في لفتة إنسانية نادرة، اختار المواطن أحمد بن سليم بن بطي العامري، في دبي أن يصمم ويترك منزله بلا باب منذ أكثر من 35 عاماً، ليكون مفتوحاً دائماً أمام الجميع ولاستقبال كل من يمر في الحي، من ضيوف وزائرين وسياح ومساكين وعمال، في رسالة حية تعكس الكرم الإماراتي وتجسد قيم وروح العطاء والمساعدة والتكافل التي تميّز المجتمع.
ويقدّم المنزل، الكائن في منطقة زعبيل الأولى، نموذجاً عملياً للأمن والأمان الذي ينعم به المجتمع الإماراتي، إذ ظل البيت مفتوحاً على مدار عقود دون أن يشهد أي مشكلات، ليصبح مساحة دائمة لالتقاء الأهل والجيران والأقارب والأطفال، في صورة تجمع وتعكس معاني «اللمة» والاجتماع والتواصل الإنساني، وتعزز الثقة المتبادلة بين أفراد المجتمع، وشعور المواطنين والمقيمين معاً بالطمأنينة والاستقرار.
وتفصيلاً، روى أحمد العامري قصة منزله لـ«الإمارات اليوم» قائلاً: «بنيت منزلي عام 1983، وتزوجت فيه عام 1984، وكان في بدايته يحتوي على باب من الجهة الغربية، وبعد مرور خمس إلى ست سنوات قمنا بتوسعة المنزل وإجراء تعديلات عليه، وقررت إعادة تصميمه دون باب ودون أي حواجز، ليكون مفتوحاً دائماً أمام الجميع ولاستقبال الضيوف وأفراد الحي والأطفال في المناسبات والأعياد».
وأوضح أن فلسفة المنزل المفتوح نابعة من قناعة راسخة بأهمية الاجتماع والتواصل، قائلاً: «لو أغلقنا الباب، لما جاء أحد، ولما اجتمعنا، ومنذ ذلك الوقت وحتى اليوم لم نواجه أي مشكلات، وبقي المنزل مساحة مفتوحة للناس».
وأشار إلى أن منزله كان آخر بيت يُبنى في الحي، وأصبح مع مرور الوقت محطة طبيعية لكل من يمر بالمنطقة، حيث يدخل الجميع دون تردد، وروى موقفاً لافتاً قائلاً: «منذ أيام عدة دخل بعض الأجانب السائحين الزائرين لدبي إلى المنزل وكانوا يعتقدون أنه حديقة أو متنزه عام، وعندما رأونا جالسين استغربوا عندما علموا أنه منزل خاص، فقمنا باستقبالهم والترحيب بهم وتقديم الضيافة، وهذا ما يسعدنا، لأن الكرم وحسن الاستقبال قيم تربينا عليها».
وتابع أن هذه القيم تعود إلى نشأته في منطقة زعبيل، حيث كان مجلس المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراه، مفتوحاً للجميع، مضيفاً: «كنا نذهب إلى المجلس ونجلس في البرزة دون أن يمنعنا أحد أو يسألنا أحد، وتعودنا على استقبال الضيوف وعدم رد أي شخص، وهذه عادات استلهمناها من شيوخنا وقادتنا، ومن هنا جاءت فكرة أن يكون منزلي دون باب».
ولتعزيز هذه الروح، صمم في منزله خيمة مخصصة لاستقبال الزوار وتجمع الأهل والجيران والأقارب والأطفال وحتى العمال والمساكين، لتقديم الضيافة وإحياء تقاليد المجلس المفتوح، مؤكداً أن المنزل ظل مفتوحاً على مدار السنوات دون خوف أو قلق، قائلاً: «أبنائي ينامون والمنزل مفتوح، ولم نواجه أي مشكلة، وهذا دليل واضح على الأمن والأمان الذي نعيشه في دولة الإمارات».
وأكد أن المقيمين في دبي يشعرون بالأمان كما يشعر به المواطنون، بل يحرصون على الحفاظ عليه، قائلاً: «لم نشتكِ من أي شيء، ونشكر القيادة والحكومة على الخير الذي نعيش فيه، فالمقيم يخاف على المكان كما يخاف عليه المواطن».
وأشار إلى أن ضغوط الحياة والعمل جعلت الناس بحاجة إلى متنفس، موضحاً أن منزله مفتوح للجميع لما يوفره من أجواء طبيعية تمنح الزوار شعوراً بالراحة والبُعد عن ضغوط العمل، كما لفت إلى شغفه بالسفر والترحال، حيث يُعد من أوائل الإماراتيين الذين جابوا دول العالم بالسيارة، إذ انطلق في رحلته عام 1988، وزار عدداً من الدول وصولاً إلى بريطانيا، مؤكداً أن هذه التجارب عززت لديه حب التقارب مع الناس واستضافتهم.
وتبقى قصة هذا المنزل المفتوح في دبي شاهداً حياً على أن الكرم والأمان والتعايش ليست شعارات، بل ممارسات يومية تعكس روح المجتمع الإماراتي وقيمه الأصيلة.
. بعض سياح دبي دخلوا المنزل معتقدين أنه حديقة أو متنزه عام، واستغربوا عندما علموا أنه منزل خاص، فرحبنا بهم وقدمنا لهم واجب الضيافة.

