حصلت شركة تابعة لمجموعة “فاغنر” الروسية من الصين على عشرات الآلاف من الخوذات الواقية أواخر العام الماضي، حيث تواصل الكيانات المرتبطة، بيفغيني بريغوجين، التحايل على االعقوبات الغربية.

وكشفت صحيفة “فاينانشيال تايمز” أن الكيانات التي استخدمها “أمير الحرب” الروسي لتجهيز عملياته في إفريقيا، استمرت في تصدير واستيراد مواد مختلفة، بحُرية عبر الأسواق الدولية، على الرغم من العقوبات الغربية الواسعة التي هدفت إلى إيقاف دعم القوات التي صنفتها واشنطن على أنها “منظمة إجرامية عابرة للحدود”.

واشترت شركة “Broker Expert” التابعة لشركة فاغنر، 20 ألف خوذة من نوع بوليمر من شركة صينية صغيرة بين شهري نوفمبر وديسمبر من العام الماضي، وفقا لبيانات جمركية روسية حللتها فاينانشيال تايمز. 

وقال بريغوجين، في رسالة صوتية أرسلها عبر مجموعة التموين الخاصة به، لصحيفة فاينانشيال تايمز إنه “لم يسمع قط باسم الشركة” المتورطة في شراء الخوذ.

وتزامن تاريخ توقيع صفقة شراء الخوذات، التي تم تقسيمها على أربع شحنات بقيمة معلنة تزيد قليلا عن مليوني دولار، في الوقت الذي كان فيه بريغوجين يجند عشرات الآلاف من المدانين في السجون الروسية لإرسالهم إلى خط المواجهة في أوكرانيا.

ومنذ ذلك الحين، تقول الصحيفة البريطانية، إن عددا كبيرا من قوات فاغنر لقي مصرعه في حرب استنزاف وحشية للسيطرة على مدينة باخموت، حيث قدرت الولايات المتحدة، مؤخرا مقتل أكثر من 20 ألف مقاتل روسي في أوكرانيا منذ ديسمبر.

وكشفت فاينانشيال تايمز أن شركة Broker Expert استمرت في تزويد ودعم عمليات فاغنر في إفريقيا عبر ميناء دوالا في الكاميرون خلال الغزو.

ووفقا لمعطيات إدارة الجمارك الروسية، قامت الشركة المذكورة في أغسطس الماضي، بشحن مولدات الطاقة وأقطاب اللحام ومواد العزل المقاومة للحريق إلى شركة تابعة لبريغوجين في جمهورية أفريقيا الوسطى.

وقالت الولايات المتحدة في يناير الماضي، إن مقاتلي فاغنر في هذا البلد الأفريقي تورطوا في جرائم تشمل “إعدامات جماعية، واغتصاب، واحتجاز تعسفي وتعذيب، وتشريد مدنيين”.

الباحث الزميل في مركز القانون العالمي بجامعة سانت أندروز، مارسيل بليتشا، يقول إن بريغوجين “ما يزال قادرا على توظيف متعاقدين مسلحين في أوكرانيا وثلاث دول أفريقية على الأقل، وشراء معدات من الصين، ما يدل على مدى مرونة الشبكة التي أنشأها”. 

ويقع مقر شركة “هانغتشو شينراين”، المزود الصيني لشركة Broker Expert، في مقاطعة زهيجانغ الشرقية ويعمل به ما بين خمسة و15 موظفا، وفقا لصفحة على منصة “علي بابا”.

وعادة ما تخصصت الشركة في بيع الملابس النسائية، مما يعني أن شحن الخوذات إلى روسيا “لا يبدو جزءا من نمط أعمالها المعتاد”، بحسب الصحيفة.

وقالت الشركة في ردها على استفسارات فاينانشيال تايمز، “نحن شركة خاصة ولا نتدخل في الشؤون الوطنية أو القضايا العسكرية، ونلتزم بالقانون”، مضيفة “صنعنا خوذات لاستخدامها في مجال الألعاب”، كما كشفت أن استخدام هذا النوع من الخوذات في ساحة المعركة لن يوفر حماية قوية.

وقالت المجموعة الصينية إنها ليس لديها أي معرفة ببريغوجين أو بمجموعة فاغنر أو أي معطيات عن صلات هذه الأخيرة بشركة “بروكر”، فيما رفضت شرح المقصود بـ “استخدام الخوذات للألعاب” أو إرسال صورها للصحيفة.

وأفادت شبكة “سي أن أن”، في يناير أن مسؤولي المخابرات الغربية كانوا قلقين من قيام الشركات الصينية بتزويد روسيا بمعدات مثل السترات الواقية من الرصاص والخوذات، لكن لم يتضح ما إذا كانت الحكومة المركزية الصينية على علم بالمبيعات، حيث أن العقوبات الغربية لا تسري على الشركات الصينية.

وفيما سجلت الواردات الصينية ارتفاعا كبيرا خلال العام الماضي مع بحث الشركات الروسية عن بدائل للموردين الغربيين، كانت صفقة الخوذات التي أجرتها شركة Broker Expert من الصين خلال الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا، أول عملية مُعلنة بين الطرفين منذ عام 2017، وفقا لبيانات جمركية.

وقالت الشركة الروسية، التي لم ترد على طلب للتعليق وجهته الصحيفة، إنها توفر معدات للمسوحات الجيولوجية والاستخراج الصناعي والبناء، بحسب موقعها على الإنترنت.

ولا يسيطر بريغوجين بشكل مباشر على الشركة، لكنها تشترك في “مدقق حسابات غامض” مع بعض شركات الواجهة التابعة لفاغنر والخاضعة للعقوبات الأميركية في كل من سوريا والسودان وجمهورية إفريقيا الوسطى، وكذلك مع معرض والدته الفني في سان بطرسبرغ.

وعلى مدار السنوات الأربع الماضية، قامت الشركة، التي لم تخضع لعقوبات من قبل أي حكومة غربية، بشحن معدات بشكل منتظم من روسيا إلى شركات في السودان وجمهورية أفريقيا الوسطى التي فرضت عليها الولايات المتحدة عقوبات لكونها وفرت واجهات لنشاط مرتزقة فاغنر.

وذكرت “فاينانشيال تايمز” قبل أسابيع أن بريغوجين حقق أكثر من ربع مليار دولار من العائدات من إمبراطورية الموارد الطبيعية في الخارج، في السنوات الأربع التي سبقت غزو موسكو الشامل لأوكرانيا، على الرغم من العقوبات الغربية.

في هذا السياق، يقول الباحث بجامعة سانت أندروز، “بالنسبة للمملكة المتحدة والولايات المتحدة وفرنسا وغيرها، فإن الأخبار التي تفيد بأن شركات بريغوجين لا تزال قوية بعد كل هذه الإجراءات والعقوبات، تكشف الحاجة إلى التعاون مع أكبر عدد ممكن من الدول الأفريقية والشرق أوسطية والآسيوية من أجل تقييد وصوله إلى الأسواق العالمية”.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © الإمارات اليوم. جميع حقوق النشر محفوظة.
Exit mobile version