شكا سكان في الفرجان ومناطق سياحية مختلفة سلوكيات متهورة لمستخدمي وسائل التنقل الكهربائية (السكوترات) في طرق الفرجان، خصوصاً من قبل الأطفال والمراهقين، مؤكدين أنها تثير الإزعاج وتتسبّب في حوادث خطرة، فضلاً عن أنها تربك الحركة المرورية.
وشددوا على ضرورة تحلي الآباء بقدر من المسؤولية، وعدم السماح لأبنائهم دون السن القانونية باستخدام «السكوتر» ومراقبة سلوكياتهم في الخارج، حمايةً لهم، وحفاظاً على سلامة الآخرين وراحتهم، خصوصاً في المناطق السكنية، فيما أكدت شرطة دبي أنها ترصد الممارسات المرتبطة بالاستخدام الخاطئ لوسائل التنقل الشخصية، ومن بينها «السكوتر»، مشيرة إلى أنها تعمل بالتعاون مع الجهات ذات الصلة، في مقدمتها هيئة الطرق والمواصلات، على إيجاد حلول وسنّ تشريعات للحدّ من هذه السلوكيات.
وتفصيلاً، قال سكان فرجان ومرتادو مناطق مختلفة في دبي إن مستخدمي هذه الوسائل، خصوصاً الأطفال، يسببون كثيراً من الإزعاج، في ظل القيادة العشوائية وعدم وجود ضوابط تحكم هذه الممارسات، فتجد الطفل يخرج مندفعاً من منزله من دون أن ينتبه إلى المارة أو المركبات في الشارع، فضلاً عن التصرفات الاستعراضية، ومزاحمة السيارات، وركوب أكثر من طفل أحياناً على دراجة «سكوتر» واحدة.
وتعرّض أطفال وأشخاص لإصابات بليغة نتيجة الاستخدام الخاطئ للدراجة الكهربائية (السكوتر)، من بينهم طفل سقط أثناء قيادته على الرصيف، ونقل إلى المستشفى في حالة حرجة وخضع للجراحة.
وقال محمد عبدالفتاح، مقيم في دبي، إنه عانى إصابة بليغة في ظهره، نتيجة تعرضه للصدم بقوة من الخلف من قبل دراجة «سكوتر»، يقودها طفل بطريقة متهورة، أثناء تنزهه في ممشى شاطئ «كايت بيتش».
وأضاف لـ«الإمارات اليوم» أنه فقد توازنه وسقط على الرصيف، كما تعرض الطفل سائق «السكوتر» للسقوط، لافتاً إلى أنه لم يُتخذ إجراء ضده لصغر سنه، وبعد اعتذار أهله الذين كانوا يسيرون خلفه غير مبالين بتصرفاته.
وفي إحدى المناطق السكنية الأخرى، تعرضت طفلة خليجية لإصابة بليغة حين دهست دراجة «سكوتر» يقودها مراهق، وتم اتخاذ الإجراءات اللازمة ضده من قبل شرطة دبي.
وذكرت أمينة علي أنها تقطن في منطقة ند الشبا، ولاحظت مرات عدة خروج الأطفال إلى الشارع بشكل مفاجئ مستخدمين درّاجات كهربائية (سكوتر)، مشيرة إلى أنهم لا يتمتعون بالوعي اللازم لاستخدامها في الطرق العامة، ويزاحمون السيارات بشكل يثير الارتباك، كما شاهدت أكثر من مرة طفلين على متن دراجة «سكوتر» واحدة، معربة عن قناعتها بأن هذا يمثل خطورة على حياتهم وسلامة الآخرين.
فيما ذكر محمد علي أن طفلاً كاد يسقط أمامه من على الرصيف إلى الشارع، حين كان يقود دراجة «سكوتر» خاصة به، مشيراً إلى أن الوسيلة ربما تكون مناسبة لأشخاص أكبر سناً لديهم دراية وثقافة كافية بآلية سير المركبات وسبل القيادة بأمان.
وسجّلت شرطة دبي، خلال ثلاث سنوات، أكثر من 51 ألف مخالفة لسائقي «سكوتر» لم يلتزموا بالضوابط التي صدر بها قرار تنظيمي من هيئة الطرق والمواصلات في دبي عام 2022، بينما تعرض أطفال وأشخاص لحوادث بليغة، بسبب القيادة غير الآمنة لهذه الوسائل، من بينهم طفل خضع لعدد من العمليات الجراحية إثر سقوطه أثناء استخدام «سكوتر»، وطفلة تعرضت للدهس في إحدى الأحياء السكنية، ورجل صدمه طفل بقوة على ممشى أحد الشواطئ.
وقال مدير الإدارة العامة للمرور بشرطة دبي، اللواء سيف مهير المزروعي، إن شرطة دبي ترصد الممارسات المرتبطة بالاستخدام الخاطئ لوسائل التنقل الشخصية، ومن بينها «السكوتر»، وعملت بالتعاون مع الجهات ذات الصلة، في مقدمتها هيئة الطرق والمواصلات، على إيجاد حلول وسنّ تشريعات تحدّ من هذه السلوكيات.
وأضاف لـ«الإمارات اليوم» أن فرق العمل في الإدارة العامة للمرور، سجلت أكثر من 51 ألف مخالفة استخدام خاطئ لـ«السكوتر» على مدار ثلاث سنوات.
وأشار إلى أن الحملات لا تتوقف، والقانون واضح في ما يتعلق بآلية استخدام هذه الوسائل، لكن تظل هناك مسؤولية على عاتق أولياء الأمور، فليس من المنطقي أن يشتري الأب أو الأم «سكوتر» للابن ولا يراقب تصرفه أو يضبط سلوكيات استخدامه لها في الشارع.
وأشار إلى أن شرطة دبي أصدرت توصيات بناء على الحالات التي يتم رصدها، من بينها عدم تشغيل هذه الوسيلة (السكوتر) إلا بالهوية، من خلال قارئ موجود في الدراجة، والتوصية الثانية أن تتوقف تلقائياً حال خروجها من نطاق جغرافي معين.
وأكد أن التنسيق مستمر دائماً مع هيئة الطرق والمواصلات بشأن عوامل السلامة والأمان، فتم توفير أماكن لتأجير هذه الوسائل، ومنافذ للخوذات ووسائل السلامة، لكنّ هناك أشخاصاً لا يلتزمون بهذه الاشتراطات ما يعرضهم لمخاطر مختلفة.
وأكد أن دور أولياء الأمور مهم للغاية، وليس من الطبيعي أن يقوم الأب بتشغيل «سكوتر» لابنه باستخدام هويته الشخصية، من دون أن يراعي تبعات هذا السلوك على طفله، لافتاً إلى أن هناك حوادث تعرّض لها أطفال بسبب إهمال ذويهم.
وقال المزروعي إن «القوانين متوافرة وواضحة، وليس من المقبول أن يغض الآباء الطرف عن أطفال يخرجون مندفعين بدراجاتهم الكهربائية من المنزل إلى الشارع في الفرجان والأحياء السكنية، أو يزاحمون السيارات في الطرق العامة، معرّضين أنفسهم والآخرين للخطر».
وأضاف أن إمارة دبي كانت سبّاقة في استحداث ضوابط قيادة هذه الوسائل منذ عام 2022، وهذا يأتي في إطار الحرص على تشجيع استخدامها في ظل فوائدها الملموسة مثل تقليل الزحام، وتعزيز الصحة الجسدية والنفسية وتقليل الانبعاثات الكهربائية من خلال الطاقة النظيفة، لكن في المقابل حرصت على وضع أنظمة تضبط استخدامها حتى لا تتحوّل إلى وسائل تهدد سلامة مستخدمي الطرق.
بدوره، قال مدير مركز شرطة بر دبي، اللواء عبدالله خادم بن سرور المعصم، لـ«الإمارات اليوم»، إن دور المنزل مهم للغاية في ضبط سلوكيات الأطفال الذين يستخدمون «السكوتر» بشكل خاطئ.
وأضاف أن المركز نفّذ حملات لرصد الممارسات المخالفة، وحجز أخيراً نحو 564 «سكوتر» ودراجة نارية، لكن من الضروري أن تسيطر الأسرة على تصرفات أبنائها خصوصاً في الفرجان والأحياء السكنية، ومراقبة طريقة قيادتهم لهذه الوسائل، والتعامل بصرامة حال رصد تجاوزات من قبل الأطفال، والسماح لهم بقيادة الدراجات المناسبة لأعمارهم، فليس من المتصور منح طفل دراجة «سكوتر» سريعة لا يمكنه التحكم فيها، ويمكن أن تسبب خطورة على حياته وسلامة الآخرين.
وأوضح المعصم أن هناك ضوابط تحكم حيازة وقيادة هذه الوسائل، لكن هناك حاجة إلى تقنين عملية اقتنائها، وتحديد مسارات معينة لها، واشتراطات أمن وسلامة، لأن هناك فئة من مستخدميها تعتبرها وسيلة للترفيه والتسلية، وترى أطفالاً يقودونها بين المركبات، مؤكداً أن هناك حرصاً على تشجيع استخدام وسائل التنقل النظيفة، لكن من الضروري مراعاة طبيعة الشوارع في الإمارة.
بدوره، قال مصدر مروري لـ«الإمارات اليوم»، إن «هناك لجنة مشكّلة من وزارة الداخلية لوضع اللائحة التنفيذية لقانون المرور الجديد، التي تتضمن وسائل التنقل الشخصي ومن بينها (السكوتر)، بهدف توحيد أنظمة وتشريعات استخدامها على مستوى الدولة، ما يضمن توفير اشتراطات واضحة تتعلق بالترخيص والمسارات».
وأضاف أن هناك اشتراطات يجري العمل على تحديثها تتناول مستقبل استخدام دراجة «السكوتر»، ليتم تصنيفها كمركبة، وتعامل وفق القواعد والضوابط ذاتها، ومن ثم يتم تحديث آليات وتقنيات الضبط بما يحفظ السلامة المرورية.
وأوضح أن جميع السلوكيات المتصلة باستخدام «السكوتر» تُرصد من قبل فِرَق الضبط، وحددت الأماكن التي تشهد ممارسات خاطئة، ولوحظ أن هناك دراجات تصل سرعتها إلى 120 كيلومتراً في الساعة.
ولفت إلى أنه من خلال تتبع مصدر هذه الدرّاجات تبيّن أنها تؤجر من قبل إحدى الشركات، فتم استدعاء صاحبها، وتبين أنها مرخصة لتأجير الدراجات النارية وليست الكهربائية، ومن ثم ثبت أنها تمارس نشاطاً مخالفاً، كما يجري تعديلات في تلك الوسائل حتى تصل سرعة بعضها إلى 180 كيلومتراً في الساعة.
ضوابط
حدّدت هيئة الطرق والمواصلات في دبي شروطاً لإصدار تصريح قيادة دراجة «السكوتر» الكهربائية، وهي: ضرورة ألا يقل عمر المستخدم عن 16 عاماً، وأن يستوفي متطلبات الدورة التدريبية التوعوية للحصول على التصريح.
ويُستثنى حاملو رُخص القيادة سارية المفعول من شرط الحصول على تصريح لقيادة «السكوتر» الكهربائية، بغض النظر عن سلطة الترخيص التي أصدرت الرخصة، واجتياز الدورة التدريبية المقرّرة من مؤسسة الترخيص في الهيئة إلكترونياً، وحدّدت الهيئة المسارات الخاصة بالدرّاجات الهوائية والكهربائية و«السكوتر»، موضحة أنه في ما يخص المسارات الخاصة بالدرّاجات فإنها محددة في اللوحات الإرشادية، والمسارات المشتركة مع المشاة، والطرق الداخلية أو الفرعية التي لا تزيد حدود السرعة القصوى فيها على 60 كلم/ساعة، والجانب الأيمن من الطريق المحدد بعلامات أرضية أو لوحات إرشادية، والطرق الآمنة والمشتركة مع المركبات في مناطق التنقل المرن.
أمّا بالنسبة لدراجات «السكوتر» الكهربائية، فأوضحت أن هناك مسارات خاصة بها لا تزيد حدود السرعة القصوى فيها على 20 كلم/ساعة، والطرق الآمنة والمشتركة مع المركبات في مناطق التنقل المرن المحددة في اللوحات الإرشادية والجانب الأيمن من الطريق، والمحددة بعلامات أرضية أو لوحات إرشادية تسمح بقيادة الدرّاجات عليها.
إحالة مثيري فوضى إلى «نسيج»
اتخذت شرطة دبي إجراءات ضد مراهقين أثاروا فوضى باستخدام وسائل تنقل شخصية منها «السكوتر»، مثل قيادتها على إطار واحد في مناطق سكنية، وأحيلوا للتقويم لدى برنامج «نسيج» المخصص لإعادة التأهيل السلوكي للأحداث الجانحين، بديلاً عن اتخاذ إجراءات قانونية حيالهم تؤثر في مستقبلهم.
51 ألف مخالفة سجّلتها شرطة دبي خلال ثلاث سنوات لسائقي «سكوتر» لم يلتزموا بالضوابط.