داخل زنزانة صغيرة في سجن صيدنايا -سيئ الصيت- تقف قرابة 10 سيدات في حالة من الذهول والصدمة والخوف، بعد أن فتح أحد عناصر المعارضة المسلحة باب الزنزانة وطالبهم بالخروج.

وفي محاولة للتهدئة من روعهم قال لهم المقاتل “لا تخافوا لا تخافوا نحن من الثوار.. اطلعوا واذهبوا إلى حيث تريدون”.

كانت هذه المحادثة القصيرة جزءا من عشرات المشاهد التي انتشرت على منصات التواصل الاجتماعي لتحرير عدة سجون والإفراج عن آلاف المعتقلين من سجون نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.

لكن المشهد الأكثر صدمة في الفيديو، كان عندما بدأت إحدى النساء المعتقلات الخروج من باب الزنزانة خرج أمامها طفل صغير. وبحسب نشطاء حقوقيين فقد ولد هذا الطفل في المعتقل ولم ير العالم قط.

وقد عمت الأفراح في مختلف المدن السورية بأخبار تحرير المعتقلين من سجون حلب وحماة وحمص وعدرا، لكن الفرحة الأكبر جاءت بعد تحرير معتقلي سجن صيدنايا في ريف دمشق، وهو أحد أكثر السجون العسكرية السورية تحصينا، ويُطلَق عليه “المسلخ البشري” بسبب التعذيب والحرمان والازدحام داخله، ولُقب “السجن الأحمر” نتيجة الأحداث الدامية التي شهدها خلال عام 2008.

وقدر بيان سابق للشبكة السورية لحقوق الإنسان أن عدد المعتقلين في سجون سوريا منذ مارس/آذار 2011 حتى أغسطس/آب 2024 بلغ 136 ألفا و614 شخصا، بينهم 3 آلاف و698 طفلا و8 آلاف 504 سيدة لا يزالون قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري.

كما كشف مقطع فيديو آخر فرحة أحد المعتقلين بعد الإفراج عنه، وأقسم مرارا أنه تم تحريرهم من السجن قبل ساعات من تنفيذ حكم الإعدام ضده هو وعشرات المعتقلين داخله.

باستيل سوريا

وفي تعليقه على تحرير السجون قال الصحفي والناشط السوري قتيبة ياسين: “سقط باستيل سوريا.. لحظات تاريخية خروج المعتقلين من سجن صيدنايا التكبيرات سمعت على بعد كيلومتر”.

وأضاف في سلسلة تدوينات على حسابه بموقع إكس: هنا في كل غرفة من هذه كانوا يضعون 10 معتقلين وأكثر قد لا تصدقون لكن سنثبت لكم قريبا، أن عشرات الآلاف من أبنائنا استشهدوا هنا في هذه المسالخ.

وأردف قائلا: “المعلومات القادمة من سجن صيدنايا تشير إلى عدم إخراج جميع المعتقلين في السجن حتى اللحظة، لأن هناك طوابق تحت الأرض لم يستطع حتى اللحظة مقاتلو قوات ردع العدوان معرفة أين أبوابها”، مناشدا من لديه معلومات تقديم مساعدة.

مطالب حقوقية

‏بدوره، قال مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني إن من الضروري التوازن بين الإفراج عن المعتقلين السياسيين الذين احتجزهم النظام السوري بشكل تعسفي وتعرضوا للتعذيب الوحشي، وبين الإفراج غير المنظم عن جميع المساجين ومن بينهم مرتكبي الجرائم.

وأضاف عبد الغني في حديث للجزيرة نت أنه يخشى أن يؤدي الإفراج العشوائي عن معتقلين من دون مراجعة دقيقة لملفاتهم إلى الإضرار بملف المعتقلين السياسيين وإضعاف مصداقية المطالبات الحقوقية بحقوقهم.

ودعا إلى دراسة ملفات المعتقلين بدقة، لضمان التمييز بين المعتقلين السياسيين والمجرمين المتورطين في أعمال تهدد الأمن المجتمعي، مقترحا أن يجري هذا الأمر بإشراف حقوقي مستقل عبر تكليف منظمات حقوقية مستقلة بالإشراف على عمليات الإفراج لضمان تحقيق العدالة.

كما اقتراح عبد الغني إشراك الضحايا من المعتقلين أو شهداء الثورة أو ممثليهم في اتخاذ القرارات المتعلقة بالإفراج عن مرتكبي الجرائم الكبرى ضد الشعب السوري، لضمان احترام حقوقهم.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © الإمارات اليوم. جميع حقوق النشر محفوظة.
Exit mobile version