• المغني الألماني الجنسية ديتر هالرفوردن ينشد من أجل غزة ويعرض بالتهمة اليهودية الدائمة الموجهة لكل من ينتقد مواقف إسرائيل
  • إسرائيل أداة حرب طاحنة وفيها قلوب لا تعرف الرحمة وتصر على أنها تضم شعب الله المختار كما يزعم أهلها
  • العرب أقرب كثيراً إلى السامية من اليهود الذين اتخذوها ذريعة اعتمدوا عليها في الحصول على الحماية الغربية
  • ديتر هالرفوردن قدم إلى جانب نشيده مقطع فيديو مدته 3 دقائق طالب فيه بوقف إطلاق النار بالقطاع المحاصر
  • رواية «ابن الجنرال» لكاتب يهودي يعيش بإسرائيل تتضمن إشارات واضحة على يقينه من زوالها لأسباب تجري داخلها
  • تحية لغزة وأبنائها وهم يخوضون حرباً غير متكافئة تشنها عليهم إسرائيل معتمدة على أسلحة مسانديها الأوائل
  • بلغ دعم مساندي الدولة الصهيونية حداً جعلها تستأسد وتأبى الاستماع حتى إلى نصائحهم وهذا وحده من علامات زوالها

هذه تحية أقدمها إلى رجل شريف تخطى حدود بلاده، وما وجد أهلها يؤمنون به، لكي يقف مع الحق ويدعو إليه، فيدحض الباطل. ولإيضاح ذلك فإننا نرى العالم الغربي كله ينظر إلى إسرائيل نظرة تقترب من التقديس، فقد وضع إعلامها الصادر من داخلها ومن خارجها في أذهان أولئك الناس، أنها البلد المعتدى عليه، الذي لا يستطيع الدفاع عن نفسه وسط الأمواج العربية والإسلامية الهادرة، إضافة إلى دعوى السامية التي استطاع اليهود أن يبذروا منها بذرة تدرأ عنهم كل انتقاد، عندما حصلوا من الدول الغربية على تجريم كل من ينتقدهم بحجة أن في ذلك ما يؤدي إلى الفصل العنصري.

هذا البلد الذي يدعي أمام الغربيين أنه لا حول له ولا قوة، وأنه مغلوب على أمره، قد أثبت في واقع الأمر كذبه في كل ما زعم، وقد كشف ما حدث في غزة ذلك الزيف الذي زيفوه على العالم، فقد ظهر بوضوح أن إسرائيل كلها أداة حرب طاحنة، وفيها قلوب لا تعرف الرحمة، ولكنها تصر على أنها تضم شعب الله المختار على حد زعم أهلها، ثم إنها تخالف القوانين والأعراف الدولية كافة، مما كشف أمرها للمغررين، وجعل كثيرا من الدول تدين أعمالها البربرية ضد الشعب الفلسطيني في غزة وفي الضفة الغربية، وتدعوها إلى وقف المجازر التي تقوم بها.

وفي هذا الجو المضطرب وقف هذا الرجل النبيل في بلده ألمانيا لكي ينشد نشيدا رائعا من أجل غزة، ويعرض فيه بالتهمة اليهودية الدائمة التي توجه إلى كل من ينتقد موقفا من مواقف إسرائيل، وهي: معاداة السامية.

وقف هذا المغني الألماني الجنسية وهو ينشد أغنيته هذه للملايين الذين استمعوا إليه، فيقول رافعا صوته:

غزة.. غزة.. غزة…

رجل يشغله الهم ويشقيه الكدر

غائب عن حاله تنتابه شتى الفكر

دائم الضغط على لحيته

وعليها عبرت كل الأصابع

سيطر الحزن على مشيته

فمشى من همه مشية ضائع

هل أتى فعلا يغيض الجنرال

كي يلاقي عاجلا هذا المال

وَالهًا يرفع في حزن شديد

طفله يرجو من الله المجيد

ومن الشمس ومن ضوء القمر

أن يزول الهم عنه والضجر

قد تساءلت وهل يلقى سؤالي

منكم ردا يريح الآن بالي

هم إذا قلنا لهم زاد الخطر

وتماديتم وزدتم في البطر

حسبونا من معاديهم بقينا

وعلى السامية اليوم اعتدينا

لا يريدون انتقادا من أحد

أو يلبون نداء من بلد

خرج الناس زرافات غفيره

هلعا من حومة الموت الخطيرة

طاردوهم عنوة بالطائرات

هاجموا الناس على كل الجهات

لم يبالوا بصغير أو كبير

أو يراعوا امرأة وهي تسير

في وجوم خشية الخطب الخطير

تركوا في كل أرض مقبرة

هي للأجيال أقسى تذكره

قوة داهمة من وحش غابه

لم يكن يحسب للرفق حسابه

فمضى وحشا على درب الإباده

كلما مارس عدوانا، تمطى واعاده

أيجوز الصمت في وضع نراه

إنه صمت به تحنى الجباه

أسفا أن لا ينال الانتباه

إذ يرى غزة تمضى في اتجاه

دموي وبه تخبو الحياة

هكذا أنشد ديترهالرفوردن، فاستمع إليه أكثر من ستة ملايين من الناس في الأيام الأولى لإنشاده، وكان عمله هذا مشاركة إنسانية مهمة غيرت بموجبها وسائل الإعلام الغربية من مواقفها السابقة المنحازة إلى إسرائيل، وكانت تلك المواقف ذات سببين، أولهما الموقف العام غير المحايد للعرب، وثانيهما: هو التخويف الذي دأب عليه اليهود، ولذلك قال في النشيد: حسبونا قد اعتدينا على السامية. وهذا فيه ما فيه من ادعاء التفريق بين الأجناس. وليس اليهود – إن تحقق أنهم ساميون – هم الوحيدون في هذا الأصل القديم، فإن العرب – أيضا – ينتمون إلى الجنس السامي، بينما نرى اليهود يتكونون من أجناس متنوعة منها ما أتى من روسيا على سبيل المثال وهم من الأجناس التي تعيش هناك.

وقد يأتي سؤال عن ماهية السامية التي يتشدقون بها، ويدعون إلى عدم المساس بمتعلقاتها: مكانا وإنسانا. وقد أجبروا الغرب على إصدار قوانين تمنع الإشارة إليهم بأي نقد حتى لو أنهم أخطأوا بدعوى عدم التفريق بين الأجناس.

ومن أجل الرد على هذا السؤال، فإننا نعود إلى مرجع موثوق به يتناول ماهية هذا المصطلح فيقول: «الساميون: مصطلح يقولون إنه اشتق من اسم سام بن نوح عليه السلام، وإنه يطلق على الشعوب الآتية: العرب والأكاديين والكنعانيين… وعدد آخر من القبائل، منها القبائل الأرامية التي كان اليهود من أحد أجزائها»، (الموسوعة العربية الميسرة).

ومن يدقق النظر في هذه الفقرة فإنه يجد العرب أقرب كثيرا إلى السامية من اليهود الذين اتخذوها ذريعة اعتمدوا عليها في الحصول على الحماية الغربية، ليس في حال التهديد بالسلاح فحسب، بل وحتى لو كان الانتقاد بالقول، وكل هذا في بلاد تدعي حرية التفكير والاعتقاد والقول.

أما المنشد فهو ممثل ومطرب ومقدم برامج تلفزيونية وكاتب، وهو ألماني الجنسية، وعضو في أحد الأحزاب الألمانية، هو: الحزب الديموقراطي الحر. وكان مولده في سنة 1935م فهو الآن في السنة التاسعة والثمانين من عمره.

وقد صرح لوسائل الإعلام بعد إنشاده هذا النشيد المعبر عن صدقه مع نفسه، وحبه للحقيقة، فقال إنه تعرض للاتهام بمعاداة السامية، ودعم حركة حماس، بينما لم يرد بما فعله إلا إثارة الاهتمام بمسألة إنسانية بحتة هي ما يحل الآن بأهل غزة. وهو من أجل ذلك أرسل بما فعل رسالة واضحة إلى أولئك الذين تأثروا بالدعاية التي تبثها الأجهزة الإسرائيلية العلنية والسرية، ففهموا خطأ مسألة معاداة السامية التي فرضت عليهم دون وجه حق. وكان يرى أن انتقاد نتنياهو وهو المتسبب الأول في هذه المجازر لا يعد معاداة للسامية على أي حال.

ومن أجل أن يقدم الدليل على أنه لم يتأثر بالدعايات المضادة له، فهو يؤمن بأن الموقف الذي اتخذه هو موقف الحق فقد قدم إلى جانب نشيده الذي ذكرناه مقطعا من مقاطع الفيديو مدته ثلاث دقائق طالب فيه بوقف إطلاق النار في القطاع المحاصر، وإطلاق الرهائن من الطرفين، وقدم صورا للمآسي التي يعانيها الشعب العربي الفلسطيني في غزة.

واستمر في موقفه هذا فأصدر مع مجموعة من النابهين الألمان الذين يشاركونه في الرأي بيانا يعارض رئيس حكومة إسرائيل ويطالب حكومة ألمانيا بالسعي لإيقاف الحرب.

وبصورة عامة فقد استمر هذا الرجل في الدفاع عن رأيه في شتى وسائل الاتصال والإعلام، لأنه أدرك بثاقب فكره إلى أي جانب يقف الحق، وإلى أي جانب يقف الباطل، ولم يمنعه توقع التعرض للتشويه، وربما الإيقاف عن الأعمال من أن يقول كلمة أبى إلا أن يقولها.

حياه الله…

***

هذا، والحديث لا ينتهي عندما وصلنا إليه، فإنه من المهم أن نذكر أنه كان ينبغي من الصهاينة أن يقتنعوا بهذا الوطن الذي استلبوه بالقوة الغاشمة، وبسند من الدول الاستعمارية التي كانت مسيطرة على المنطقة في وقت قيام دولة إسرائيل، ولكنهم لم يحاولوا تحسين صورتهم، ولم يحاولوا الابتعاد عن روح الشر التي تسيطر عليهم. ومع أن هذا كان أمرا عاما فيهم، فقد نشأ منهم من صار يتخوف من المستقبل المظلم لهذا الكيان الدخيل على المنطقة، ويعتبر أن سلوك العنف الذي تسلكه حكومته واحدا من أسباب هذا التخوف الذي يوحي بزوال إسرائيل عاجلا أو آجلا، ولم يكن هذا التخوف جديدا بينهم، ولكنه ازداد وضوحا مع مرور السنين. وقد عبرت عن ذلك رواية صدرت في إسرائيل عنوانها: «ابن الجنرال» كتبها كاتب يهودي يعيش في داخل ذلك البلد، وفيها كثير من الإشارات التي تدل على تخوفه (بل يقينه) من زوال هذه الدولة لأسباب تجري في داخلها.

وأخيرا، فهذه تحية أخرى أقدمها إلى غزة وأبنائها وهم يخوضون حربا غير متكافئة تشنها عليهم إسرائيل معتمدة على الأسلحة التي ترد إليها من مسانديها الأوائل الذين بلغ دعمهم لها حدا جعلها تستأسد، وتأبى الاستماع حتى إلى نصائحهم، وهذا – وحده – من علامات زوالها. فإن الوعد الأكيد هو الذي جاء به القرآن الكريم، وستكون عليهم كرة أخرى يعلم موعدها الله عز وجل وهو القائل: (إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا). الآية رقم 7 من سورة الإسراء.

أما التحية فهي هذه:

إيه يا غزة يا ذات الجراح

قد أثرت الناس في كل النواحي

إذ رأوا فيك صمودا رائعا

رغم ما تلقين من وقع السلاح

هب في الشرق وفي الغرب رجال

فعلا صوتهم في كل ساح

ينكرون الضيم أبداه لهم

غاشم في كل ليل وصباح

وينادون وقد هزهم

ما تبدى من علامات الجراح

فتعالى في انفعال صوتهم

بين مستنكر ما حل ولا راح

أيها الغازي لقد جئت لهم

بالأذى الشامل والكيد الصراح

في هجوم شامل أشعلته

كان في عرف الورى غير مباح

إن لزمنا الصمت فيما قد مضى

فتماديت كثيرا في الجماح

لن ترانا اليوم نصغى للذي

تدعيه بافتآت واجتراح

أو ترانا بعد رؤيانا لما

كنت تجري من مآس وجراح

نسأل إسرائيل هل حققت ما

رمت من هذا العرين المستباح

لا، فقد بؤت بخسران بدا

غير ما أملت منه وافتضاح

كم تساءلنا وقد صار الأذى

شاهدا جنبها درب الفلاح

كيف تدعو نفسها سامية

وتنادي كل يوم في صياح

وهي تؤذي عربا أصلهم

ثابت النشأة في تلك البطاح

يعرف التاريخ ساميتهم

وهو من يشهد بالأمر المتاح

إيه يا غزة قد أبديت ما

أذهل الدنيا جميعا بالكفاح

أهلك اليوم نراهم بذلوا

عن رضا انفسهم غير شحاح

حلقي للمجد دوما هكذا

لست طيرا حط مكسور الجناح

أنت فرع باسق من أمة

لم تهب فيما مضى وقع الصفاح

عرفت بالعدل فيما ملكت

واتباع الحق دوما والسماح

رفرفت راياتها معلنة

أنها للخير تدعو والصلاح

لم تدمر عامرا مرت به

أو تباهي حين سادت، بارتياح

يا بني غزة والمجد لكم

لا تهونوا قد وعدتم بالفلاح

إن تكن قد أقلقتكم فئة

ضل مسعاها فإن الحق صاحي

فالذي قمتم به في وجهها

منتهى الإقدام منكم والطماح

يشهد الدنيا على مقدرة

لكم لم تمض أدراج الرياح

بل بدت راياتكم من أجلها

عاليات منبئات بالنجاح

فاصبروا والله يحمي داركم

بحماه في عُدو ورواح

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © الإمارات اليوم. جميع حقوق النشر محفوظة.
Exit mobile version