كشفت تقرير نبض المهارات لعام 2025، الصادر عن مؤسسة عبدالله الغرير بالشراكة مع شركة «كورنرستون» أخيراً، عن ارتفاع في عدد الشهادات المعتمدة في مجال الذكاء الاصطناعي بنسبة 483% خلال عامين، ما يعكس تسارع الإقبال على التعلم في هذا المجال.
وأفاد التقرير الذي حصلت «الإمارات اليوم» على نسخة منه، بأن نظم التعليم مطالبة بالتحول من التركيز على الشهادات إلى تنمية المهارات القابلة للتكيف، في ظل توقعات بأن 39% من المهارات الوظيفية الأساسية ستتغير خلال خمس سنوات، نتيجة التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي.
وتفصيلاً، أظهرت نتائج تقرير نبض المهارات 2025، أن الطلب على مهارات الذكاء الاصطناعي شهد ارتفاعاً واضحاً في سوق العمل الإماراتية خلال عامي 2023 و2024، إلا أن 4.1% فقط من الباحثين عن عمل أدرجوا هذه المهارات في ملفاتهم المهنية عام 2023.
وبيّن التقرير أن نتائج إعلانات الوظائف في دولة الإمارات خلال عام 2024 تظهر أن المهارات البشرية تمثل 59% من المهارات المطلوبة، مقابل 41% للمهارات التقنية، ما يعكس أهمية مهارات، مثل التواصل، والعمل الجماعي، وحل المشكلات، والإدارة، إلى جانب الكفاءات الرقمية.
وأشار إلى أن هذا الواقع يفرض على المؤسسات التعليمية إعطاء أولوية أكبر للمهارات السلوكية والمهارات القابلة للنقل، باعتبارها أساس الجاهزية المهنية للخريجين.
وفي ما يتعلق باحتياجات أصحاب العمل، أظهر التقرير أن المهارات الأكثر نمواً في الطلب داخل دولة الإمارات خلال عامي 2023–2024 شملت: مهارات التعامل مع العملاء (63.3%)، وتحليل توجهات القطاع (61.6%)، ثم الشجاعة المهنية (33.2%)، وأخيراً الاهتمام بالتفاصيل (29.9%). وأوضح التقرير أن هذه المهارات ترتبط بالقدرات الفكرية والمسؤولية والتفاعل الإنساني أكثر من ارتباطها بالمهارات التقنية البحتة.
وأشار التقرير إلى أن الطلب العالمي على المهارات الخضراء ارتفع بنسبة 76% خلال السنوات الخمس الماضية، فيما لا تتجاوز نسبة الباحثين عن عمل في الإمارات الذين يدرجون هذه المهارات في ملفاتهم المهنية 2.1%، مؤكداً أن «هذا التفاوت يستدعي دمج مفاهيم الاستدامة والمهارات البيئية في المناهج، لاسيما في التخصصات الهندسية والتقنية والمهنية».
وسلّط التقرير الضوء على فجوة واضحة بين ما يطلبه أصحاب العمل وما يبرزه الشباب في سيرهم الذاتية، إذ إن 33% من إعلانات الوظائف تطلب مهارات تواصل، مقابل 12% فقط من موظفي «الجيل زد» يذكرونها في سيرهم الذاتية.
وأوضح أن إغفال الطلبة لهذه المهارات، رغم امتلاكهم لها، قد يؤثر سلباً في فرص التوظيف، خصوصاً مع الاعتماد المتزايد على أنظمة الفرز الآلي. واستعرض التقرير دور منصة «مسار الغرير» كنموذج تعليمي تطبيقي، يعتمد على الذكاء الاصطناعي وبيانات سوق العمل في الوقت الحقيقي لتحديد فجوات المهارات، وتوجيه المتعلمين نحو مسارات تعلم مرتبطة مباشرة بالوظائف. وتستهدف المنصة الشباب الإماراتي بين 18 و35 عاماً، وتهدف إلى دعم نحو 45 ألف شاب وشابة في الانتقال من التعلم إلى التوظيف.
وشدّد التقرير على أن مواءمة التعليم مع اقتصاد المهارات لم تعد خياراً، بل أصبحت ضرورة ملحّة، موضحاً أن «الاستثمار في تنمية القدرات البشرية، ومهارات الذكاء الاصطناعي، والاستدامة، يُعدّ السبيل لضمان جاهزية الطلبة، وتعزيز فرصهم في سوق عمل يتغير بوتيرة متسارعة».
واعتمد التقرير على تحليل أكثر من 28 تيرابايت من بيانات سوق العمل العالمية عبر منصة «سكاي هايف»، شملت ملايين إعلانات الوظائف والملفات المهنية، ما يمنح نتائجه أهمية خاصة لصناع السياسات التعليمية والمؤسسات الأكاديمية.
وقالت الرئيسة التنفيذية لمؤسسة عبدالله الغرير، الدكتورة سونيا بن جعفر، لـ«الإمارات اليوم» إن البيانات التي تمتلكها المؤسسة تؤكد ما أثبتته التجارب منذ سنوات، وهو أن التكنولوجيا وحدها لا تكفي لضمان جاهزية الاقتصادات للمستقبل، بل إن العنصر البشري هو العامل الحاسم.

