- المعلم قد يمكث في مدرسته من الصباح إلى ما بعد منتصف الليل كي ينجز أعمال التصحيح ورصد الدرجات فأي بصمة تراعي هذا العمل؟
- كل معلم سيضع ضمن أولوياته أن يكون عمله قريباً من بيته ليتسنى له «التبصيم» في الوقت المحدد وستُهجر المناطق النائية!
- بصمة المعلم تقاس بحصته ونتائج طلابه.. ولا يحتاج الأمر إلى إثبات حضور وانصراف للتأكد من انضباط المؤتمنين على أبنائنا
عبدالعزيز الفضلي
اعتبر عدد من التربويين أن «قرار ديوان الخدمة المدنية بتطبيق نظام البصمة على الدوام المدرسي حق يراد به باطل»، خاصة أن المعلم لا يحتاج إلى بصمة ليثبت حضوره وانصرافه والتزامه، مشيرين إلى أن بصمة المعلم هي حصته.
وقال هؤلاء التربويون لـ «الأنباء» إن قرار تطبيق البصمة إن صلح في بعض الوزارات قد لا يصلح مع وزارات أخرى، فلكل وزارة طبيعتها وخاصيتها التي تنفرد بها عن الأخرى، متسائلين هل راعى واضعو هذا النظام ظروف المعلم وطبيعة عمله، كما أن تطبيق هذا القرار سيؤدي بلا أدنى شك إلى عزوف البعض عن مهنة التدريس، هذا فضلا عن الخلل في توزيع المعلمين على المدارس، لأن كل معلم سيكون هدفه الأسمى أن يكون بجوار بيته حتى يتسنى له أن يبصم في الوقت المحدد. وأضافوا ان نظام البصمة قد يحد من التأخير بنسبة كبيرة ويجعل المعلمين أكثر التزاما بحصصهم وجداولهم، لكن إذا تم تطبيقه على عينات تجريبية مثلا مدرسة من كل مرحلة دراسية ومن كل المناطق التعليمية فإن ذلك أفضل لتكون هناك دراسة شاملة يتم بعدها تقييم النتائج، لاسيما أن المدارس لها طبيعة عمل خاص، لافتين إلى أن المعلم هو حجر الزاوية في العملية التعليمية، ولا يستطيع شخص أن ينكر دوره وقيمته، لذلك كان من الضروري أن يكون نموذجا في الانضباط ومثالا لطلابه في الالتزام وتطبيق القوانين. وذكروا أن تطبيق البصمة يخضع لقواعد وظروف تتطلب توفير جميع المعايير المهنية والآلية المناسبة وفق أحكام قواعد العمل الرسمي الصادرة عن مجلس الخدمة المدنية، مبينين أن على الجانب الآخر مازالت الرؤية ضبابية، فمنذ سنوات عندما تم طرح هذا الأمر والى الآن لا توجد آلية محددة لتطبيق هذا النظام في المدارس، وفيما يلي التفاصيل:
في البداية، تحدث مدير ثانوية «عبداللطيف ثنيان الغانم للبنين» حسين أحمد جمعة قائلا: «أخيرا خرجت علينا وزارة التربية لتزف لنا قرار ديوان الخدمة المدنية بتطبيق نظام البصمة على الدوام المدرسي، وتركيب حوالي 3 آلاف جهاز بصمة في حوالي 900 مدرسة في كل أنحاء الكويت، معتبرا أن هذا القرار «حق أريد به باطل» فأي بصمة هذه التي يريد ديوان الخدمة تطبيقها على العاملين في المدارس، متسائلا: هل المعلم يحتاج إلى بصمة ليثبت حضوره وانصرافه والتزامه أم أن بصمة المعلم هي حصته؟
وأضاف ان قرار تطبيق البصمة إن صلح في بعض الوزارات قد لا يصلح مع وزارات أخرى، فلكل وزارة طبيعتها وخاصيتها التي تنفرد بها عن الأخرى، فهل راعى واضعو هذا النظام ظروف المعلم وطبيعة عمله.
مبينا ان كان هناك بعض الوزارات فقط يهتمون بالبصمة حضورا وانصرافا دون أدنى إنتاج ينتج أو عمل ينجز فقط الاهتمام بأن تبصم حضورا وانصرافا ولكن أين المعلم من هذا؟
وذكر جمعة أن المعلم وهذا لا يخفى عليكم، بصمته هي حصته من بدايتها إلى نهايتها وغايته هي أن ينير عقول طلابه بنور العلم غير مهتم ولا مبال ببصمة أو غير ذلك، ملتزما في كل خطوة بأخلاقيات المهنة، لافتا إلى أن هناك الكثير من الأعباء التي تفني كاهله وتثقل أعباءه من إشراف وندوات وورش عمل وامتحانات ومراقبة وتصحيح، فقد يمكث المعلم في مدرسته من الصباح إلى ما بعد منتصف الليل كي ينجز أعمال التصحيح ورصد الدرجات فأي بصمة تراعي هذا العمل؟ وأي شيء يوازي هذا الجهد المبذول؟ والذي يبذله بحب وإخلاص وتفان.
وأضاف جمعة: لا يفوتنا هنا أن نشير إلى أن تطبيق هذا القرار سيؤدي بلا أدنى شك إلى عزوف البعض عن مهنة التدريس، هذا فضلا عن الخلل في توزيع المعلمين على المدارس لأن كل معلم سيكون هدفه الأسمى أن يكون بجوار بيته حتى يتسنى له أن يبصم في الوقت المحدد، وإن كان هذا الأمر موجودا حاليا ونعاني منه بقوة، لكنه سيزداد ويستفحل حتى يصبح داء عضالا لا طب له ولا دواء، هذا بخلاف تصارع أكثر من تسعة آلاف معلم صباحا ومساء من أجل البصمة ما سيسبب ازدحاما مروريا يؤدي إلى اختناق الشوارع أكثر مما هي عليه الآن.
وتساءل: هل راعت البصمة ظروف المعلمين الأسرية والاجتماعية، فهو أب له أبناء عليه أن يصطحبهم صباحا ومساء إلى مدارسهم، وأيضا هل راعى هذا النظام التعاون بين المراحل المختلفة من رياض الأطفال والابتدائي والمتوسط والثانوي، أم أن التوقيت واحد في هذه المراحل، ألم يكن من الأجدر بديوان الخدمة المدنية أن يجتهد ويصدر قرارات تصب في صالح المعلم، ذلك الشمعة التي تحترق من أجل الآخرين، ألم يكن من الأجدر أن تصدر قرارات تبهج المعلم وتخفف عن كاهله العمل سواء كانت هذه القرارات وظيفية أو مالية.
وأكد جمعة أن المعلم هو ذلك المصباح الذي يضيء في نهاية النفق المظلم، موضحا انه يعطي بلا حدود ودون مقابل ولا ينتظر جزاء ولا شكورا من أحد فقط تكون غايته في سعادة أبنائه ومراقبة ربه سرا وعلانية.
طبيعة خاصة
من جهتها، قالت مديرة ثانوية «حبيبة بنت شريق الأنصارية» حصة الصقعبي: بالنسبة لتطبيق البصمة في المدارس فإنها لا تخص فقط المعلم إنما جميع العاملين بالمدارس من معلمين وإداريين، لافتة إلى انه حتى الآن وللأمانة ما عندنا فكرة عن آلية تطبيقها وهل ستكون مرنة وهل سيكون لمدير المدرسة تفويض أو صلاحيات بخصوصها أم لا؟
وزادت أنه لو كان تطبيقها على عينات تجريبية مثلا مدرسة من كل مرحلة دراسية ومن كل المناطق التعليمية، أعتقد سيكون ذلك أفضل وتكون هناك دراسة ونحدد النتائج، خصوصا أن المدارس لها طبيعة عمل خاصة، لاسيما المرحلة الثانوية وفترة الامتحانات والتصحيح والكنترول والتدوير.
قياس الأثر
من جانبه، قال رئيس قسم الاجتماعيات نايف السبيعي إنه مما لا شك فيه أن تطبيق البصمة يخضع لقواعد وظروف تتطلب توفير جميع المعايير المهنية والآلية المناسبة وفق أحكام قواعد العمل الرسمي الصادرة عن مجلس الخدمة المدنية، مشيرا إلى انه على الجانب الآخر ما زالت الرؤية ضبابية، فمنذ سنوات عندما تم طرح هذا الأمر والى الآن لم يتم الإعلان عن آلية محددة لتطبيق هذا النظام.
وأضاف ان الوزارة ارتأت قبل سنوات تأجيل هذا الأمر نظرا لعدد من الأسباب، كطبيعة الأعمال القائمة على التنقل لدى التوجيه الفني والأنشطة التي تتطلب حضور المعلمين ورؤساء الأقسام في المدارس مساء، بالإضافة إلى وجود الكثير من العاملين في المناطق النائية وعدم توافر النقل الخارجي، وأعمال التصحيح والكنترول وغيرها، مشددا على أن بصمة المعلم كانت وستظل في حصته وإنتاجيته، فالأثر لا يقاس بالنظرة التقليدية بالحضور والانصراف بل بالعطاء والضمير والنواتج التعليمية.
رسالة المعلم
بدوره، أشار المعلم ناصر محمد إلى أن وزير التربية الأسبق د.بدر العيسى عندما عرض عليه أمر تطبيق نظام البصمة على الإدارات المدرسية والمعلمين كان من أشد المعارضين، وشدد على أنه يثق بالمعلمين، وأن بصمة المعلم حصته، لافتا إلى أن د.العيسى يعي جيدا الجهود التي يقوم بها المعلم ويدرك مدى حرصه على الالتزام والتواجد مع طلبته.
وأضاف أن مهنة التعليم لها خصوصية تختلف عن بقية المهن، متمنيا ألا يوضع المعلم تحت الضغط حتى يؤدي رسالته على أكمل وجه.
الظفيري: نظام لا يُحابي أحداً.. ولا مجال فيه للتشكيك
قالت مديرة مدرسة «رحية الابتدائية للبنات»، د.ريمة الظفيري إن جهاز البصمة يعد بمنزلة تقنية حديثة وفريدة، حيث يعتمد في عمله على تغيير النظام الكتابي أو خط يد الموظف لإثبات حضوره أو انصراف واستبداله بتوقيع رقمي «إلكتروني»، مشيرة إلى أن هذه التقنية المتطورة أثبتت كفاءتها ونجاحها وفاعليتها في كثير من المؤسسات، لذلك كان لزاما على المدارس والمؤسسات التعليمية أن تواكب هذا التطور وتستفيد منه.
وأضافت: أدركت بعض الدول أهمية تطبيق هذه التقنية في مصالحها الحكومية فقررت إلزام جميع موظفيها بإثبات البصمة كدليل على حضور الموظف وإلغاء كل حالات الإعفاء من البصمة كإثبات للحضور والانصراف في المواعيد المحددة للموظفين في الجهات الحكومية، لافتة إلى أنه يحق لجهة العمل تحديد الأسلوب الذي تراه مناسبا للتأكد من مدى التزام موظفيها وانضباطهم.
وزادت ان المعلم هو حجر الزاوية في العملية التعليمية، ولا يستطيع شخص أن ينكر دوره وقيمته، لذلك كان من الضروري أن يكون نموذجا في الانضباط ومثالا لطلابه في الالتزام وتطبيق القوانين.
وأوضحت الظفيري أن تطبيق نظام بصمة الحضور على المعلمين في المدارس والمؤسسات التعليمية لا يعني عدم الثقة بهم، أو التشكيك في التزامهم بالعمل، بل هو على العكس من ذلك هناك تقدير لهم وتأكيد على مدى انضباطهم وحسن أدائهم، لكن لا يخشى من تطبيق هذا النظام غير كل متهاون يركن إلى الكسل ويميل إلى التسيب، ونربأ بكل معلم أن يكون من هؤلاء، مشيرة إلى أن المعلم نموذج للثقة، وأسوة لغيره في الأمانة، ويدل على ذلك من أن المجتمع وضع الثقة به في تربية النشء وتحقيق أهدافه التربوية.
وأكدت أن نظام البصمة دليل قاطع لا يساوره الشك عند الطعن في التزام أحد المعلمين بمواقيت الدوام. مبينة أنه نظام لا يحابي أحدا ولا يجامل شخصا ولا مجال فيه للتزوير أو التشكيك.
السالم: طبقت البصمة في المدرسة منذ عام 2013
أعلن التربوي ماجد مرزوق السالم وهو المدير السابق لثانوية عروة بن الزبير بمنطقة الجهراء التعليمية أنه كان من أوائل مديري المدارس الذين قاموا بتطبيق نظام البصمة في المدارس الحكومية، بل انه يعتبر أول مدير مدرسة يطبق هذا النظام فعليا في حضور وانصراف العاملين بالمدرسة، وكان ذلك بالعام الدراسي 2013/2014، وذلك بعد الحصول على موافقة رسمية من الوكيلة المساعدة السابقة للتعليم العام آن ذاك فاطمة الكندري، وذلك إيمانا بأن هذا النظام الإلكتروني له إيجابيات كثيرة في فرض العدالة والانضباط في حضور وانصراف العاملين بالمدرسة.
وأضاف أنه رغم اعتراض عدد غير قليل من معلمي المدرسة في البداية على تطبيق هذا النظام، إلا أنه مع إصراره على تطبيقه تم التنفيذ واستمر العمل به وبمرور الوقت تقبل الجميع الوضع وظهرت لهذا النظام إيجابيات شعر بها الجميع خاصة في إثبات الحضور والانصراف بدقة، ودون تدخل بشري، مما يمنع أي تلاعب في هذا الصدد، كما أنه أدى إلى تقليل عملية تغيب بعض المعلمين عن دوامهم المدرسي، وبالتالي عدم ضياع الحصص على الطلبة أو حدوث ربكة في المدرسة لتغيير الحصص وتوزيع حصص الاحتياط، لافتا إلى أن تطبيق نظام البصمة الإلكترونية سيحد من ظاهرة الغياب بشكل كبير.
وأضاف السالم أنه من أشد المؤيدين لتطبيق نظام البصمة الإلكتروني بالمدارس فسيساهم في منع التلاعب وسيحد من التأخير وسيجعل المعلمين أكثر التزاما بحصصهم وجداولهم، وعلى الرغم من وجود بعض السلبيات لهذا النظام إلا أن الإيجابيات أكثر من السلبيات.
وعن وضع التعليم داخل مدارسنا ووجود بعض المشكلات داخل المدارس تؤثر بالسلب على العملية التعليمية، ذكر السالم أنه يرى أن المعلم هو حجر الزاوية وأهم ضلع في أضلاع المنظومة التعليمية، وأن المعلم المتفاني المخلص في عمله مع إدارة متميزة نجد ان مستوى الأداء التعليمي داخل المدرسة يكون مميزا جدا ويحقق الأهداف المرجوة ومخرجات مميزة.