على الرغم من خوضها رحلة علاج طويلة، بدأت منذ ولادتها مصابة بمتلازمة صحية، فقد نجحت الطفلة الإماراتية، ماريا سالم الشحي، في تقديم محتوى بيئي مميز عبر حساباتها على وسائل التواصل الاجتماعي، أثار اهتمام كثيرين، بفضل ثقتها بنفسها، وقدرتها على إحداث تأثير إيجابي في سلوك الآخرين.
وقالت الطفلة (ماريا) لـ«الإمارات اليوم» إن التحديات الصحية لم تكن عائقاً أمام اكتشاف ذاتها، بل دفعتها للبحث عن مساحة تعبّر من خلالها عن مشاعرها وقدراتها، مشيرة إلى أنها تحب الرسم كثيراً، وهو هوايتها المفضلة، ومن خلاله تعبّر عن نفسها وتشعر بالراحة.
وبيّنت (ماريا)، البالغة 10 سنوات وتدرس في الصف الخامس، أن بداياتها مع الرسم لم تكن سهلة، مشيرة إلى أن قبضة يدها شكلت تحدياً في البداية، لكنها أصرت على الاستمرار، لافتة إلى أنها كانت تشعر بصعوبة في بداية ممارسة الرسم، بسبب قبضة يدها، لكن مع الوقت تطورت بشكل كبير، وتعلمت كيف تساعد نفسها لتكون مثل أقرانها، فتعلمت بنفسها عبر التدريب والمحاولة المستمرين.
وأضافت أنها تميل إلى رسم شخصيات الأنمي، من مسلسل «هجوم العمالقة»، وتحديداً شخصية «ميكاسا»، لأنها قوية وشجاعة، وتشعر بأنها تشبهها.
وحول دخولها عالم صناعة المحتوى، أوضحت أن الفكرة جاءت بدعم من والدتها: «أمي شجعتني على أن أكون صانعة محتوى، وكانت دائماً تقول لي إن الإبداع لا يعرف حدوداً، وإن عليّ أن أتغلب على أي تحديات يمكن أن تواجهني، أو تواجه أي طفل يفكر في أن يكون صانع محتوى».
وأضافت: «وجودي في وسائل التواصل الاجتماعي جاء بدعم من أسرتي ومدرستي والجهات التي شجعتني، وعندما بدأت بالنشر، وجدت حباً وتشجيعاً كبيرين من الناس، وهذا جعلني أستمر وأطوّر نفسي أكثر».
وتقدم (ماريا) عبر حساباتها على وسائل التواصل الاجتماعي محتوى تثقيفياً بيئياً باللغة الإنجليزية، إلى جانب استعراض أعمالها الفنية.
وترى أن اهتمامها بنشر هذا النوع من المحتوى نابع من قناعتها بأهمية التوعية البيئية منذ الصغر.
وأكدت أن التفاعل الإيجابي الذي تلقته من المتابعين، ومن كتاب ومشاهير، شكّل حافزاً إضافياً لها للاستمرار: «الناس يحبون المحتوى الذي أقدمه ويشجعونني، وهذا يجعلني أشعر بالمسؤولية تجاه الرسالة التي أقدمها».
وحول طموحاتها المستقبلية، قالت: «أتمنى أن أصبح مصممة أزياء في المستقبل، وأبرز الزي التراثي الإماراتي بأجمل صورة، وبأشكال وألوان زاهية، وفي الوقت نفسه أريد أن أكون صانعة محتوى ناجحة، أُبرز دولتي، وأعبّر عن المواطن الإيجابي».
ووجهت (ماريا) رسالة للأطفال مفادها أنه لا شيء مستحيل على طفل في الإمارات، والشجاعة هي أهم صفة لأي طفل يفكر في أن يكون صانع محتوى، ومع الخبرة سيتمكن أي طفل من تحقيق أي هدف يريده.
وقالت والدة ماريا الشحي إن ابنتها كانت منذ طفولتها تميل إلى الظهور والتعبير أمام الكاميرا، موضحة أن «هناك أطفالاً يخافون من الظهور أمام الكاميرا، لكن (ماريا) منذ صغرها كانت تمسك الهاتف، وتصور وتتحدث بثقة، وفي تلك اللحظة أدركت أن ابنتي قادرة على أن تثبت نفسها كصانعة محتوى».
وأضافت أن مسار العلاج الطويل لم يترك أثراً سلبياً على الحالة النفسية لابنتها، موضحة أن رحلة العلاج بدأت منذ الولادة، ولاتزال مستمرة، حيث أمضت (ماريا) ثلاثة أشهر في أحد مستشفيات دبي، قبل أن تستكمل علاجها في كوريا، مؤكدة أن ابنتها تتعامل مع واقعها بتقبل واطمئنان، وتتمتع بتصالح واضح مع ذاتها.
وأشارت إلى أن (ماريا) تعرّضت في طفولتها لموقف تنمر داخل الحافلة المدرسية، إلا أن التعامل مع الأمر كان سريعاً وحاسماً، وقالت: «بمجرد أن أبلغنا إدارة المدرسة تم حل المشكلة فوراً، وترسيخ فكرة أن التنمر مرفوض بين الطلبة، واليوم (ماريا) لا تواجه أي تنمر، بل أصبحت متميزة بين أقرانها».
وأكدت أن دعم الأسرة كان موجهاً لتعزيز ثقة (ماريا) بنفسها، لا للضغط عليها، إذ حرصت دائماً على أن تشعر (ماريا) بأنها قادرة، وأن التحديات لا تعني التوقف، بل الاستمرار، وهذا ما تراه اليوم في شخصيتها وحضورها.
وبيّنت أن قصة ابنتها تختصر نموذجاً ملهماً لطفلة إماراتية حولت التحديات الصحية التي رافقتها منذ الولادة إلى دافع للإبداع والتميز، مستندة إلى دعم أسري واعٍ، وبيئة تعليمية محفزة، وبموهبتها الفنية وطموحها المبكر، تؤكد أن الإصرار والثقة بالنفس قادران على فتح آفاق واسعة أمام الأطفال، وأن الطموح لا تحده السن، ولا تعيقه التحديات.

