القدس المحتلة- على مساحة 500 دونم يتربع حي وادي الجوز شمالي المسجد الأقصى، ويصل سكانه إلى البلدة القديمة من القدس ومسجدها عبر  باب الأسباط  أو الساهرة سيرا على الأقدام عادة.

ولأن موقع هذا الحي يعد إستراتيجيا وحساسا فإنه لم يسلم من تطويقه بالمستعمرات أو المشاريع الاستيطانية، بل إن الخطوة التالية هي التغلغل في قلب هذا الحي وتحويله إلى قطع فسيفساء متناثرة داخل منطقة يهودية ضمن مشروع أمني شامل يطلق عليه “التطويق والاختراق والتشتيت”.

على بعد خطوات من وادي الجوز وفي حي الصُوّانة بالتحديد أُخطرت 17 عائلة قبل أيام بهدم منازلها من أجل توسيع “الحديقة القومية” التي تدّعي سلطات الاحتلال أنها ستستخدم لتلبية احتياجات النّاس في الترويح عن أنفسهم في الطبيعة، لكنها على أرض الواقع تؤدي إلى مزيد من الخنق للأحياء الفلسطينية وتحد من تمددها العمراني.

الحديقة القومية تبتلع المنطقة الشرقية من حي وادي الجوز وحي الصوانة وتظهر قبة الصخرة نهاية الصورة (الجزيرة)

الحديقة القومية

خبير الخرائط والاستيطان خليل التفكجي تحدث للجزيرة نت عن أبرز المشاريع التهويدية التي تستهدف حي وادي الجوز ومن بينها “الحديقة القومية” التي تتربع على مساحة 60 دونمًا، وتقضم أراضي المنطقة الشرقية من الحي، وتمتد باتجاه حي الصوّانة وما يعرف بـ”وادي قدرون” وصولا إلى بلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى.

ويؤكد التفكجي أن عشرات الدونمات التي تبتلعها هذه الحديقة هي عبارة عن ملكيات خاصة لعائلات مقدسية منها الخطيب والهدمي والخالدي وغيرهم، ويُخطر هؤلاء بتمديد أمر مصادرة أراضيهم لصالح الحديقة مرة كل 5 أعوام.

وفي شهر يونيو/حزيران الماضي، ثبَّتت بلدية الاحتلال لافتات تشير إلى عزمها “تنسيق حدائق” على مساحات شاسعة من أراضي وادي الجوز بادعاء أنها فارغة منذ عام 1987. وهكذا يكون حي وادي الجوز قد أُحكم تطويقه بمشروع تهويدي من الناحية الشرقية.

ولخص التفكجي مشروع “التطويق والاختراق والتشتيت” بالقول إن التطويق يتم من خلال محاصرة البلدات المقدسية بالشوارع الاستيطانية والمستعمرات، وفصلها عن بعضها لتصبح معزولة تماما، ثم تبدأ سياسة الاختراق المتمثلة بالبناء الاستيطاني داخل البلدات العربية، والانتقال إلى مرحلة التشتيت بتحويل كل بلدة في شرقي القدس إلى حي ضمن المستوطنات الإسرائيلية.

صورة عامة من حي وادي الجوز تظهر بها بعض المباني السكنية والمنطقة الصناعية (الجزيرة)

طوق استيطاني

وبينما ستطوق “الحديقة القومية” الناحية الشرقية من حي وادي الجوز، فإن المشروع التهويدي المعروف بـ”وادي السيليكون” سيطوقه ويخترقه من الناحية الغربية، ومن الناحية الشمالية طُوّق الحي بالجامعة العبرية ومستشفى هداسا العيساوية، وستطوق وتُخترق الناحية الجنوبية التي تربط وادي الجوز بالمسجد الأقصى بمشروع “مركز مدينة القدس الشرقية”.

وبالتالي فإن التمدد والتطور الطبيعي لهذا الحي من كل الاتجاهات بات معدوما، وفقا لخبير الخرائط خليل التفكجي، الذي أشار إلى إحكام التطويق والتغلغل في حي الشيخ جراح المجاور لوادي الجوز.

وتبلغ مساحة الأراضي التي من المفترض أن يقام عليها مشروع “وادي السيليكون” نحو 30 دونما (الدونم يساوي ألف متر مربع)، أما الأرض التي تعتزم البلدية ضمها إلى مشروع “مركز مدينة القدس الشرقية”، فستبتلع 5 دونمات من أراضي الحي، ومن المفترض أن تُبنى عليها مبان سكنية تقع أسفلها مصالح تجارية تتجاهل الاستخدام الحالي للمكان بشكل كامل.

وتروج بلدية الاحتلال لمشروع “وادي السيليكون” من خلال الإعلام الإسرائيلي، وعقدت قبل سنوات جلسات عدة مع أصحاب الأراضي في المنطقة الصناعية على أنه مشروع التقنية العالية الأضخم في القدس، والذي سيبنى على مساحة 200 ألف متر مربع، لإنشاء أماكن تشغيل -بزعم الاحتلال- في مجال الهايتك لـ10 آلاف خريج وأكاديمي مختص من المقدسيين.

لافتة تشير إلى الحديقة القومية على أراضي وادي الجوز والصوانة (الجزيرة)

إغراءات

وتُغري البلدية أصحاب الأراضي هناك أيضا بخطتها لتطوير الشارع الذي سيحتوي على ممرات وأحواش عريضة ستخصص للعروض الفنية التي ستنعش الحركة الليلية في المكان، وستدر الأموال على أصحاب المصالح الصغيرة في المنطقة.

وليرى هذان المشروعان النور، تعتزم بلدية الاحتلال في القدس إخلاء وهدم نحو 180 منشأة للمقدسيين بالمنطقة الصناعية في وادي الجوز تستخدم معظمها كمرائب لصيانة المركبات.

وبدأ البناء العمراني للمقدسيين في حي وادي الجوز وفقا للتفكجي عام 1959، وبنى الأهالي منازلهم بعد الحصول على التراخيص اللازمة، وكان أول من سكنه التجار والمعلمون المقدسيون، ويتراوح عدد سكانه حاليا بين 5 و6 آلاف نسمة.

يذكر أن حي وادي الجوز شهد مواجهات عنيفة على مدار أسابيع مع اندلاع الحرب على غزة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ونشر الاحتلال قواته بشكل كبير في الحي لقمع المقدسيين الذين مُنعوا من الوصول إلى المسجد الأقصى وصمموا على أداء صلواتهم على الإسفلت عند مدخله.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © الإمارات اليوم. جميع حقوق النشر محفوظة.
Exit mobile version