجنود الاحتلال مع المواطنين، ومن الشهود على هذه الفترة كان الفريق بحري متقاعد طلال مبارك المونس الذي تحدث لـ «الأنباء» عن هذه الفترة وما مر به هو وأسرته وأبناء الكويت من ظروف، قائلا إنه وحال غيره من المواطنين، يستذكر بقلب يملأه الألم والفخر معا في ذكرى الغزو العراقي الغاشم على وطننا الحبيب الكويت، مشيرا إلى أن تلك اللحظات القاسية التي عشناها جميعا لا يمكن أن تمحى من ذاكرتنا.

القلق على الوطن والأهل

وأوضح المونس بأنه كان آنذاك طالبا بالكلية البحرية في جمهورية مصر العربية الشقيقة، وحضر إلى الكويت لقضاء إجازة الصيف، لافتا إلى أنه يتذكر الساعات الأولى من الغزو، حيث انتابه شعور بالفزع والقلق على وطنه وأهله وأحبته.

وأضاف: «لقد شهدت الدمار الذي أصاب بلدي، وكنت شاهدا على بطولات أبناء الكويت من رجال ونساء وقفوا في وجه المحتل، سواء عبر المقاومة العسكرية أو من خلال عدم التعاون مع الغزاة.. وكان الألم يعتصر قلبي وأنا أرى أحبابي يتعرضون للظلم والإهانة، خاصة بعد استشهاد شقيقي «مونس» و«جمال» اللذين ضحيا بروحيهما من أجل وطنهما وفداء له».

عاشق الوطن

وتحدث المونس عن استشهاد شقيقيه، مبينا أن شقيقه «مونس» من مرتبات قطاع الأمن الخاص في وزارة الداخلية، وكان يتصف بالخلق والشجاعة والحزم والمثابرة، كما كان عاشقا لوطنه ومخلصا في وظيفته وماهرا بالرماية والقنص بالسلاح باعتباره أحد عناصر فرقة الاقتحام.

وأفاد بأن شقيقه الشهيد تصدى في 2 أغسطس 1990 للغزاة وقام بعدة عمليات مقاومة إلى جانب زملائه، حيث جمع ووزع الأسلحة، كما شارك بتوزيع المنشورات ونقل المستندات الهامة، إلا أنه تم اعتقاله في 12 سبتمبر 1990 في نقطة تفتيش بين منطقتي الرميثية وسلوى بسبب وشاية.

وأشار إلى أن الشهيد تعرض لأبشع أنواع التنكيل والتعذيب الوحشي والشنيع داخل معتقل في مدرسة «أم سليم الأنصارية» في منطقة سلوى ثم تم نقله إلى مخفر سلوى ومحافظة حولي وبلدية الجهراء وكلية الشرطة في «جيوان» قبل أن يتم نقله إلى سجن «أبو غريب» في العراق ليمكث هناك حتى تم إعدامه، وبعد 14 عاما من الأسر وتحديدا في 7 مارس 2005 تم العثور على رفاته في مقبرة جماعية بمنطقة الرمادي، وعادت رفاته إلى الكويت، بما يثبت حب ابناء الكويت للوطن وتجسيد ذلك إصرارا وعزيمة ودفاعا عنه حتى آخر لحظة في حياة كل منا.

عمليات بطولية

وبشأن استشهاد شقيقه «جمال»، أفاد المونس بأن الشهيد كان يعمل في مرتبات قوة الإطفاء العام، وقام بعدة عمليات بطولية تتمثل بتوزيع المنشورات على جميع المناطق والمرافق وكذلك الأسلحة على أبطال المقاومة بالتعاون والتنسيق فيما بينهم كمجموعات من أبناء الكويت المخلصين، ولكن بسبب وشاية أحد الخونة تم ضبطه في 15 أغسطس 1990 عند نقطة تفتيش وتم تعذيبه بشدة ونقله إلى الأسر في سجن «أبو غريب» في العراق.

وبين المونس أن الشهيد جمال، رحمه الله، مكث في الأسر حتى تم إعدامه، وبعد 15 عاما من أسره وتحديدا في 4 أبريل 2004 تم العثور على رفاته في مقبرة جماعية في العراق.

صمود وتضحية

وختم المونس حديثه بالقول: إن هذا اليوم والذكرى الـ 34 للغزو العراقي للكويت تمثل لنا جميعا دروسا بالصمود والتضحية واستذكارا للشجاعة والإصرار، وتعهدا بالعمل معا من أجل بناء مستقبل مشرق لوطننا يليق بتضحيات شهدائنا الأبرار رحمهم الله جميعا، وأن تبقى هذه الذكرى رغم ما فيها من آلام محفزة لنا ولأبنائنا على العطاء أكثر لأجل كويتنا العزيزة لتبقى بلادنا شامخة في ظل القيادة الحكيمة لصاحب السمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد وسمو ولي عهده الأمين الشيخ صباح الخالد، حفظهما الله ورعاهما، ولما فيه الخير للكويت وشعبها ومستقبل أبنائها.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © الإمارات اليوم. جميع حقوق النشر محفوظة.
Exit mobile version