أكد تقرير برلماني أعدّته لجنة الشؤون المالية والاقتصادية والصناعية للمجلس الوطني الاتحادي، بشأن موضوع «أثر التشريعات المنظمة لأنشطة سوق العمل على المتغيرات الاقتصادية في الدولة»، أن تخفيض مدة تصاريح العمل التي تصدرها وزارة الموارد البشرية والتوطين إلى سنتين، تسبب في أعباء مالية وإدارية أضرّت بصاحـب العمل، موصياً بتعديل مـدة تصاريح العمـل لتصبـح ثلاث سنـوات بدلاً مـن سنتين.
كما أوصى التقرير الذي يناقشه أعضاء المجلس خلال جلسته المقرر انعقادها اليوم، بزيادة مدة إخطار العامل لصاحب العمل، الخاصة بترك العمل، لتصبح ثلاثة أشهر بدلاً من (14) يوماً حسب عقد العمل في أثناء فترة التجربة، فيما كشف أن عدد الشركات الصغيرة والمتوسطة في الدولة انخفض بنسبة أكثر من (50%) حسب آخر إحصاءات لوزارة الاقتصاد خلال العام الجاري، ما أدى إلى انخفاض إسهام هذه الشركات في الناتج المحلي الإجمالي في الدولة.
وتفصيلاً، يعقد المجلس الوطني الاتحادي، اليوم، جلسته العاشرة من دور الانعقاد العادي الرابع من الفصل التشريعي الـ17، برئاسة رئيس المجلس، صقر غباش، لمناقشة موضوع «أثر التشريعات المنظمة لأنشطة سوق العمل على المتغيرات الاقتصادية في الدولة»، كما يوجه أعضاء بالمجلس خمسة أسئلة برلمانية إلى ممثلي الحكومة، بينها سؤالان إلى الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، الأول من النائب الثاني لرئيس المجلس، ناعمة عبدالله الشرهان، حول «دراجات توصيل الطلبات»، والثاني من العضو حميد علي العبّار، حول «متعاطي المخدرات من الشباب المواطنين».
فيما يوجّه عضوان آخران سؤالين إلى وزير الصحة ووقاية المجتمع وزير الدولة لشؤون المجلس الوطني الاتحادي، عبدالرحمن بن محمد العويس، الأول من العضو عبيد خلفان السلامي، حول «خفض معدلات الإصابة بمرض السرطان»، والثاني من العضو الدكتورة هند حميد بن العليلي، حول «آلية تقييم المؤسسات العلاجية خارج الدولة التي يتم إيفاد المرضى إليها»، وأخيراً يوجّه العضو أحمد عبدالله الشحي، سؤالاً إلى وزير الموارد البشرية والتوطين، الدكتور عبدالرحمن بن عبدالمنان العور، حول «استقدام العمالة المنزلية المساعدة بتأشيرة سياحية».
ويناقش أعضاء المجلس خلال الجلسة، تقريراً برلمانياً أعدّته لجنة الشؤون المالية والاقتصادية والصناعية للمجلس، بشأن موضوع «أثر التشريعات المنظمة لأنشطة سوق العمل على المتغيرات الاقتصادية في الدولة»، والذي تناول الموضوع من محورين رئيسين، الأول تأثير القانون في دعم المنشآت الاقتصادية في الدولة، وتحقيق التوازن بين أصحاب المصلحة. والثاني، أثر التشريعات المنظمة لأنشطة سوق العمل على مستهدفات واستراتيجيات الدولة المستقبلية ورؤية الإمارات 2071، متضمّناً عدداً من الملاحظات والمقترحات والتوصيات.
وأشار التقرير، الذي حصلت «الإمارات اليوم» على نسخة منه، إلى أن لجنة الشؤون المالية والاقتصادية والصناعية، عقدت اجتماعات عدة لدراسة الموضوع العام، بمقر الأمانة العامة في دبي، اطلعت خلالها على كثير من الدراسات والأوراق البحثية المعدّة حول الموضوع، كما عقدت عدداً من الاجتماعات مع الجهات المعنية، وانتهت في دراستها إلى عدد من الملاحظات والنتائج الأساسية في المحور الخاص بتأثير القانون في دعم المنشآت الاقتصادية في الدولة، وتحقيق التوازن بين أصحاب المصلحة، أهمها أن تخفيض مدة تصاريح العمل إلى سنتين أدّى إلى كثير من الأعباء المالية والإدارية، مما ترتب عليه الإضرار بصاحب العمل، وكذلك أن مدة الإخطار المقررة لإنهاء عقد العمل في أثناء فترة التجربة البالغة (14) يوماً بحد أدنى من التاريخ المحدد لإنهاء التجربة، تعتبر مدة غير كافية لصاحب العمل، ما أدى إلى غياب التوازن بين مصالح الأطراف المتعاقدة وعدم استقرار المشاريع الصغيرة والمتوسطة ومن ثم عدم تحقيقها للنمو الاقتصادي المستهدف.
وفي ما يتعلق بالمحور الثاني (أثر التشريعات المنظمة لأنشطة سوق العمل على مستهدفات واستراتيجيات الدولة المستقبلية ورؤية الإمارات 2071) أفاد التقرير بأن اللجنة توصلت إلى عدد من الملاحظات والنتائج، أهمها أن عدد الشركات الصغيرة والمتوسطة في الدولة انخفض بنسبة أكثر من 50%، حيث كان عددها 350 ألف شركة في منتصف عام 2020، ثم انخفض إلى 122 ألف شركة حسب آخر إحصاءات وزارة الاقتصاد في 2023، ما أدى إلى انخفاض إسهام قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي الإجمالي في الدولة.
وذكر التقرير أن الملاحظات شملت كذلك أن توفير المزايا التفضيلية والإعفاءات الضريبية للاستثمارات الأجنبية في الأسواق الخارجية المنافسة سيؤثر سلباً على النسب المستهدفة لجذب الاستثمارات الأجنبية لسوق الدولة، إضافة إلى أن التحديات التي تواجه روّاد الأعمال المواطنين في العديد من المجالات (مثل نظام التقاعد، الرسوم الاتحادية وتعرفة بعض الخدمات الأساسية، وسرعة تغير القوانين) أدّت إلى زيادة الأعباء المالية عليهم، ما أثر سلباً على نمو مشاريعهم.
وأوضح التقرير أن اللجنة توصلت إلى عدد من التوصيات البرلمانية، بناءً على الملاحظات والاستنتاجات التي رصدتها، تتعلّق بالإطارين التشريعي والتنفيذي، حيث تضمنت التوصيات الخاصة بالإطار التشريعي جانبين، الأول خاص بالنظر في تعديل المرسوم بقانون اتحادي رقم (33) لسنة 2021 بشأن تنظيم علاقات العمل وتعديلاته ولائحته التنفيذية، والأنظمة القانونية، إذ شملت «تعديل مدة تصاريح العمل لتكون ثلاث سنوات عوضاً عن سنتين لتقليل التكاليف المالية، وزيادة مدة إخطار العامل لصاحب العمل لتصبح من شهر إلى ثلاثة أشهر عوضاً عن 14 يوماً حسب عقد العمل أثناء فترة التجربة، واشتراط إتمام مدة سنة في حال رغب العامل في الانتقال لصاحب عمل آخر بعد انتهاء فترة التجربة (يُلغى هذا الشرط إذا وافق صاحب العمل على انتقال العامل)، وعدم إلزام صاحب العمل بتحمل نفقات عودة العامل إلى جهة استقدامه أو أي مكان آخر يكون الطرفان قد اتفقا عليه إذا ارتكب العامل خطأ أو غيرها من حالات فصل العامل دون إنذار أو في حالة الانقطاع عن العمل، ووضع آلية لإخطار صاحب العمل تُمكّنه من معرفة عودة العامل للدولة وزيادة مدة تعويض صاحب العمل لتصبح ستة أشهر من انتهاء عقد العمل».
فيما شمل الجانب الثاني من التوصيات التشريعية «النظر في تعديل المرسوم بقانون اتحادي رقم (13) لسنة 2022 بشأن التأمين ضد التعطل عن العمل، بحيث يشمل العقود المؤقتة لفئة المواطنين العاملين في القطاع الخاص».
وبحسب التقرير، شملت التوصيات البرلمانية الخاصة بوزارة الموارد البشرية والتوطين «عدم تحصيل رسوم إضافية لتصريح العمل من صاحب العمل الجديد عند انتقال العامل إلى منشأة أخرى، والتنسيق مع الهيئة العامة للمعاشات والتأمينات الاجتماعية بشأن إيجاد آلية لتشجيع رواد الأعمال للتسجيل في نظام التقاعد من خلال تخفيض كلفة رسوم اشتراك رواد الأعمال المواطنين وإعادة النظر في رفع الحد الأقصى لراتب حساب الاشتراك المعمول به حالياً (50 ألف درهم في القطاع الخاص)، ومراعاة تنوع أنشطة القطاعات العاملة في الدولة أثناء إصدار قرار مجلس الوزراء في شأن تخفيض ساعات العمل لشهر رمضان».
كما تضمنت التوصيات البرلمانية الخاصة بوزارة الاقتصاد «وضع آلية محددة للتنسيق مع الجهات المعنية لربط وتوحيد أنظمة التراخيص في مختلف الإمارات (مثل بوابة خدمات حكومية موحدة)، وإيجاد آلية لتلقي الوزارة رؤى أصحاب المصلحة قبل إعداد التشريعات المتعلقة بهم بما يكفل إعدادها وفقاً للظروف الواقعية في الاقتصاد، ودراسة مشروعات القوانين والسياسات والاستراتيجيات لضمان تناسبها مع الأنشطة الاقتصادية في الدولة وعدم تطبيقها إلّا بعد مرور فترة انتقالية كافية، ووضع ضوابط واشتراطات للاستثمار الأجنبي المباشر بحيث يتضمن شروط نفاذه إلى أسواق الدولة والتسهيلات الممنوحة له ليكون ذا قيمة محلية مضافة لاقتصاد الدولة».
• 50% انخفاضاً في عدد الشركات الصغيرة والمتوسطة بالدولة.
تدريب المواطنين في «الخاص»
أكدت لجنة الشؤون المالية والاقتصادية والصناعية للمجلس الوطني الاتحادي، أن عدم تدريب وتأهيل المواطنين في القطاع الخاص أدّى إلى عدم قدرتهم على المنافسة في سوق العمل مع العمالة الأجنبية، إضافة إلى عدم تأهيلهم لمواجهة متطلبات الدولة ومستهدفاتها الاستراتيجية.