دمشق- بعد أيام من دخولي إلى سوريا انطلاقا من الحدود التركية، تمكّنت من لقاء القائد العام للإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع، الملقب بـ”أبو محمد الجولاني”.

زرتُ سوريا انطلاقا من الحدود التركية وصولا إلى دمشق، وقد مررت بإعزاز وعفرين وإدلب وحلب وحماة وحمص. على مدار 4 أيام، تجولت في المدن، وتحدثت مع السكان، وراقبت الشوارع، وزرت الأسواق. كنت أحاول أن أفهم كيف تأقلم الناس مع الوضع الجديد بعد 51 عاما من حكم حزب البعث و14 عاما من الحرب.

رأيت أجواء آمنة فيما عادت الحياة إلى طبيعتها في غضون 3 أو 4 أيام، وانتهت الفوضى والاضطرابات بسرعة كبيرة، وعندما وصلت، كانت هناك العديد من الأسئلة التي تدور في ذهني، خاصة حول سجن صيدنايا وغيره من السجون. لم أكن أتوقع أن أجد إجابات عن كل هذه الأسئلة هناك.

لكن الشخص الذي أجاب عن هذه الأسئلة كان القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، الذي قاد واحدة من أسرع الثورات في التاريخ، وأسقط نظام الأسد خلال 10 أيام فقط، وتمركز في دمشق.

انتظرت مع حوالي 50 إعلاميا من أوروبا والولايات المتحدة يوم 11 ديسمبر/كانون الأول في بهو أحد الفنادق، لإجراء مقابلة مع الشرع. لم يسعني إلا التفكير: كيف سيتمكن من إجراء مقابلات مع هذا العدد الكبير من الصحفيين، كلّ على حدة؟ رغم ذلك، واصلت الانتظار.

بعد 6 ساعات، أُبلغنا بأن اللقاء قد ألغي، فغادر الجميع. لكنني لم أستسلم، وفي اليوم التالي، استخدمت كل قنواتي الممكنة لإعادة ترتيب اللقاء، ونجحت في المحاولة الثانية. هذه المرة انتظرت 4 ساعات، لكنني تمكنت في النهاية من مقابلته بمفردي.

عندما رأيته لأول مرة، شعرت بالدهشة. لم يكن يرتدي زيا عسكريا كما توقعت، بل بدلة زرقاء داكنة مع قميص أبيض وسترة داخلية، في مظهر رسمي يلفت الأنظار. ربما كانت هذه أول مرة يظهر فيها ببدلة رسمية. كان برفقته وفد كبير، ولفت انتباهي بشكل خاص مستشاروه الذين أحاطوا به. رغم قصر الوقت، أتيحت لي الفرصة لطرح بعض الأسئلة والتقاط صورة معه. على الفور طرحتُ عليه الأسئلة المتعلقة بالأوضاع التي لاحظتها خلال جولتي الميدانية.

  • كيف تمكنتم من السيطرة على دمشق بهذه السرعة؟ وكيف استعادت المدن حياتها الطبيعية بالسرعة ذاتها؟

شعبنا كان قد سئم من نظام الأسد. الظلم والمعاناة التي عاشوها أنهكتهم. كأنهم كانوا ينتظرون قدومنا. نظام الأسد نفسه كان قد انهار من الداخل وضعُف بشكل كبير. ولهذا، وبفضل الله، حدث هذا التغيير السريع. الآن تسود السكينة في مدننا، وشعبنا تنفس الصعداء. بعد كل تلك الحروب والصراعات، تعب الناس ولم يعودوا يريدون المزيد من الصراعات.

  • يتساءل الجميع عما سيحدث وكيف سيكون شكل سوريا الجديدة؟

نتواصل مع جميع الأطراف بشكل مباشر أو غير مباشر. نحاول إيجاد أفضل طريق ممكن لمستقبل بلدنا. نحن أيضا على تواصل مع العديد من الدول. هدفنا هو إيجاد الطريق المثالي الذي يضمن أن يعيش جميع أبناء شعبنا في سلام وسعادة.

  • زار رئيس جهاز المخابرات التركي إبراهيم قالن دمشق ورافقتموه إلى الجامع الأموي، ما طبيعة العلاقة مع أنقرة؟

الشعب التركي هو أقرب الأصدقاء لشعبنا. لقد استقبلوا أهلنا الذين لجؤوا إليهم وقدموا لهم كل أنواع الدعم. نحن نستفيد من خبراتهم، ونحن على يقين أنهم سيكونون بجانبنا في المستقبل أيضا. لذلك، تركيا تُعد بالنسبة لنا دولة بالغة الأهمية.

  • ربما أصبح سجن صيدنايا أحد أكثر المواقع رعبا على وجه الأرض وهو مثال صارخ على مدى وحشية نظام الأسد. ما خططكم بشأنه؟

يرمز هذا السجن إلى مدى وحشية وقسوة نظام الأسد. ولذلك، نحن نجمع الأدلة من هذا المكان لمحاكمة بشار الأسد. لقد بدأنا فعلا بالعمل على تحديد الأشخاص الذين مارسوا التعذيب أو نفذوا الإعدامات هناك. سنكشف هذه الأسماء وسنحاكمهم.

نخطط لدعوة منظمات حقوق الإنسان والمؤسسات المدنية المستقلة من جميع أنحاء العالم لزيارة هذا السجن. نريد للعالم أجمع أن يكون شاهدا على هذا المكان المروع والظلم الذي وقع فيه. وفي المستقبل، سنحوله إلى متحف ليكون شاهدا على هذه الفظائع، ونفتحه أمام الزوار من جميع أنحاء العالم.

المراسل كمال أوزتورك مع القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع (الجزيرة)

فرصة للتغيير

بعد مقابلة الشرع وخلال الأيام الخمسة التي قضيتها في سوريا، لم أستطع التوقف عن التفكير في كم الألم والقمع الذي عانته هذه البلاد، وكم تم إفقارها.

الآن، حصل الشعب السوري على فرصة لتغيير مصيره. إذا استخلصوا العبر من الأخطاء التي ارتُكبت ولم يكرروها، وإذا تمكنوا من بناء نظام ودولة يشعر فيها الناس من كل العرقيات والأديان والفئات الاجتماعية بقوة الانتماء، فسيجدون طريقهم إلى السلام.

شخصيا، أُعجبت بنظرة الشرع وفريقه للأحداث. لقد منحتني رؤيتهم أملا في مستقبل سوريا. من الضروري التخلص من الأحكام المسبقة تجاه هيئة تحرير الشام ومنحهم فرصة ودعمهم. هؤلاء الناس يقولون إنهم تغيروا ويؤكدون أنهم مختلفون.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © الإمارات اليوم. جميع حقوق النشر محفوظة.
Exit mobile version