مع بدء العد التنازلي لانتخابات الرئاسة الأميركية، تتردد تساؤلات بشأن وزن الكتلة العربية والمسلمة واتجاهاتها التصويتية، وما إن كان الديمقراطيون يخشون حقا خسارة هؤلاء الناخبين الغاضبين من دعم إدارة الرئيس جو بايدن للحرب على غزة ولبنان.

ووفقا لما نشرته مجلة نيوزويك -الأربعاء- فإن بعض الديمقراطيين باتوا يحذرون من أن الناخبين المسلمين والعرب ينأون عن نائبة الرئيس والمرشحة الديمقراطية للرئاسة كامالا هاريس في الأسابيع الأخيرة قبل الانتخابات المقرر إجراؤها في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

في الوقت نفسه، تفيد صحيفة نيويورك تايمز -التي تحدثت مع أكثر من 30 من الناخبين والناشطين والأئمة والمسؤولين العرب والمسلمين في ولاية ميشيغان- بوجود مؤشرات على أن هذه الكتلة قد تحرم هاريس من بعض الأصوات المهمة بسبب غضبهم من الدعم الأميركي المطلق لإسرائيل.

ناخبون يصوتون في انتخابات تمهيدية بمدينة ديربورن في ميشيغان في فبراير/شباط الماضي (الأناضول)

الديمغرافيا والتأثير

ولا يشكل المسلمون والعرب نسبة كبيرة من سكان الولايات المتحدة، لكن وجودهم في عدد من الولايات التي تعد حاسمة للسباق الرئاسي تجعلهم كتلة تصويتية معتبرة، ولا سيما في ولاية ميشيغان التي لطالما كانت ساحة معارك انتخابية شرسة تحسم بفارق ضئيل جدا.

ويقدر عدد الأميركيين العرب بمختلف أديانهم وطوائفهم بحوالي 3.7 ملايين، وفقا لحسابات المعهد العربي الأميركي، وهو مؤسسة بحثية خاصة، في حين يبلغ مجمل عدد السكان 337 مليون نسمة.

أما المسلمون الأميركيون فيقدر عددهم بحوالي 4.45 ملايين نسمة، ويشكلون مجتمعا شديد التنوع في أصوله وأعراقه.

ويتوقع مركز “بيو” للأبحاث أن يصل عدد المسلمين في الولايات المتحدة إلى 8.1 ملايين بحلول عام 2050، ليشكلوا 2.1% من مجموع السكان ويمثلوا ثاني أكبر ديانة في البلاد بعد المسيحية.

ميشيغان الحاسمة

في انتخابات عام 2020 حسم جو بايدن ولاية ميشيغان لصالحه بفارق أقل من 155 ألف صوت عن منافسه آنذاك الرئيس الجمهوري دونالد ترامب.

وفي هذه الانتخابات التي يتنافس فيها ترامب وهاريس، من المتوقع أن تُحسم معركة ميشيغان بفارق ضئيل أيضا.

وهنا تكمن أهمية الصوت العربي والمسلم، خاصة أن استطلاعات الرأي الأخيرة تظهر تقدم هاريس على ترامب بحوالي نقطتين مئويتين فقط، وهو فارق يقع ضمن هامش الخطأ لدى مؤسسات استطلاع الرأي.

ويوجد في ميشيغان حوالي 206 آلاف ناخب مسلم مسجل، جلهم يتركزون في منطقة ديترويت، وفقا لمؤسسة “إمغيج” التي أعلنت تأييدها لهاريس.

وقال الرئيس التنفيذي لمؤسسة “إمغيج” وائل الزيات لمجلة نيوزويك إنه بالنظر إلى التقارب بين المرشحين فإن حفنة من الأصوات قد تكون مؤثرة.

وذكر الزيات أن الناخبين المسلمين المسجلين في ميشيغان صوتوا لصالح بايدن في 2020 بنسبة 70% تقريبا، مبيّنا أن أي انخفاض معتبر في هذه النسبة قد يكلف الديمقراطيين هذه الانتخابات.

الغضب والعقاب

ومع تصاعد الغضب من الدعم الأميركي لإسرائيل، إذ تدخل الحرب على غزة عامها الثاني، والإبادة الجماعية للفلسطينيين مستمرة وفق توصيف خبراء دوليين، دون أن يتوقف الجسر الجوي والبحري الأميركي الذي يمد إسرائيل بآلاف الأطنان من الذخائر والأسلحة الفتاكة، ينأى مزيد من الناخبين العرب والمسلمين بأنفسهم عن المعسكر الديمقراطي.

واستعرضت صحيفة نيويورك تايمز نماذج من هؤلاء الناخبين الذين يقولون إنهم سيصوتون إما لترامب أو “حزب ثالث”.

من بين هؤلاء سيرين حجازي (28 عاما) التي تنتمي للجالية اللبنانية الكبيرة في ميشيغان والتي طالما صنفت نفسها باعتبارها ديمقراطية.

تقول سيرين إنها لا تهتم بترامب، لكنها في الوقت نفسها لا تستطيع حمل نفسها على تأييد هاريس. وتؤكد أنها تتألم حين تفكر في أن الأسلحة التي ترسلها الولايات المتحدة تهدد أرواح أفراد من عائلتها.

وتتابع قائلة “أشعر بذنب شديد”، مؤكدة أن كثيرا من الأميركيين العرب يشعرون بالذنب أيضا لأنهم هنا في الولايات المتحدة يعيشون في أمان بينما أموال ضرائبهم تقتل أقاربهم وأحباءهم.

وأوضحت سيرين أنها تميل إلى انتخاب جيل ستاين مرشحة حزب الخضر التي تدعم الفلسطينيين وحقوقهم.

وأشارت نيويورك تايمز إلى أن الجالية العربية استشاطت غضبا بعد مقتل كامل أحمد جواد، أحد سكان مدينة ديربورن بولاية ميشيغان في إحدى الغارات الإسرائيلية على لبنان الأسبوع الماضي.

محاولات هاريس الأخيرة

من ناحية أخرى، تبدو حملة هاريس حريصة على استعادة تأييد هؤلاء الغاضبين من الدعم الأميركي لإسرائيل، وقد قامت بمحاولات عدة في الآونة الأخيرة لإصلاح العلاقات مع الناخبين المسلمين والعرب.

واجتمعت المرشحة الديمقراطية يوم الجمعة الماضي مع رموز من المجتمع العربي والمسلم في مدينة فلينت بولاية ميشيغان في إطار حملتها الانتخابية.

وقال مسؤول في حملة هاريس إنها عبّرت خلال الاجتماع -الذي استمر نصف ساعة- عن قلقها إزاء حجم المعاناة في غزة والخسائر في صفوف المدنيين والنزوح في لبنان، وأضاف أنها ناقشت كذلك الجهود المبذولة لإنهاء الحرب والحيلولة دون نشوب حرب أوسع نطاقا في الشرق الأوسط.

وذكر الرئيس التنفيذي لمؤسسة “إمغيج” وائل الزيات أن المشاركين في الاجتماع عبّروا عن خيبة أملهم الشديدة إزاء طريقة تعامل الولايات المتحدة مع هذه الأزمة، ودعوا نائبة الرئيس إلى بذل كل ما في وسعها لإنهاء الحرب وإعادة ضبط السياسة الأميركية في المنطقة.

من جهة أخرى، قال قياديون من حركة “غير ملتزم” المناهضة للحرب الإسرائيلية على غزة إنه لم تتم دعوتهم إلى الاجتماع، في حين قال جيمس زغبي مؤسس المعهد العربي الأميركي والعضو القديم في اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي، إنه رفض الدعوة لحضور الاجتماع.

وقال علي داغر، وهو محام أميركي من أصل لبناني وأحد القياديين الأميركيين من أصل عربي “ستخسر هاريس ولاية ميشيغان.. لن أصوت لكامالا هاريس ولن يصوت لها أحد أعرفه. لا أجد أحدا في (مجتمعي) يدعمها”.

وتؤكد هاريس باستمرار أنها ستعمل دائما على ضمان “قدرة إسرائيل على الدفاع عن نفسها”، وقد استبعدت أي خطوة لحجب الأسلحة الأميركية عن إسرائيل.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © الإمارات اليوم. جميع حقوق النشر محفوظة.
Exit mobile version