إسطنبول- توجّه الناخبون الأتراك منذ صباح اليوم الأحد إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، التي تجري وسط تنافس حاد، وبالتزامن مع حلول الذكرى المئوية لتأسيس الجمهورية.

وشهدت مراكز الاقتراع إقبالًا كثيفا منذ افتتاحها في الساعة الثامنة صباحا، وأجمع مراقبون على أن نسبة الإقبال على التصويت توازي الانتخابات السابقة وقد تتفوق عليها. ويجري الاقتراع في أجواء هادئة، فلم تُسجل -حتى إغلاق الصناديق عند الساعة الخامسة بالتوقيت المحلي- أي مشاكل تذكر، حسب رئيس الهيئة العليا للانتخابات أحمد ينار.

ويشير مراقبون إلى أن نحو 60 مليون ناخب أدلوا بأصواتهم في 191 ألفا و884 صندوقا انتخابيا في عموم البلاد.

مئات الأتراك يصطفون للإدلاء بأصواتهم في مركز اقتراع بالعاصمة أنقرة (رويترز)

إقبال غير مسبوق

وفي هذه الأثناء، أعلن رئيس الهيئة العليا للانتخابات أن نسبة إقبال الناخبين في الخارج على التصويت بلغت 53%، مؤكدا أن هذا المعدل هو الأعلى منذ عام 2011، وهو ما دفع وسائل الإعلام ومسؤولين في الحكومة والمعارضة إلى توقع نسبة إقبال غير مسبوقة في الانتخابات الحالية.

وقال وزير الداخلية سليمان صويلو إن أكثر من 600 ألف عنصر أمن يعملون على تأمين العملية الانتخابية، مشددًا على أن الإقبال على التصويت في ساعات الصباح الأولى فاق نظيره في الانتخابات الماضية.

ويتراوح عدد الناخبين لكل صندوق انتخابي بين 360-380 ناخبا. وقد زار مراسل الجزيرة نت مركز اقتراع أقامته الهيئة العليا للانتخابات في مدرسة الشهيد وداد بارجيجي بمنطقة باشاك شهير في مدينة إسطنبول، والتقى عددًا من الناخبين وسألهم عن رأيهم في الانتخابات الجارية.

“المهم الدولة لا الأشخاص”

وفي حديثه للجزيرة نت، يقول المواطن هاكان، وهو أحد الناخبين الشباب، إنه لا يهتم للأشخاص بل لأمن الوطن والدولة، وأضاف -بينما كان ينتظر دوره للإدلاء بصوته- “بالنسبة لي أريد أن يكون المسؤول عنا هو الشخص الأفضل من بين المرشحين، أن يكون الشخص الأفضل لعائلته وبلده”.

وأردف قائلًا: “إذا كان هذا الشخص هو طيب أردوغان فليكن، وإذا كان كليجدار أوغلو فليكن، بالنسبة لي ليس المهم الأشخاص، بل الوطن والدولة”. وقال الشاب هاكان “نريد أن يفوز الشخص الذي يستطيع حماية البلاد”.

أما سُمية، وهي مسنة كانت قد أدلت بصوتها للتو قبل لقائها، فقالت إنها منحت صوتها للرئيس التركي رجب طيب أردوغان. وأضافت لمراسل الجزيرة نت “أريد أن يفوز الشخص الجيد الوحيد، وأن يكون طيب أردوغان هو رئيسنا”، في حين هاجمت مرشح المعارضة ضمنًا بقولها “لا نريد أن يفوز الأشخاص الذين يقطعون الوعود للمثليين”.

الأتراك يعبرون عن آمالهم في تحسن أوضاعهم المعيشية بعد الانتخابات (رويترز)

الأزمة الاقتصادية حاضرة

ورغم أنها أعطت صوتها لأردوغان، ذكّرت المسنة التركية بالأزمة الاقتصادية التي تضرب البلاد في الآونة الأخيرة، والتي تشهد ارتفاعا كبيرا في معدلات التضخم. وعبّرت عن أملها في أن تعقب الانتخابات إجراءات من الحكومة لوضع حد للغلاء الذي يعاني منه المواطن.

وقالت عائشة، وهي صيدلانية تعمل بالقرب من مركز الاقتراع، وتنحدر من أصول عربية وحصلت على الجنسية التركية قبل سنوات، إنها منحت صوتها للرئيس التركي، وتتمنى فوزه في الانتخابات، “لأنه حاكم عادل ويقف مع العرب والمسلمين”.

ولم تُخفِ عائشة تعرضها لضغوط قبل الانتخابات من مكان عملها والوسط الاجتماعي الذي تعيش فيه. وقالت لمراسل الجزيرة نت إن معظم من تعرفهم كانوا يعارضون أردوغان ويطلبون منها عدم التصويت له، مرجعة ذلك إلى “معاناة عديد من المواطنين من الوضع الاقتصادي الصعب جدا وخسارتهم كثيرا من الامتيازات”.

الماضي لم يطوه النسيان

بدورها، لفتت السيدة إنجي، التي تعمل معلمة في روضة أطفال، إلى أنها صوتت لحزب العدالة والتنمية والرئيس أردوغان، منوهة بأنه “الذي أعطانا حقوقنا وحريتنا وديمقراطيتنا وحافظ عليها”، على حد قولها.

وصرحت، في حديثها لمراسل الجزيرة نت، بأنها تتمنى أن يفوز حزب العدالة والتنمية على حساب أحزاب اليسار، مشددة على أن تركيا “بلد مسلم”.

واستذكرت إنجي الماضي غير البعيد، عندما كانت النساء المحجبات ممنوعات من دخول الأماكن الرسمية، بما في ذلك المدارس. وتساءلت “هل تعرضت أي من النساء غير المحجبات للهجوم في عهد أردوغان؟”.

نسبة تصويت أتراك الخارج فاقت 50%، مما دفع المراقبين لتوقع إقبال كثيف على الاقتراع اليوم (رويترز)

أزياء لافتة ومظاهر طريفة

وشهدت مراكز الاقتراع مظاهر لافتة، حيث ارتدى بعض الناخبين أزياء غريبة، وهناك عروسان اختارا الاحتفال بزفافهما بالتزامن مع قيامهما بالتصويت.

وبرز إقبال بعض المسنين وذوي الاحتياجات الخاصة على مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم من دون أن يمنعهم المرض أو الإعاقة عن ممارسة حقهم.

من جهة أخرى، التقطت عدسات المصورين أحد الناخبين وهو يرتدي ثياب رعاة البقر، وآخر حضر مرتديا زي الرجل العنكبوت.

وفي حادثة منفصلة، منع مسؤولو أحد صناديق الاقتراع، في ولاية أديمان، امرأة حاولت الإدلاء بصوتها وهي تلتحف بوشاح يحمل صورة أردوغان، إذ اعتبرت اللجنة المشرفة أن ذلك من محظورات الصمت الانتخابي.

وأدلى الرئيس أردوغان وعقيلته أمينة بصوتيهما في مدرسة صفوت تشلبي الابتدائية بمنطقة أوسكودار، ولفتا الأنظار وهما ينتظران دورهما في القاعة من أجل التصويت.

وقال الرئيس التركي خلال إدلائه بصوته “أتمنى أن تمر عملية فرز الأصوات عقب انتهاء التصويت من دون أي مشاكل، وأدعو جميع المواطنين للإدلاء بأصواتهم حتى الخامسة عصرا”.

من جهته، وبعد الإدلاء بصوته في مدرسة الأرجنتين الابتدائية بمنطقة تشوكور أمبار في العاصمة أنقرة، قال مرشح الرئاسة عن تحالف الأمة المعارض كمال كليجدار أوغلو “أعلم أننا جميعا قد اشتقنا للديمقراطية، والربيع سيأتي لهذه البلاد”.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © الإمارات اليوم. جميع حقوق النشر محفوظة.
Exit mobile version