أعلنت إسرائيل اليوم الاثنين أنها أبلغت الأمم المتحدة رسميا بقطع علاقاتها مع وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، بينما حذرت الوكالة من أن حظرها قد يؤدي لانهيار العمل الإنساني في قطاع غزة الذي تمزقه الحرب.

وأوضحت وزارة الخارجية الإسرائيلية في بيان أنها أبلغت الأمم المتحدة بإلغاء الاتفاقية المبرمة بين دولة إسرائيل والأونروا.

ونقل البيان عن وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس اتهامه للأونروا بأنها “جزء من المشكلة في قطاع غزة وليست جزءا من الحل”، كما كرر المزاعم الإسرائيلية بمشاركة موظفين من الوكالة في الهجوم الذي شنته المقاومة الفلسطينية على مستوطنات إسرائيلية في السابع من أكتوبر/تشرين الأول العام الماضي.

كما أكد مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة، داني دانون، أن تل أبيب أخطرت الأمم المتحدة بوقف العمل مع الأونروا، وزعم أن حركة حماس تسيطر عليها.

وقال دانون إن “تل أبيب مستمرة في العمل مع المنظمات الإنسانية ولكن ليس مع منظمات تخدم الإرهاب”، وفق تعبيره.

تحذيرات

وفي تعليق على القرار الإسرائيلي، الذي سيدخل حيز التنفيذ خلال 3 أشهر، أكدت الأونروا اليوم الاثنين أن حظر إسرائيل لأنشطتها قد يؤدي إلى انهيار العمل الإنساني في قطاع غزة الذي تعصف به الحرب.

ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن المتحدث باسم الأونروا، جوناثان فاولر قوله تعليقا على الخطوة الإسرائيلية، “إذا تم تطبيق القانون فمن المرجح أن يتسبب في انهيار العملية الإنسانية الدولية في قطاع غزة والتي تشكل الأونروا عمودها الفقري”.

من جهتها، قالت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إن إلغاء سلطات الاحتلال الاتفاقية التي تنظم عمل الأونروا، استخفاف بالمجتمع الدولي وازدراء للمنظومة الأممية.

وأضافت أن قرار إسرائيل قطع العلاقة مع الأونروا محاولة لتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين وتأكيد على تجاوز كل القيم الإنسانية.

وطالبت الحركة المجتمع الدولي والأمم المتحدة بالوقوف بشكل حازم أمام القرار الإسرائيلي الذي وصفته بأنه متمرد على الشرعية الدولية.

من جانبه، قال الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، إن “حكومة الاحتلال الإسرائيلي بإبلاغها الأمم المتحدة بشكل رسمي بقطع العلاقات مع وكالة الأونروا، تضرب بعرض الحائط جميع الأعراف والمواثيق والقرارات الدولية والقانون الدولي الإنساني.”

وأشار أبو ردينة إلى أن إسرائيل ماضية في استهداف الأونروا، بهدف تصفية قضية اللاجئين وشطب حق العودة، وعرقلة أنشطتها ودورها.

ودعا السياسي الفلسطيني العالم إلى اتخاذ خطوات جادة وملموسة ضد إسرائيل، محملا حكومة الاحتلال المسؤولية الكاملة عن التداعيات الخطيرة لهذا القرار.

حظر ومزاعم إسرائيلية

وكان الكنيست الإسرائيلي أقرّ الاثنين الماضي بشكل نهائي وبأغلبية 92 صوتا من أصل 120 حظر نشاط وكالة الأونروا في الأراضي الفلسطينية المحتلة، في خطوة دانتها دول أوروبية وغربية ومنظمات دولية.

ووفق القانون “يوقَف نشاط الأونروا في القدس الشرقية، وتُنقل صلاحياتها إلى مسؤولية إسرائيل وسيطرتها”، وبموجبه أيضا تُلغى اتفاقية عام 1967 التي سمحت للأونروا بالعمل في إسرائيل، ومن ثم تتوقف أنشطة الوكالة في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، ويحظر أي اتصال بين المسؤولين الإسرائيليين وموظفيها.

وتزعم إسرائيل أن موظفين في الأونروا أسهموا في هجوم “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وأن “جهاز التربية التابع للوكالة يدعم الإرهاب والكراهية”، وهو ما ثبت عدم صحته.

ونفت الأونروا صحة ادعاءات إسرائيل، وأكدت الأمم المتحدة أن الوكالة تلتزم الحياد وتركز حصرا على دعم اللاجئين.

وتدعم الأونروا اللاجئين الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك القدس المحتلة، وكذلك البلدان المجاورة.

وأنشئت الوكالة الأممية في ديسمبر/كانون الأول 1949 من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، ويعمل فيها نحو 18 ألف موظف في الضفة الغربية وقطاع غزة، بينهم 13 ألفا في قطاع التعليم و1500 في قطاع الصحة.

وقدّمت الأونروا على مدار أكثر من 7 عقود مساعدات أساسية للفلسطينيين، واتَّهمت مع غيرها من المنظمات الإنسانية السلطات الإسرائيلية بتقييد تدفق المساعدات إلى قطاع غزة.

وتكبدت الأونروا خسائر فادحة خلال العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة منذ العام الماضي، حيث استشهد 223 من موظفيها وتم تدمير ثلثي مرافقها التعليمية والصحية في غزة منذ اندلاع الحرب.

وضع إنساني صعب

يأتي حظر الوكالة الأممية وسط تحذيرات من بوادر مجاعة في شمال قطاع غزة المحاصر منذ نحو شهر، فقد قال المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة إن محافظة شمال غزة محافظة منكوبة، وإن جيش الاحتلال الإسرائيلي يستخدم تجويع المدنيين وتعطيشهم سلاحا في حرب الإبادة الجماعية التي يرتكبها ضد السكان.

وقال المكتب الإعلامي الحكومي إن جيش الاحتلال منع وصول 3800 شاحنة مساعدات وبضائع من الدخول إلى محافظة شمال قطاع غزة، وتعمد تجويع قرابة 400 ألف إنسان بينهم أكثر من 100 ألف طفل، منع عنهم الطعام والماء والدواء وحليب الأطفال.

وأكد أن قوات الاحتلال قامت باستهداف وتدمير عشرات مراكز النزوح والإيواء التي تضم عشرات الآلاف من النازحين الذين هربوا من منازلهم بحثا عن الأمان، لكن جيش الاحتلال استقبلهم بعمليات القتل بوسائل شتى، تراوحت بين القصف بالطائرات الحربية و طائرات الكواد كابتر و القناصة و الإعدامات الميدانية.

وطالب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة المجتمع الدولي وكافة المنظمات الأممية والدولية بالقيام بالدور المنوط بها، والالتزام بالقانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني من خلال تقديم الخدمة الإنسانية والصحية والإغاثية والحماية المدنية لكل المستشفيات والمؤسسات والأحياء السكنية المدنية في قطاع غزة، خاصة في محافظة الشمال التي تعرضت للإبادة والقتل الممنهج.

وأمس الأحد علق المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، على القانون الإسرائيلي الذي يحظر عمل الوكالة بالقول إن “التركيز يجب أن ينصبّ على التوصل إلى اتفاق لإنهاء الصراع في قطاع غزة بدلا من التركيز على حظر الوكالة أو إيجاد بدائل لها”.

وأضاف لازاريني، في بيان نشره على حسابه عبر منصة إكس، أن “تفكيك الأونروا، في غياب بديل قابل للتطبيق، سيحرم الأطفال الفلسطينيين من التعلم”.

وتساءل “لماذا لا يُذكر الأطفال وتعليمهم في أي مناقشات عندما يتحدث الخبراء أو الساسة عن حظر الأونروا أو استبدالها؟”.

وشدد على أن “أطفال غزة الآن يخسرون عاما ثانيا من التعليم”، وأشار إلى أن “الأونروا هي الوكالة الأممية الوحيدة التي تقدم التعليم بشكل مباشر في مدارسها، ففي الضفة الغربية يتلقى نحو 50 ألف طفل التعليم في هذه المدارس”.

وحتى أكتوبر/تشرين الأول 2023، قدمت الأونروا التعليم لأكثر من 300 ألف فتى وفتاة في غزة، وهو ما يشكل نحو نصف مجموع أطفال المدارس بالقطاع، حسب لازاريني.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © الإمارات اليوم. جميع حقوق النشر محفوظة.
Exit mobile version