القدس المحتلة- تُسابق إسرائيل الزمن لتكون بجاهزية عليا تحسبا لرد إيران وحزب الله، بعد اغتيالها رئيس أركان الحزب فؤاد شُكر في بيروت، ورئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية، في طهران.

وتتحضر تل أبيب لرد مشترك من عدة جبهات من لبنان وسوريا والعراق واليمن وإيران وغزة والضفة الغربية، في حين تواصل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية مناقشة كافة سيناريوهات الرد على الهجمات التي قد تطال عمق جبهتها الداخلية.

وتتكتم إسرائيل على طبيعة الهجمات التي قد تشنها في حال تعرضت لهجوم غير مسبوق، وتكتفي بالتصريحات الصادرة عن المتحدث باسم الجيش دانيال هاغاري، الذي قال إن “الجيش في حالة تأهب قصوى ومستعد لأي سيناريو”.

سلاح الجو الإسرائيلي يستنفر قواته وقواعده الجوية (المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي)

سيناريوهات الرعب

بالعودة إلى الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل في أبريل/نيسان الماضي، يستعد جيش الاحتلال إلى ما وصفه بـ “سيناريوهات الرعب” التي قد تشهدها الجبهة الداخلية وتتمثل بشلل تام لأنظمة الاتصالات، وشبكة الكهرباء، ومختلف مشاريع البنى التحتية، وتعطيل حركة الطيران والمواصلات على الطرقات الرئيسية.

وقرر الجيش تعليق إجازات الجنود في كل الوحدات المقاتلة في سلاح البر والبحر والجو، وفي جميع تشكيلات التدريب، وتوسيع دائرة تقليص عمل المصانع في شمال إسرائيل من مسافة 4 كيلومترات إلى 40 كيلومترا من الحدود.

ورغم عدم تحديث التعليمات الجديدة من قبل قيادة الجبهة الداخلية بالجيش إلى الجمهور الإسرائيلي، منعا لمزيد من الإرباك والخوف، فإن السلطات المحلية اختارت عدم المجازفة والمغامرة، وبادرت إلى فتح الملاجئ في مركز البلاد و”تل أبيب الكبرى” ومنطقة حيفا، وإلغاء الأنشطة التي كانت مقررة في مناطق مفتوحة.

وأجرى سلاح البحرية مناورات في عدد من ساحات القتال البحرية قبالة شواطئ إسرائيل، تحاكي اعتراض صواريخ ومُسيّرات قد تستهدف منشآت الطاقة والغاز والموانئ. ولوحظ تحليق أسراب لطائرات مُسيّرة فوق قواعد سلاح الجو والمنشآت الحيوية، في حين كثف سلاح الجو من طلعات وتحليق المقاتلات في سماء البلاد.

ونفذت السفينة الصاروخية “أتشي أتسوما” من طراز “ساعر 6” عملية اعتراض ضمن تجربة استخدام الصاروخ الاعتراضي بعيد المدى “لاراد-LRAD”، الذي طورته إدارة البحث وتطوير الأسلحة والبنية التحتية التكنولوجية التابعة لوزارة الدفاع الإسرائيلية والصناعات الجوية.

يأتي ذلك، ضمن إعادة نشر مختلف منظومات الدفاعات الجوية الإسرائيلية في كافة مناطق البلاد، ومن ضمنها “القبة الحديدية”، ومنظومة (آرو) “حيتس-السهم”، ونظام “باراك ماجن”، و”مقلاع داوود”، لاعتراض الصواريخ بعيدة المدى.

وعزز سلاح الجو جاهزية قواته ومختلف المقاتلات الحربية، إلى جانب تحصين قواعده بالمُسيّرات والقوات البرية لضمان استمرارية عمل القواعد الجوية خلال الحرب، حيث يُتوقع أن تكون هدفا إستراتيجيا لهجمات إيران وحزب الله.

مُسيّرة تحلق فوق القواعد الجوية والعسكرية والمنشآت الحيوية بإسرائيل (المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي)

استنفار صحي

وأصدرت وزارة الصحة الإسرائيلية تعليمات لتجهيز المستشفيات لحالة الطوارئ واستقبال آلاف الجرحى والامتناع عن العطل للطواقم الطبية، ونقل معظم الأقسام إلى طوابق محمية تحت الأرض، وتجهيز مواقف السيارات الأرضية لنقل المرضى من جميع الأقسام، بحسب صحيفة “معاريف”.

وأضافت الصحيفة أن جميع المستشفيات الإسرائيلية مجهزة بمولدات كهرباء من المفترض أن تكفي للعمل المنتظم لمدة أسبوع على الأقل، كما تم تجهيز المراكز الطبية لتزويدها بالوقود اللازم لاستمرار تشغيل المولدات خلال الهجمات من عدة جبهات.

كما تم تجهيز بعض المستشفيات بهواتف تعمل عبر الأقمار الصناعية، بينما سيعمل بعضها الآخر باستخدام شبكة الهاتف السلكية، وتم إعداد المستشفيات لاحتمال فشل الاتصالات بأجهزة الحواسيب وانقطاع الاتصالات والإنترنت.

وعلى الجبهة الشمالية مع لبنان، تستعد المؤسسة الأمنية الإسرائيلية لاحتمال إطلاق صواريخ طويلة المدى ودقيقة أيضا، حيث تتحضر لسيناريو أن يوسع حزب الله نطاق إطلاق النار والصواريخ والمُسيّرات إلى مناطق أبعد مما هي عليه حتى الآن.

ووسّع جيش الاحتلال انتشار منظومات الدفاع الجوي إلى أعلى درجة في الساحات الشمالية والجنوبية والشرقية، حيث تم تجنيد قواته لشغل المناصب المطلوبة في الدفاع الجوي والاستخبارات وقيادة الجبهة الداخلية والصحة.

وضمن سيناريوهات التوغل البري في جنوب لبنان، كلفت هيئة أركان الجيش الإسرائيلي قائد “الفرقة 252″، العميد موران عومر، الذي قاد عمليات التوغل البري في قطاع غزة، بقيادة “الفرقة 36″، التي ستقوم بمناورة برية ضد حزب الله في لبنان.

أما بالنسبة إلى رد حماس، فيقدر جيش الاحتلال أنها ستحاول إطلاق صواريخ بعيدة المدى على وسط البلاد وتل أبيب الكبرى. وبحسب تقديرات الاستخبارات الإسرائيلية، فإن كتائب القسام الجناح العسكري للحركة “ستواجه صعوبة في تنفيذ هجمات صاروخية واسعة في وضعها الحالي”، وذلك بعد 10 أشهر من الحرب، وفق صحيفة “هآرتس”.

وتُقدر إسرائيل أن حماس ستحاول تشجيع الفلسطينيين في الضفة على الخروج إلى المظاهرات والاشتباكات مع قوات جيش الاحتلال والبدء في هجمات مسلحة على المستوطنين والقوات، ولذلك استنفر الاحتلال المزيد من القوات فيها، ويستعد وفقا لسيناريو تكثيف الهجمات والعمليات المسلحة.

رئيس أركان جيش الاحتلال هرتسي هاليفي يتفقد قوات الاحتياط على الجبهة الشمالية (المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي)

إنهاك إسرائيل

يقول المراسل العسكري لصحيفة “هآرتس”، يانيف كوبوفيتش، إن هناك تقديرات متباينة بأوساط القيادة الأمنية الإسرائيلية لردود الفعل المحتملة لحزب الله وإيران. وهناك من يعتقد من القادة أن الحزب سيرد بشكل محسوب حتى لا يُدخل لبنان في حرب شاملة، وبالتالي سيستهدف أهدافا عسكرية مثل قواعد جوية أو في مركز البلاد، على غرار هجمات إيران في أبريل/نيسان الماضي على قاعدة “نفاطيم” الجوية في النقب.

ومن ناحية أخرى، يضيف المراسل العسكري هناك من يعتقد في النخب الأمنية الإسرائيلية أن حزب الله سوف يرد بطريقة أكثر أهمية، وسيركز جل هجماته لاستهداف منشآت الطاقة والمياه والكهرباء الحيوية وتدمير البنية التحتية المدنية.

وفيما يتعلق بطهران، تشير التقديرات إلى أنها -عمليا- شرعت بخوض حرب استنزاف ضد إسرائيل لتحقيق هدف تفكيكها من الداخل. ورجح المحلل السياسي بن كسبيت، في مقال له في الموقع الإلكتروني “والا”، أن الرد الإيراني سيكون أقوى وأوسع من الهجمات الصاروخية السابقة، دون تجاوز الخطوط التي قد تؤدي إلى حرب شاملة بالشرق الأوسط.

وبتقديره، فإن إسرائيل وبعد 10 أشهر من القتال على عدة جبهات لربما حققت سلسلة من الإنجازات التكتيكية التي لم تُترجَم إلى أي إنجاز إستراتيجي.

وقال “دعونا نحاول أن نحل مكان المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، كانت خطته هي إنهاك إسرائيل حتى تدميرها في عام 2040. حاليا، هو قبل الموعد المحدد. وعندما ينظر إلى الوضع، رغم كل الاغتيالات والإنجازات التكتيكية، يرى أن مهمته لم تتأخر فحسب، بل تسارعت”.

وأوضح بن كسبيت أن الخطة الإيرانية لم تكن غزو إسرائيل واحتلالها وتدميرها. بل كانت تتمثل في تطويقها بتنظيمات مسلحة فتاكة وبتقويضها تدريجيا حتى يغادر جزء من السكان، ويتفكك التماسك الداخلي بمجتمعها، ويبدأ الاقتصاد بالانهيار. وقال إن “استمرار السيناريو الإيراني والوضع الراهن هو انتصار لطهران”.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © الإمارات اليوم. جميع حقوق النشر محفوظة.
Exit mobile version