أكد القيادي في حركة تحرير جنوب أفريقيا روني كاسريلز أن خطة إسرائيل النهائية في الضفة الغربية وغزة هي محو وجود الفلسطينيين بشكل تام، مشيرا إلى وضوح هذا الهدف منذ بداية الحركة الصهيونية في نهاية القرن الـ19.
وأوضح الرجل أنه طبقا لأقوال الآباء المؤسسين منذ ثيودور هرتزل، فإن الهدف كان الاستيلاء على كامل أرض فلسطين التاريخية من خلال ممارسة التطهير العرقي والإرهاب والحروب والتهجير القسري بجميع أنواعه، وقد تعمد الصهاينة جعل أهدافهم واضحة.
وأضاف كاسريلز -في حوار خاص للجزيرة نت- أن “الأمر تطور مؤخرا ليكون أكثر تطرفا وقسوة إلى حد الإبادة الجماعية التي صاغها المؤرخ اليهودي إيلان بابيه في مصطلح الإبادة الجماعية التدريجية، التي نراها اليوم بوضوح ومن دون زخارف على يد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته التي تضم مجرمين”، على حد وصف كاسريلز.
وأوضح أن الغرب يتماشى مع هدف تهجير الفلسطينيين، والقضاء عليهم إذا لزم الأمر بعد أن اتضح صمود الفلسطينيين طوال هذه السنين، مشيرا إلى أن هذا هو التاريخ المروع للصهيونية.
ووصف الرجل -الذي كان من أبرز من تولوا وزارة المخابرات في جنوب أفريقيا بعد انهيار نظام الفصل العنصري عام 1994- الحرب التي تشنها إسرائيل منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 ضد الفلسطينيين بأنها حرب إبادة جماعية، وأنها تدفع المقاومة لحشد وتنظيم الشعب حتى لا ينسى جوهر فلسطين بوصفها أمة، مؤكدا إيمانه بأن الفلسطينيين مع المقاومة لن يستسلموا أبدا.
وردا على سؤال عما إذا كان يمكن اعتماد الوسم الذي يستخدم من جانب المجتمع الدولي لإسرائيل بأنها دولة تمارس الفصل العنصري على غرار نظام جنوب أفريقيا السابق، أكد القيادي في حركة التحرير -وهو من يهود جنوب أفريقيا- أنه لا يمكن مقارنة العنف الذي تمارسه إسرائيل ضد الفلسطينيين بالعنف الذي واجهوه من جانب نظام الأبارتايد السابق.
وأوضح أن حركة التحرر الأفريقية عرفت النضال الفلسطيني لعقود طويلة، وأدركت أن الفلسطينيين كانوا أسوأ حالا حتى من شعب جنوب أفريقيا من السود، مشيرا إلى أنه تأكد من ذلك عندما زار فلسطين خلال العامين 2004 و2007.
وقال الرجل إنه خلال زيارتيه كان الأمر مثيرا للصدمة، إذ تيقن من أن الظروف التي يعيشها الفلسطينيون أسوأ بكثير من الظروف المروعة التي عاشها الجنوب أفارقة وعديد ممن ناضلوا مثله من أجل الحرية ضد نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، وأن الوحشية التي يواجهها الفلسطينيون حاليا لا يمكن مقارنتها بأي شيء.
وكشف الرجل عن أن النظام العنصري في جنوب أفريقيا لم يقصف مدن السود وتجمعاتهم ولم يضربها بالدبابات، بل إنه منح مناطق المعازل للسود (البانتوستونات) مطارات وشركات طيران خاصة بهم ومنحهم ميزانيات ضخمة، في حين أن كل شيء في الأراضي الفلسطينية قد سُوّي بالأرض من قبل نظام نازي فاشي.
وحول أعداد الجنوب أفارقة من اليهود ممن يقاتلون في صفوف الجيش الإسرائيلي في غزة ولبنان، وعدم قيام حكومة جنوب أفريقيا بالوفاء بتعهد الوزيرة السابقة ميلادي باندور بملاحقتهم قضائيا، أشار وزير المخابرات السابق إلى أنه من الصعب تحديد العدد الدقيق سواء كانوا من يهود جنوب أفريقيا أو الصهاينة من غير اليهود.
وقال إن التقديرات تشير إلى أن العدد نحو 70 كل عام، موضحا أن فريقا من المحامين يتابع هذه القضية ولديهم كل الملفات والأسماء، وأن الأمر يتطلب كثيرا من الضغط على السلطة القضائية لملاحقة هؤلاء العناصر الإجرامية التي تشارك في هذه الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني.
وطالب كاسريلز بفرض عقوبات صارمة من خلال الأمم المتحدة ضد إسرائيل لوقف ذبح الشعب الفلسطيني وتهديد دول المنطقة، موضحا أن هذه العقوبات هي التي أسهمت في تعجيل نهاية نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.
واختتم كاسريلز الجزء الأول من الحوار معه بإطلاقه تحذيرا من أنه لا يمكن للعالم أن يقف مكتوف الأيدي بينما الشعب الفلسطيني يُمحى من على الأرض.