هل يكفي اتفاق الإدارة الأميركية وقادة الكونغرس على رفض التطبيع العربي مع النظام السوري لعرقلة الأمر؟ وما هي السياسة الأميركية تجاه سوريا في المرحلة المقبلة؟ 

برنامج “عاصمة القرار” على قناة “الحرة”، طرح هذا الموضوع مع الأستاذ الجامعي الأميركي بول بيلار، مساعد مدير “وكالة الاستخبارات المركزية” الأميركية سابقا، وديفيد أديزنِك، مدير الأبحاث في “مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات”. 

كما شارك في جزء من الحوار: السفير الأميركي السابق ديفيد ساترفيلد، والكاتب السعودي أحمد الشهري، والناشط السياسي السوري سمير التقي، مدير “مركز الشرق للدراسات”. 

ماذا تقول واشنطن؟ 

أبلغت إدارة بايدن حلفاءها العرب أن “سوريا لا تستحق إعادة قبولها في جامعة الدول العربية، لكن القرار يعود لهم”، كما يقول وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن، الذي يضيف: موقفنا واضح: “لن نطبع مع الأسد ونظامه. ولكن في المقابل لدينا أهداف مشتركة مع شركائنا في ما يتعلق بسوريا”.  إلى ذلك، تضيف كارين جان بيار، المتحدثة باسم البيت الأبيض، إن “عقوباتنا على نظام الأسد ستظل قائمة، بما في ذلك عقوبات قانون قيصر”.  ويؤكد بلينكن أن “الحل الوحيد للأزمة التي سببها الأسد لسوريا يجب أن يكون منسجما مع قرار مجلس الأمن 2254 الذي يحدد التوقعات المتعلقة بوقف إطلاق النار والمساعدات الإنسانية وإجراء انتخابات حرة ونزيهة لضمان حصول السوريين على حكومة تعكس إرادتهم”. ويدعو الرئيس الأميركي جو بايدن “نظام الأسد وداعمَيّه الروسي والإيراني إلى وقف حربه العنيفة ضد الشعب السوري”.  ويشدد بايدن على أن “وحشية النظام السوري وقمعه لمواطنيه، يعرضان ليس فقط الشعب السوري للخطر، وإنما يخلقان أيضاً حالة من عدم الاستقرار في جميع أنحاء المنطقة”، وأن “تصرفات النظام السوري في ما يتعلق بالأسلحة الكيميائية، ودعمه للمنظمات الإرهابية، تشكل تهديداً غير عادي للأمن القومي والسياسة الخارجية والاقتصاد الأميركي”. كما يقول الرئيس الأميركي. 

إلى جانب قانون قيصر، قدّم أعضاء في الكونغرس الأميركي من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، مشروع قانون “مواجهة التطبيع مع الأسد” للعام 2023، الذي يُحذّر الإدارة الأميركية من الاعتراف ببشار الأسد كرئيس لسوريا أو تطبيع العلاقات مع أي حكومة في سوريا بقيادة الأسد الذي يخضع لعقوبات أميركية. ويوسع المشروع قانون قيصر لعام 2020. وقال المشرعون “إن إعادة قبول سوريا في جامعة الدول العربية أثار حفيظة الأعضاء وأوضح الحاجة إلى التحرك بسرعة لإرسال إشارة”. ويقول راعي المشروع، النائب الجمهوري جو ويلسون: “أنا مع زملائي من الحزبين قدمنا تشريعاً لمحاسبة نظام الأسد”. وفي بيان مشترك قال النائب الجمهوري مايكل ماكول، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي، والنائب غريغوري ميكس، رئيس الأقلية الديمقراطية في اللجنة: “إن إعادة قبول الأسد في جامعة الدول العربية خطأ استراتيجي جسيم من شأنه أن يشجع الأسد وروسيا وإيران على مواصلة ذبح المدنيين، وزعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط”،  فيما يقول السيناتور الديمقراطي بوب ميننديز، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، والسيناتور جيم ريش، العضو البارز في اللجنة وزعيم الأقلية الجمهورية فيها: “ندين قرار وزراء خارجية جامعة الدول العربية بإعادة قبول سوريا. ونعتبر ان الحجج القائلة بأن التطبيع مع الأسد سيخرج إيران وروسيا بطريقة ما من سوريا ليست مقنعة، لأنهما الضامنتان الأساسيتان لبقاء الأسد. لا يزال نظام الأسد غير مهتم بالتوصل إلى حل سياسي عادل وشامل، على النحو المنصوص عليه في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254. وبالتالي فإن جهود التطبيع هذه تهدد بتمديد تجميد الصراع، وتشكل عقبة أمام المساءلة”. 

إشكالية السياسة الأميركية أم العربية؟ 

يقول بول بيلار إن قرار جامعة الدول العربية هو “اعتراف بالواقع، واقع عدم التخلص من نظام الأسد الذي ربح الحرب الأهلية السورية. فسياسة عزل بشار الأسد لم تؤد إلى نتيجة، بل زادت مشاكل الشعب السوري والمنطقة. والخلاصة أن القرار العربي منطقي وواقعي، وعلى واشنطن عدم معارضته”. وينتقد ديفيد أديزنِك، مدير الأبحاث في “مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات” القرار العربي و”إدارة بايدن، التي رغم انتقادها العلني للتطبيع مع الأسد، قد أعطت الضوء الأخضر للدول العربية بفعل ذلك”. 

يعتقد السفير الأميركي السابق ديفيد ساترفيلد أن قرار التطبيع العربي مع النظام السوري “ليس له علاقة بالولايات المتحدة، بل بالهواجس العربية من ترك سوريا للأجانب، وبتخفيف التوتر مع إيران. أنا لا أدعم شرعنة النظام السوري دون أي مقابل للجامعة العربية. فالقرار العربي لن يغيّر أو يؤثر على دور إيران وتركيا في سوريا، بل سيؤدي إلى شرعنة وجود إيران في سوريا والمنطقة. فالقرار باختصار هو انتصار للنظام السوري وروسيا وإيران، اللتين لم ولن تساعدا في تنفيذ القرار الأممي 2254”. 

ويدعو الباحث الأميركي ستيفن هايدمان إدارة بايدن “لمواجهة قرار التطبيع بوضوح وحزم. فالتطبيع العربي مع النظام السوري يؤشر إلى نشوء نظام جديد في الشرق الأوسط، وهو هندسة جديدة وكبيرة في المنطقة دفع إليها التراجع الأميركي، الذي وضع الدول الإقليمية أمام حتمية المصالحة والتعاون”. ويضيف هايدمان أن “هذا التطور سيخلق تحديات كثيرة للولايات المتحدة، ومصاعب في تنفيذ سياساتها الإقليمية القائمة في معظمها على مواجهة إيران”. 

هل يحلّ القرار العربي الأزمة السورية؟ 

يقول جوشوا لانديس، مدير قسم الشرق الأوسط في جامعة أوكلاهوما: “لن يساوم الأسد مع المعارضة، فطبيعة نظامه تجعل هذا مستحيلا”. 

ويرى بوبي غوش، الكاتب الأميركي في بلومبرغ أن قرار الجامعة العربية “إعادة دمج سوريا الأسد، أكثر نظام دموي في المنطقة، هو رهان كارثي. ويضيف أن القرار لن يحل أي شيء في الشرق الأوسط، بل سيضيف إلى لائحة مشاكله، وسيضع إدارة بايدن أمام موقف حرج بخصوص إلغاء العقوبات عن نظام الأسد”.  

وتعتبر الكاتبة الباحثة لينا الخطيب أن “الجامعة العربية منحت الأسد انتصارا بلا قيود ومن دون أيّ شروط. وإن عدم امتلاك هذه الدول العربية أوراق ضغط على الحكومة السورية، يزيد الشكوك بشأن إحراز تقدم في أربعة ملفات رئيسية وهي: قضية اللاجئين، ومكافحة تجارة الكبتاغون، وملف المختفين والمعتقلين داخل سوريا، وأخيرا التوصل إلى تسوية سياسية للأزمة السورية”. 

ويرى ديفيد أديزنِك أن ” العرب أعطوا جائزة للأسد الذي لن يشارك السوريين بالسلطة وليس لديه أي حافز لتطبيق القرار 2254″. فيما يدعو بول بيلار إدارة بايدن إلى “التخلّي عن السياسة الأميركية الحالية تجاه سوريا لأنها لم تحل مشاكل السوريين”. 

ويشدد الكاتب السعودي أحمد الشهري على أن “النظام السوري تصرف مثل نظام صدام حسين، ورغم ذلك، فإن عدم ضغط واشنطن بشكل كافٍ لإسقاطه، دفع الدول العربية إلى فتح قنوات الاتصال معه، وسنشاهد قريباً الثمن الذي دفعه بشار الأسد للعودة إلى جامعة الدول العربية، والكثير مما التزم به الأسد من أجل ذلك”.  

وفي هذا الإطار يقول الباحث والناشط السوري سمير التقي إن “التطبيع العربي مع الأسد ألغى الحلّ السياسي في سوريا، وهو انتصار لإيران وللنظام السوري غير القادر على إعادة توحيد البلاد، ولا على إجراء مصالحة إستراتيجية في سوريا التي تتفكك”. 

ويقول تشارلز ليستر، مدير قسم سوريا في “معهد الشرق الأوسط” إن “الخاسر الأكبر من إعادة ضم سوريا إلى الجامعة العربية هو الشعب السوري، والرابحون هم الأسد وإيران وروسيا وداعش والأنظمة الدكتاتورية العربية”. 

وفي الإطار الأوسع، يرى الكاتب الأميركي هانس كريستنسن أن قرار جامعة الدول العربية “إعادة قبول مجرم الحرب بشّار الأسد في المجموعة يشير إلى قوة توطيد الاستبداد في الشرق الأوسط، ويخدم المصالح الروسية في المنطقة وفي أوكرانيا”. 

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © الإمارات اليوم. جميع حقوق النشر محفوظة.
Exit mobile version