قضت محكمة استئناف رأس الخيمة، الدائرة الجزائية، بتعديل حكم صادر بحق متهم دِين بتعاطي مؤثرَين عقليَين وقيادة مركبة تحت تأثيرهما، وقررت تخفيف الغرامة المقضيّ بها عن تهمة التعاطي من 20 ألفاً إلى 10 آلاف درهم، مع إلغاء مصادرة الهاتف، بعدما عزا المتهم تناوله عقاراً مخدراً إلى إصابته بمرض نفسي.
وتعود وقائع القضية إلى قيام الجهات المختصة باستيقاف المتهم أثناء قيادته مركبته على أحد طرق إمارة رأس الخيمة، بعد الاشتباه في حالته، حيث باشرت الإجراءات القانونية بحقه، وشملت القبض والتفتيش، وأخذ عينة لإجراء الفحص الطبي.
وبحسب أوراق الدعوى، أظهرت نتائج التحليل وجود مادتين، مدرجتين ضمن جداول المؤثرات العقلية، الأمر الذي أسفر عن إحالة المتهم إلى النيابة العامة لمباشرة التحقيق.
وخلال استجوابه، أفاد المتهم بأنه يعاني اضطرابات نفسية منذ سنوات، ويتلقى العلاج بموجب وصفات طبية، موضحاً أن الأدوية التي يتناولها مرتبطة بحالته الصحية، وقد تؤدي إلى نتائج إيجابية في التحاليل المخبرية، نافياً تعاطي أي مواد بقصد غير علاجي.
وقضت محكمة أول درجة حضورياً بإدانة المتهم، ومعاقبته بتغريمه 20 ألف درهم عن تهمة التعاطي، و5000 درهم عن تهمة القيادة تحت التأثير، مع مصادرة الهاتف المضبوط، وإبعاده عن الدولة عقب تنفيذ العقوبة.
وطعن المتهم على الحكم بالاستئناف، وذكر أنه أصيب بمرض ترافق مع مرض نفسي أفقده القدرة على النوم والعمل، وأصابه بالإرهاق، ولكنه لم يعر الأمر أهمية.
وتابع أنه بدأ يتعرض لتشنجات في جسمه وفقدان الوعي، ليتبين، بعد توجهه إلى أطباء مختصين، أنه يعاني مرض الاكتئاب، فوصف له الطبيب أدوية.
وأكدت محامية المتهم، حنان الشميلي، أن تعاطي المتهم العقاقير محل الاتهام كان بقصد العلاج وبموجب وصفات طبية صادرة عن أطباء مرخصين داخل الدولة، مضيفة أن «تلك الأدوية وصفت لعلاج اضطرابات نفسية يعانيها منذ سنوات، من بينها القلق والتوتر ونوبات فقدان الوعي».
ودفعت بأن القصد الجنائي غير متوافر في الواقعة، باعتبار أن استعمال العقاقير تم في إطار مشروع ومباح قانوناً، وعلى سبيل العلاج فقط، ما ينتفي معه الركن المعنوي للجريمة، وفقاً لما استقر عليه قضاء محكمة التمييز.
كما دفعت بعدم توافر أركان جريمة تعاطي المؤثرات العقلية، على اعتبار أن المواد المضبوطة تندرج ضمن العقاقير الطبية المصرح بتداولها بوصفة طبية، ولا تعد من المواد المخدرة أو المحظورة إذا استخدمت في إطارها العلاجي الصحيح.
وأكدت عدم انطباق القيد والوصف الواردين في أمر الإحالة على الواقعة، سواء فيما يتعلق بتهمة التعاطي أو بتهمة قيادة المركبة تحت تأثير المؤثرات العقلية، لافتة إلى أن الأوراق خلت مما يثبت أن المتهم كان فاقد السيطرة أو الإدراك أثناء القيادة.
وتمسكت بانتفاء صلة الهاتف المتحرك بواقعة التعاطي، موضحة أن تفريغ الهاتف لم يسفر عن أي مراسلات أو بيانات تفيد الحصول على العقاقير بطرق غير مشروعة أو التواصل بشأنها، ما ينتفي معه مبرر المصادرة.
واختتمت دفاعها بطلب إلغاء الحكم المستأنف والقضاء ببراءة المتهم مما نسب إليه، تأسيساً على بطلان الإجراءات، وانتفاء القصد الجنائي، وعدم توافر أركان الجرائم محل الاتهام.
وأوضحت محكمة الاستئناف، في أسباب حكمها، أن تقدير الأدلة واستخلاص الصورة الصحيحة للواقعة من سلطة محكمة الموضوع، متى كان استخلاصها سائغاً ومبنياً على أدلة لها أصل ثابت في الأوراق، مؤكدة أن نتائج الفحص المعتمدة تكفي لقيام أركان الإدانة عن التهم المسندة إلى المتهم.
وانتهت المحكمة في المقابل، إلى إعادة تقدير العقوبة، فقضت بتخفيض الغرامة المحكوم بها عن تهمة التعاطي، معتبرة أن ذلك يحقق التناسب، كما قضت بإلغاء مصادرة الهاتف، بعد أن تبين لها من واقع محاضر التفتيش أن تفريغ الهاتف لم يسفر عن أي مراسلات أو بيانات تفيد استخدامه في الحصول على المواد المؤثرة عقلياً أو في ارتكاب الجريمة، وانتفاء الصلة المباشرة بين الهاتف والفعل محل الاتهام.
وأكدت المحكمة أن المصادرة بوصفها عقوبة تكميلية لا تقضى إلا متى ثبت استخدام الشيء المضبوط في ارتكاب الجريمة، وهو ما لم يتوافر في هذه الدعوى، وقضت تبعاً لذلك بإلغاء مصادرة الهاتف، مع تأييد بقية ما قضى به الحكم المستأنف.
• المتهم أفاد بأن الأدوية التي يتناولها مرتبطة بحالته الصحية، وقد تؤدي إلى نتائج إيجابية في التحاليل المخبرية.

