• الخطاب الأميري في 8 مايو درس في فهم الديموقراطية ورؤية واضحة تبدأ من كشف العوائق ونقد الأخطاء
  • الكويتي الذي ننتظره يختار لنفسه أفضل الخيارات فلا تغشه الأقوال بقدر ما تجتذبه الأفعال الصالحة التي تعود على الوطن بكل خير
  • نحتاج إلى أن يجدد الكويتي نفسه بالعودة إلى أخلاق الماضي وعاداته ولا يتخلى عن تاريخه وعن سلوك أجداده «يحلف إبجاره لأنه عزيز عليه»
  • طريق الآباء والأجداد المؤسسين يضمن حياة أفراد الشعب الكويتي تحت مظلة واحدة يجمعهم الحب
  • العهد الجديد يتطلب منا أن نجاريه بكل الوجوه الموصلة إلى أهدافنا الوطنية ولنقتلع من القلوب والعقول تلك الأمور التي كانت سبباً في إعاقة مسيرتنا
  • الكويتيون لا يفرطون في المبايعة العامة والخاصة لكل من يتولى الحكم من آل الصباح والتآلف والتعاون الجامعين لهم وهم على ذلك مستمرون ولا يغيرهم شيء

يتطلع أبناء الكويت إلى مستقبل سعيد منذ أن أطلّ عليهم فجر يوم الثامن من شهر مايو لسنة 2024م، معلنا الخطوة المهمة التي اتجهت بها البلاد إلى عهد جديد يزيل المنغصات التي لطالما عانى منها المواطنون، وقد حصلت هذه المنغصات لأسباب يقول مفتعلوها إنها من الأعمال التي اتخذت من أجل الصالح العام للوطن وللمواطنين جميعا، وواقع الأمر أنها على العكس من ذلك تماما. ولقد بين صاحب السمو أمير البلاد، رعاه الله، ذلك في تفصيل واف ضمن الخطاب الشامل الذي ألقاه على أبنائه المواطنين مساء اليوم السابع من الشهر المذكور. فرأوا في هذا الخطاب أمرا بدا لهم منه، ما يشير إلى ما حدث بعد ذلك اليوم، وكان حدثا بعث الراحة في النفوس، وفتح أبواب المستقبل السعيد أمام كل مواطن.

كان الخطاب الأميري درسا في فهم الديموقراطية، وفي بيان طرق العمل تحت أنظمتها دون أن تتعرض الأوطان للأخطار التي قد يسببها وصول من لا يدركون كيف يسيرون وفق نظام محكم، تمضي البلاد خلاله تحت ظل قيادة موثوق بها، ودستور أجمع عليه الصفوة من أبناء الأمة والحكومة معا، وكانت الخشية من عواقب تمادي البعض في طرحهم الشاذ، وفي أسلوب تناولهم الفج للقضايا، هي ما استشعره صاحب السمو الأمير وعبر عنه في خطابه واتخذ الإجراء المناسب بشأنه.

وقد أعطى سموه – في خطابه – الدليل على أن الرؤية الواضحة المطلوبة للعمل الديموقراطي تبدأ من كشف العوائق ونقد الأخطاء فقال ضمن خطابه:

«لقد لمسنا خلال الفترات السابقة، بل وحتى قبل أيام قليلة، سلوكا وتصرفات جاءت على خلاف الحقائق الدستورية الثابتة. فهناك من هدد وتوعد بتقديم الاستجواب لمجرد أن يعود أحد الوزراء إلى حقيبته. وآخر اعترض على ترشيح البعض الآخر متناسين جهلا أو عمدا أن اختيار رئيس الحكومة وأعضائها حق دستوري خالص لرئيس الدولة ولا يجوز لأحد اقتحام أسواره أو الاقتراب من حدوده أو التدخل في ثناياه، بل وصل التمادي إلى حدود لا يمكن القبول بها أو السكوت عنها لما تشكله من هدم للقيم الدستورية وإهدار للمبادئ الديموقراطية التي ارتضيناها جميعا طريقا هاديا لتحقيق المصلحة العامة فنجد البعض مع الأسف الشديد يصل تماديه إلى التدخل في صميم اختصاصات الأمير ويتدخل في اختياره لولي عهده متناسيا أن هذا حق دستوري صريح وواضح وجلي للأمير».

ثم أضاف سموه:

«ولابد أن أشير كذلك إلى أن مصادر الثروة الوطنية لا يجوز التفريط فيها أو استخدامها على وجه يستنزف مواردها ويعطل مصالح الأمة عن طريق اقتراحات تهدر المال العام ولا تحقق الصالح العام، وإنما يجب أن تعمل هذه الاقتراحات في خدمة الاقتصاد الوطني وفي إطار خطة التنمية».

وكان قمة حديثه حين أشار إلى الجو غير السليم الذي كان يسود البلاد في السنوات التي مضت، وكان سببها خروج بعض أعضاء مجلس الأمة عن السير في المجال الصحيح لعمل هذا المجلس فاتجه هذا البعض إلى الخوض في مجالات مختلفة لا تعود على الوطن والمواطنين إلا بالأضرار.

إذن، فقد وضع صاحب السمو الأمير النقاط فوق الحروف، وعلينا – تبعا لذلك – أن نبدأ بداية جديدة ننفض بها ما ألم بنا وببلادنا من غبار أثاره أصحاب المصالح الذين اغتنموا فرصة الثقة التي حصلوا عليها بأسلوب ما من ناخبيهم ومن غيرهم.. ولكن الوطن فوق كل هؤلاء. والطريق السليم الذي يحفظ الكويت وأهلها من الزلات والمشكلات ومن كل مكروه، هو الطريق الذي عرفه الآباء والأجداد المؤسسون كما سماهم سمو الأمير. وقد جاءت دعوته لنا لكي نعود إلى ما كنا عليه قبل هذا الزمان، وليعيش أفراد الشعب الكويتي كلهم تحت مظلة واحدة يجمعهم الحب والتآلف والثقة المشتركة، والنظرة الصادقة إلى مستقبل باهر ينعمون فيه بحياة طيبة في ظل وطن عزيز.

ويلفت النظر ما أشار إليه سمو الأمير من حرص قاطع على إنهاء تلك الأجواء القائمة، واتباع ما فيه مصلحة الوطن وأهله، وعدم إتاحة الفرصة لأي مغرض يريد أن يستغل الظلام لكي يكسب على حساب الوطن مكاسب لا يستحقها. ولمثل هذا الشخص كانت هذه الجمل المثيرة في الخطاب:

«لن أسمح على الإطلاق أن تستغل الديموقراطية لتحطيم الدولة، لأن مصالح أهل الكويت التي هي فوق الجميع أمانة في أعناقنا، علينا واجب صونها وحمايتها. وكما حرص حكامنا السابقون على تثبيت دعائمها وسلموا رايتها لنا فسيكون همنا وواجبنا كذلك أن نسلم راية الديموقراطية إلى من يأتي من بعدنا خفاقة عالية في سمائنا».

ولقد أخذتني هذه العبارات التي احتوت على التنبيه والتحذير، واتسمت بالحرص الشديد على بيان ما ألمّ بنا من أمور كلها مؤلمة ومفتعلة قام بها أناس يرون رغباتهم الشخصية فوق كل شيء، كما أنهم في أنفسهم – يرون أنهم أدرى بكل ما يحيط بهم، وأكثر إخلاصا لهذا الوطن من جميع مواطنيه. وواقع الأمر أنهم كانوا أكثر إخلاصا لذواتهم ومطامعهم الخاصة، وكانت أفعالهم وأقوالهم بعيدة عن مصلحة الوطن وأهله، بل إنها تمثل تصرفات تجعلنا جميعا نخوض في مشكلات لا مخرج منها.

لقد عاشت الكويت – بصفتها نظام دولة – منذ سنة 1613، وهي تنعم باستقرار حفظ لها استقلالها، وكبت كيد كل من أراد بها كيدا. وكل ذلك ناتج عن التآلف القائم بين الحاكم والمحكوم، كما هو قائم بين المواطنين جميعا.

نعم، عانى قدماؤنا من مشكلات، لكنها كانت من اختلاق أناس من الخارج، وكفانا الله شرهم، وتكبدنا مشكلة الغزو العراقي الغاشم الذي لن ننساه إلى الأبد، لأننا لا نزال على الرغم من مرور الزمن نسمع منهم عنا وعن بلادنا كل سوء، ونظرة عاجلة على أجهزة إعلامهم تكشف كل شيء. وأمام هذا الغزو وقف أبناء الكويت وقفة رجل واحد، وقاموا بدور مهم – في جميع الميادين – أذهل دول العالم التي وقفت إلى جوارهم، ولم يقف مع الغزاة إلا من أطلقنا عليها اسم دول الضد المعروفة، ولن تنسى مواقفها.

ولم نجد – في الأحداث العابرة كافة – من الكويتيين على اختلاف مواقع سكنهم شمالا وجنوبا وغربا وشرقا- مثل ما رأيناه مؤخرا من نغمات تدل على رغبة في تخريب العلاقات بين أبناء هذا الوطن، وإفساد الحياة الهادئة المطمئنة التي يحياها الشعب الكويتي الذي عاش – طوال تاريخه – متحابا متآلفا، لا يصغي إلى الفتن المثارة من أجل التخريب، وهي فتن لم يقم بإثارتها المفسدون إلا لمآرب خاصة بهم، ومن أجلها اختلقوا ما اختلقوه من أقوال، وقاموا بما قاموا به من أفعال، وكل ذلك صار مكشوفا، وعادت الأمور إلى نصابها، وعرف الجميع أن الكويت ليست لقمة سائغة لأحد، وأن المزيفين لابد أن يتم اكتشافهم، ويتم نبذهم، وهذا هو ما حدث.

لقد نسي المفسدون – أو تناسوا – أن الكويتيين جميعا لا يمكن – بحال من الأحوال – أن يفرطوا بأمرين مهمين التزموا بهما منذ البداية، وهما:

– المبايعة العامة والخاصة لكل من يتولى الحكم من آل صباح، والثاني هو:

– التآلف الذي يجمعهم، والتعاون الذي يشملهم، وهم على هذا مستمرون، ولن يغيرهم شيء، لأن هذا الأمر كان وسيبقى أسلوب حياتهم، فهم أسرة واحدة متماسكة.

وقد أثبتت الأيام جدوى التمسك بهذين الأمرين حتى لم يعودا موضع جدال أو تشكيك، وقد تعاقب المواطنون جيلا بعد جيل وهم يتمسكون بذلك ولا يرون عنه بديلا.

ولما كان الأمر الأول من هذين الأمرين واضحا للعيان، وقد سجل تاريخ الكويت ذلك، فأثبت حرص الكويتيين على نظام الحكم الذي يظلهم، والحكام الذين يتولون أمرهم، فإنه من المهم أن نذكر ما يتعلق بالأمر الثاني المتصل بطبيعة الحياة الكويتية، ولن نذهب بعيدا عن أربعينيات القرن الماضي. ويهمني هنا أن أورد ما اعتبره قوي الدلالة على ما ذكرت، وهذا ما تتضمنه فقرتان ذكرتهما في كتابي: «همس الذكريات» الذي صدر عام 1998، ففيهما وصف دقيق لنمط الحياة في الوقت الذي أشرت إليه. وهما:

أ‌ – ما قلته عن الحياة العامة في الفريج القديم، وهو:

«يضم فريجنا عددا من أبناء البلاد الخيرين لا تزال ذكراهم عالقة في النفوس، ولا نزال نلتقي من بقي منهم في وقت صلاة الجمعة من كل أسبوع في مسجد بضاحية عبدالله السالم، وهو المسجد الذي بناه أحد أبناء الفريج، وقد انتقل هؤلاء المصلون مع الخال محمد الجراح الذي كان إمام هذا المسجد من مسجد البدر الذي خلف فيه الخال الشيخ أحمد الخميس، إلى مسجد الساير القبلي بجوار مجلس الأمة على شارع الشهداء، ثم إلى المسجد الأخير في ضاحية عبدالله السالم الذي أشرت إليه. وكم نحس بالسعادة ونحن نتحدث مع هؤلاء الذين قضينا معهم من أيام عمرنا عددا لا بأس به، وأذكر أننا في الفريج كنا نعيش أسرة واحدة يعاون بعضنا بعضا ونسعى إلى (الفزعة) حين يدعو الداعي، ولم ألحظ شيئا من المشكلات خلال تلك الفترة التي عشناها مع هذا الجمع الكريم من أبناء الكويت، وأذكر من بين جيراننا إخواني في الرضاع أبناء المرحوم عبد المحسن التركي، ثم أولاد المطير وأولاد الخبيزي وأولاد عبدالرحمن الفارس، ومن الكبار أذكر عبد الكريم المنيس وابنه إبراهيم، ومحمد الناصر الساير، وبدر وناصر الساير، وكانت والدتهما صديقة لعمتي، وكانتا تتزاوران دائما، وأول ما عرفت لوز البحرين عن طريق (الصوغة) التي أرسلها لنا المرحوم بدر عندما عاد من إحدى سفراته إلى البحرين، وكذلك أذكر عائلات الحوطي والعبد الهادي والذويخ والشميس والقندي، كما أنه كان يعيش في الفريج نفسه ابن خالتي عبد اللطيف الديين مع والده ووالدته وأخواته، وأذكر كذلك المطوعة أمينة وابنيها سليم وصالح. وكان سليم شاعرا جيد الشعر باللهجة العامية، أما والدته فكانت امرأة متدينة تقرأ (المالد) في موعده، ويتجمع الأولاد والبنات بجوار بيتها للعب بهذه المناسبة، حيث كان يوم المولد النبوي يوم عطلة في البلاد آنذاك ولا يزال كذلك».

(الصوغة هي الهدية التي يجلبها المسافر معه إلى أهله وأصحابه، والمالد هو الاسم المحلى للمولد، ويقصد به: قراءة قصة مولد الرسول صلى الله عليه وسلم).

ب – حكيت صورة عن أهل الفريج الذي يضم عددا من المساكن وبينت ما يتمتعون به من أخلاق عالية وما يقومون به من تعاون، والواقع أن هذه كانت صفات أهل الكويت جميعا، وإذا أردنا أن نعرف شيئا عن مناقب أهل البلاد في ذلك الوقت فما علينا سوى الرجوع إلى كتاب الشيخ يوسف بن عيسى القناعي الصادر في سنة 1946م، حيث قال: لأهل الكويت مناقب يمتازون بها عن غيرهم، وإن كانت بلاد الله لا تخلو من الطيبين رجال الفضل والإحسان، إلا أن الكويتيين نسبة لحالتهم المالية، وقلة عددهم، يفوقون غيرهم وإليك بعضا من مناقبهم الجليلة:

1 – التآلف والتوادد فيما بينهم فكأنهم بيت واحد وإن اختلف الجنس والنسب.

2 – لا يجري بينهم تقاتل ولا تضارب، وإذا جرى شيء من بعض السفهاء لم يرفع الأمر إلى الحاكم، بل يتوسطه خيارهم ويزال الخلاف.

3 – مساعدات بعضهم لبعض متواصلة للمنكوبين والمعوزين من الفقراء واليتامى والمساكين وأبناء السبيل وتجد المساعدات لهؤلاء البائسين لا تنقطع يوميا.

4 – إكرام الضيف، والأجنبي إذا نزل بساحتهم لا يعد إلا كواحد منهم.

5 – منازلهم في رمضان مفتوحة لإفطار الصائمين من الفقراء والمساكين، وتجد الفقير في رمضان كالشاة في أيام الربيع.

6 – لا تجد في الكويتي كبرياء ولا يحتقر الناس مهما كانت منزلته من الرفعة وهذه الخصلة الشريفة تشمل الأمير والمأمور وأصحاب الوظائف الحكومية.

7 – جميع الأعمال الخيرية يعملونها بتكتم ولا يحبون أن يطلع عليها أحد ولا يتباهون ولا يتفاخرون بهذه الأعمال بل تنسى كأن لم تكن.

وفي الختام أقول إن قول الشاعر:

وإن كانت النعمى عليهم جزوا بها

وإن أنعموا لا كدروها ولا كدوا

ينطبق عليهم تماما. والله أسأل أن يتم عليهم نعمته ويوفقهم لرضائه.

>>

لقد أخذتني كلمات صاحبة السمو الأمير إلى كل ما تقدم من حديث. ونقلتني – في الوقت نفسه – إلى البعيد، عندما كنا نعيش كما تعيش الأسرة الواحدة في تعاون وتقارب، وود متبادل، وفي مشاركة بأمور كثيرة، كنا شعبا لا يعرف التفرقة، ولا يعرف الحسد والبغضاء والتنافر.. لا تفرقنا المواقع الجغرافية ولا الأصول وإن تعددت، كانت هناك مشاركة بين الجميع في الأعمال والأنساب، وكانت الزيارات لا تنقطع بين أبناء البلاد مها تباعدت مواقع سكنهم، ولا يشعر أحدهم بأنه مختلف عن غيره من المواطنين أدنى اختلاف.

ونحن اليوم مدعوون إلى نبذ كل ما يؤدي إلى الاختلاف، وإلى العمل على كل ما يقرب أبناء الوطن إلى بعضهم البعض، بل نحن في حاجة إلى أن يجدد الكويتي نفسه بالعودة إلى أخلاق الماضي وعاداته، وإلى ما عرفنا من أجيال أبناء الكويت الذين سبقوا، نريد رؤية الكويتي الجديد الذي يتصف بالصفات التالية دون أن يتخلى عن تاريخه، وعن سلوك أجداده القويم الذي يذكره لهم إلى وقتنا هذا، فقد كانوا رجالا لا تفرقهم أمور الدنيا من مطامع في مال، أو صدارة في عمل، أو تباه بما قد يملكه أحدهم من أملاك. وكان غنيهم لا يبخل بماله على المحتاج، والجار – كما قال شاعرنا فهد بورسلي – يحلف ابجاره. لأنه عزيز عليه. ثم هم في لقاء متصل، يلتقون في أماكن متعددة منها «الديوانيات» التي يتبادلون فيها الأحاديث، ويتناقلون الأخبار في أخوة ولطف، يعرف الواحد منهم كل شيء عن جاره ويشاركه أفراحه وأتراحه.

وإذا كان بعض هذه المظاهر الجميلة قد تراجع الآن، فإنه من المهم بعد الخطوة الأميرية أن ننادي بالعودة إلى ما اعتاده أهلنا، فنجد مواطنا كويتيا جديدا. وهذا الكويتي الذي ننتظره هو:

1 – الذي يختار لنفسه أفضل الخيارات، فلا تغشه الأقوال بقدر ما تجتذبه الأفعال الصالحة التي تعود على الوطن بكل خير.

2 – الذي يرى الكويتيين كلهم أهلا له يهمه ما يهمهم، ويرضيه ما يرضيهم، لا ينازعهم في شيء، فهم أهله على كل حال.

3 – المسؤول الذي لا يفرق بين الموظفين من المواطنين، فلا يراهم في عينه فئات، يرضى عن البعض فينفعهم، ولا يرتاح للآخرين فيهملهم إن لم يتسبب في إيذائهم.

4 – الحريص على سمعة وطنه، الذي يعزف عن المهاترات التي تصدر من البعض في سبيل الوصول إلى أغراض دنيوية زائلة.

5 – الذي لا يسعى إلى عرض نفسه للناس بأسلوب سخيف من أجل اختياره لعمل ما، أو لعضوية مؤسسة من المؤسسات العامة، ومنها: مجلس الأمة، لأن الناس يعرفون الغث من السمين، ويميزون الرجل الصالح من غيره.

6 – الذي لا يتلاعب بعواطف الناس، فيغريهم بأعمال يعرف في قرارة نفسه أنه لا يقدر – وحده – على القيام بها، وإذا كان هذا عضوا في مجلس الأمة، فإن خطيئته تكون أعظم لأننا وجدنا من يغري ناخبيه بمصالح ذات كلفة مالية عالية تضر بميزانية الدولة، وهو بهذا لا يحسب حسابا لمستقبل البلاد في سبيل وصوله إلى الكرسي الذي لا يستحقه.

ومن مساوئ أمثال هذا الذي وصفناه، أنه لا يدرك أن عضو مجلس الأمة لا يمثل منطقته الانتخابية وحدها، بل إنه يمثل الشعب الكويتي بكامله، وما هذه المناطق إلا من أجل تنظيم الاختيار.

7 – الذي يعرف أهمية الصدق في كل شيء، ومن أهم مواقع الصدق: ما يكون في حب الوطن وأهله، وفي طلب العلم، لأن الشهادات العليا ما لم تأت عن جد واجتهاد وعلم مؤكد لا فائدة منها بقدر ما هي وسيلة من وسائل الغش للوطن.

8 – وهو الذي يحسن الاختيار لنفسه، ولوطنه، ويميز الشخص الصادق الأمين من المتسلق الذي يريد الوصول على أكتاف غيره.

9 – الذي يحرص على استقرار الوطن، وهدوء بال المواطنين، فلا يثير الزعازع في سبيل لفت النظر إليه، من أجل الحصول على مصلحة له.

10 – وأن يكون الكويتي الجديد هو الكويتي القديم تماما، في حب الوطن، وطاعة ولي الأمر، وقوة صلته وتعاونه مع إخوته في الوطن. وينبغي ألا يشعر – مطلقا – بأنه يختلف أو ينفصل عنهم، فرباط المواطنة أقوى رباط.

>>

نحن اليوم في عهد جديد يتطلب منا أن نجاريه بكل الوجوه التي توصلنا إلى أهدافنا الوطنية المرجوة في التقدم واستدامة الإخاء والرخاء، لذا فإنه من المطلوب أن تقتلع من القلوب والعقول تلك الأمور التي كانت سببا في إعاقة مسيرتنا.

إن الكويت تريد من أبنائها أن يكونوا متحابين، متآلفين، يؤثرونها على الرغبات الضيقة الخاصة، فلا تقدم ولا استقرار مع الطمع، واللهفة في الاستحواذ على كل شيء.

لقد آن أوان التآلف بين أبناء هذا الشعب، وأن تتفتح الصدور للمودة المشتركة بين الجميع، لا تفرقهم مواقع ولا انتماءات بل يجمعهم حبهم لوطنهم، وحبهم لإخوانهم من أبناء هذا الوطن، ولن يكون لنا هدوء ولا تقدم دون أن نهتم بهذا الأمر. ومن هنا أوجه الدعوة إلى كل الهيئات الاجتماعية والثقافية والتعليمية، راجيا أن تقوم بدور لابد منه في هذا الشأن، فتقود حركة تؤدي – شعبيا – إلى المراد. فالوطن يستحق هذه (الفزعة) في وجوه أولئك الذين حاولوا نشر بذور الفتنة من أجل الوصول إلى أغراضهم الشخصية ضاربين عرض الحائط بالالتزام تجاه الكويت، وكأنهم أغراب عنها.

إنه لا استقرار لنا إلا إذا التفتنا إلى واجباتنا تجاه بلادنا، وسرنا يدا بيد شعبا واحدا متحابا لا يجرؤ أحد على التفريق بين أبنائه.

وبذلك يحق لكل واحد منا أن يهتف قائلا: «أنا كويتي وأفتخر».

والله خير حافظ.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © الإمارات اليوم. جميع حقوق النشر محفوظة.
Exit mobile version