Last Update :
جثة أُخرجت من قبرها لتُعدم… القصة التي حيّرت التاريخ
تركيا: لمى الحلو
لا تزال قضية إعدام السياسي الإنجليزي الشهير أوليفر كرومويل واحدة من أغرب القصص في التاريخ، إذ لم ينفَّذ حكم الإعدام بحقه إلا بعد وفاته، بعدما صوّت البرلمان البريطاني على استخراج جثته وتعليق رأسه علناً، في واقعة تاريخية غير مسبوقة.
حيث بدأت القصة في عام 1642 حين دخلت إنجلترا حرباً أهلية دامية بين أنصار الملكية والبرلمانيين، استمرت حتى عام 1651 وأسفرت عن مقتل أكثر من 150 ألف شخص. وسط هذه الفوضى برز اسم كرومويل كقائد عسكري وسياسي بارز، قاد القوات البرلمانية إلى النصر، وساهم في إعدام الملك تشارلز الأول عام 1649 بتهمة الخيانة العظمى.
وفي عام 1653، أصبح كرومويل اللورد الحامي لإنجلترا، وحكم البلاد حتى وفاته في 3 سبتمبر 1658 عن عمر 59 عاماً إثر إصابته بالملاريا وحصوات في الكلى، وحظي حينها بجنازة مهيبة في دير وستمنستر، تعادل جنازات ملوك إنجلترا.
و بعد وفاة كرومويل، تولى ابنه ريتشارد كرومويل الحكم لفترة قصيرة قبل أن يطيح به أنصار الملكية ويعود تشارلز الثاني من منفاه ليتولى العرش. عندها قرر الملك الجديد الثأر لوالده المقتول، فاستهدف رموز النظام الجمهوري السابق، وكان كرومويل أبرزهم، رغم وفاته كما أنه في يناير 1661، صوّت البرلمان الموالي للملك لصالح استخراج جثث:
أوليفر كرومويل.
القاضي جون برادشاو، رئيس محاكمة الملك تشارلز الأول.
الجنرال هنري إيريتون، أحد أبرز قادة الجيش البرلماني.
ونُفّذ حكم الإعدام الرمزي في تيبورن بلندن، حيث شُنقت الجثث حتى المساء، ثم قُطعت رؤوسها، وثُبت رأس كرومويل على عمود خشبي يبلغ طوله 6 أمتار عند مدخل قاعة وستمنستر، ليظل معروضاً حتى نحو عام 1684.
هذا وتشير الروايات التاريخية إلى أن رأس كرومويل سقط يوماً بسبب العواصف، فالتقطه أحد المارة، ومنذ ذلك الحين بدأ رحلة طويلة بين أيدي جامعي التحف والمقتنيات التاريخية، كما عرض في بعض المتاحف لسنوات.
وفي عام 1960، وبعد أكثر من 300 عام من وفاته، دُفن الرأس أخيراً في كلية سيدني سوساكس بجامعة كامبريدج، وهي الجامعة التي تلقى فيها كرومويل تعليمه.
كما تظل قصة كرومويل مثار جدل واسع في التاريخ البريطاني؛ فقد اعتبره البعض بطلاً جمهورياً قاد ثورة ضد الملكية المطلقة، فيما رآه آخرون ديكتاتوراً عسكرياً. أما مصير رأسه، فقد تحول إلى رمز سياسي لصراع دموي طوى قرناً مضطرباً من تاريخ إنجلترا.

