في نوفمبر/تشرين الثاني 2016 كان الرئيس الأميركي باراك أوباما في طريقه إلى إنهاء ولايته الثانية، ومعه نائبه جوزيف بايدن، واستقر الحزب الديمقراطي على اختيار وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون لخوض سباق الرئاسة في مواجهة المرشح الجمهوري دونالد ترامب.

التوقعات آنذاك مالت إلى فوز كلينتون التي كانت السيدة الأولى للولايات المتحدة في ظل رئاسة زوجها بيل كلينتون (1993-2001)  ثم فازت بعضوية مجلس الشيوخ لـ8 سنوات، قبل أن تصبح وزيرة الخارجية في ولاية أوباما الأولى (2009-2013).

لكن دونالد ترامب قطب العقارات فاجأ الجميع ونجح في تحقيق الفوز ليصبح أكبر رئيس يتولى المنصب حيث كان عمره آنذاك 70 عاما.

ترامب الذي أثار خلال رئاسته الكثير من الجدل داخل الولايات المتحدة وخارجها، خاض الانتخابات مجددا في نوفمبر/تشرين الثاني 2020 أملا في الفوز بولاية ثانية، لكنه خسر سباقا محتدما أمام بايدن الذي توَّج نصف قرن من العمل في الشأن العام بالوصول إلى مقعد الرئاسة في أقوى دول العالم.

وظل ترامب على إصراره بشأن استعادة السلطة فترشح مجددا عن حزبه الجمهوري ليضرب موعدا جديدا مع بايدن.

هاريس بدلا من بايدن

وبعد أن بدا أن نزال 2020 سيتكرر مجددا في 2024، جاءت المفاجأة من بايدن الذي انسحب من السباق قبل نحو 4 أشهر فقط من موعد الانتخابات، وذلك تحت وطأة ضغوط تزايدت عليه من حزبه الديمقراطي بعد أدائه الكارثي في المناظرة الوحيدة التي جمعته بترامب في يوليو/تموز.

انزاحت عقبة بايدن من أمام ترامب، لكن لسوء حظه ربما حدث ذلك في وقت كان يبدو فيه متفوقا على الرئيس المنتهية ولايته، في حين أنه لا يمتلك نفس القدر من التفوق على كامالا هاريس نائبة الرئيس بايدن والتي تبدو قريبة من أن تصبح مرشحة رسمية عن الحزب الديمقراطي بعد أن زكاها بايدن وتبعه في ذلك أبرز قيادات الحزب.

وحتى قبل أن تصبح مرشحة رسمية، لم تقصّر هاريس في مجاراة ترامب في أسلوبه الهجومي وانتقاداته الحادة، ودخلت من الباب الكبير في هذا المجال عندما وصفت ترامب بالمجرم المتطرف الذي يسعى لإعادة أميركا إلى الوراء، قبل أن تقارن بين سجلها كمدعية عامة سابقة وترامب الذي تمت إدانته قضائيا وتقول إنها خلال مسيرتها في الادعاء العام حاكمت المجرمين من أمثال ترامب.

أما ترامب، فوصفها بالكاذبة وباليسارية المتطرفة، بل وذهب بعيدا عندما تساءل عما إذا كانت سوداء حقا أم أنها تستخدم العرق كوسيلة سياسية، قائلا “لقد كانت هندية طوال الوقت ثم فجأة قامت بالالتفاف وأصبحت سوداء”.

ومع توقعات بأن تستمر المنافسة محتدمة حتى موعد الانتخابات في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، فإن تاريخ الرئاسة الأميركية يشير إلى أن ترامب هو خامس رئيس أميركي يحاول العودة إلى الرئاسة بعد أن خسر مقعدها.

أما إذا حقق الفوز فسيكون ثاني رئيس ينجح في هذه العودة التي لم يسبقه إليها إلا رئيس واحد فقط في حين فشل 3 آخرون في هذه المحاولة المثيرة.

المحاولة الأولى

صاحب السبق في محاولة العودة للسلطة كان الرئيس مارتن فان بيورين (Martin Van Buren) الذي فاز بانتخابات عام 1836 ليصبح أول رئيس من أصل هولندي، لكنه خسر الانتخابات التي جرت بعد 4 أعوام لصالح وليام هنري هاريسون.

وانتظر فان بيورين 4 أعوام ليحاول استعادة السلطة، لكنه فشل في نيل ثقة حزبه الديمقراطي الذي فضل ترشيح جيمس بوك الذي فاز بالانتخابات فعلا، حسب ما يحكي موقع الحرة الأميركي.

غروفر كليفلان فاز بولايتين غير متتاليتين (أسوشيتد برس)

الثانية ناجحة

المحاولة تكررت عبر رئيس ديمقراطي آخر هو غروفر كليفلاند (Grover Cleveland) الذي كان حاكما لنيويورك قبل أن يفوز بانتخابات الرئاسة التي جرت عام 1884، لكنه خسر الانتخابات التي جرت بعد 4 سنوات ليكتفي بولاية واحدة، ولكن إلى حين.

فبعد 4 سنوات من العمل بالمحاماة، قرر كليفلاند الترشح للرئاسة مرة أخرى عام 1892، وتكللت جهوده بالنجاح ليصبح أول رئيس أميركي يتولى السلطة في ولايتين غير متتاليتين.

المحاولة الثالثة

ثيودور روزفلت (Theodore Roosevelt) كان صاحب المحاولة الثالثة للعودة إلى البيت الأبيض، والمثير أنه وصل للسلطة بالصدفة حيث كان نائبا للرئيس ويليام ماكينلي الذي تم اغتياله عام 1901 لتنتقل السلطة إلى نائبه البالغ من العمر 42 عاما ليصبح أصغر رئيس يتولى هذا المنصب.

لم يرغب روزفلت في الترشح لفترة ثانية وتركها لصديقه ويليام هوارد تافت، الذي خلفه في الرئاسة، لكنه عاد وقرر منافسته في عام 1912 عبر خوض الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري لكنه لم ينجح، فترك الحزب وأسس حزبه التقدمي ليَحدُث انقسام بين الجهوريين تسبب في ذهاب الرئاسة وأغلبية الكونغرس إلى الديمقراطيين.

المثير أن روزفلت أراد تكرار المحاولة عبر خوض انتخابات عام 1920 لكن المرض لم يمهله وتوفي عام 1919 وفقا لموقع الحرة الأميركي.

الرابعة

وقبل 84 عاما جرت المحاولة الرابعة للعودة إلى السلطة، لكن هربرت هوفر (Herbert Hoover) فشل في تكرار الإنجاز الفريد الذي ظل حكرا على غروفر كليفلاند حتى الآن.

وكان هوفر قد تولى الرئاسة عام 1929 لكنه استمر لولاية واحدة، حيث خسر الانتخابات التالية التي جرت في 1932 أمام المرشح الديمقراطي فرانكلين روزفلت.

واحتفظ هوفر بآمال العودة إلى السلطة، وسعى في عام 1940 إلى نيل ترشيح الحزب الجمهوري، لكن قادة الحزب فضلوا عليه رجل الأعمال ويندل ويلكي الذي خسر بدوره أمام روزفلت الذي فاز بولاية ثالثة غير مسبوقة.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © الإمارات اليوم. جميع حقوق النشر محفوظة.
Exit mobile version