تستعد مدينة مالمو السويدية لاستضافة الدورة العشرين من مؤتمر فلسطينيي أوروبا الذي يعتبر من أكبر التجمعات السنوية للفلسطينيين في القارة الأوروبية، ولم يكن اختيار السويد من باب الصدفة، فهي تضم -حسب منظمي المؤتمر- ثاني أكبر جالية فلسطينية في أوروبا بعد ألمانيا.
وبعد 20 عاما من تنظيم هذا المؤتمر اختار المنظمون شعارا يؤكد على الهدف الأساسي لتنظيمه منذ عقدين من الزمان، وهو المرافعة من أجل حق العودة تحت عنوان “75 عاما.. وإنا لعائدون”، ومن المقرر انعقاد المؤتمر يوم 27 مايو/أيار الجاري.
ويعود المؤتمر للانعقاد بشكل مباشر بعد 3 سنوات من التوقف بسبب جائحة كورونا، وهو ما يجعل المنظمين يعولون على حضور جماهيري كبير يفوق 18 ألف شخص، وهو العدد الذي تم تسجيله في آخر مؤتمر قبل الجائحة.
ولعل أكثر ما فاجأ المنظمين خلال أطوار التحضير لهذا المؤتمر هو الهجوم الذي تعرض له من بعض وسائل الإعلام الفلسطينية، واتهام المؤتمر بأنه يسعى لإيجاد بديل عن منظمة التحرير الفلسطينية، مما أحدث حالة من الغضب والانزعاج في صفوف الهيئة المنظمة للمؤتمر.
مؤتمر لكل فلسطين
بدوره، يقدم رئيس مؤتمر فلسطينيي أوروبا أمين أبو راشد في حديث للجزيرة نت صورة عن أطوار المؤتمر الذي من المتوقع أن يشهد “حضور 20 ألف من فلسطينيي أوروبا، ومحور كل أنشطته هو حق العودة، خصوصا بالتزامن مع الذكرى الـ75 للنكبة الفلسطينية”.
وقال أبو راشد إن المؤتمر سيكون مقسما إلى 9 مؤتمرات، أهمها مؤتمر بالإنجليزية “مخصص للشباب الفلسطينيين في أوروبا، للتفكير في ما بينهم كيف يدافعون عن القضية والتشبيك بينهم للترافع عن حق العودة”، إضافة إلى مؤتمر للمرأة الفلسطينية في أوروبا “ولدينا ورشة للتفكير في تشكيل لوبي فلسطيني قوي”.
وسيعلن المؤتمر عن إطلاق منصة “المبدعين”، وهي منصة للاحتفاء بكل الكفاءات والمواهب الفلسطينية المميزة في أوروبا، وأيضا منصة “يدا بيد”، للبرهنة على أن المؤتمر يمثل كل ألوان الطيف الفلسطيني.
وعن الحضور في هذا المؤتمر، أكد أبو راشد حضور “ممثلين عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي السويدي وحزب الخضر السويدي، فضلا عن ممثلين لهيئات عربية في أوروبا، وبالطبع حضور يمثل كل الهيئات والتوجهات الفلسطينية”.
حملة شرسة
عبّر أمين أبو راشد عن استغرابه الشديد من الهجوم الذي تعرض له مؤتمر فلسطينيي أوروبا من بعض وسائل الإعلام الفلسطينية، “فالمؤتمر ليس وليد اليوم ومعروف للجميع، لكن المفاجئ بالنسبة لي هو أنه لأول مرة منذ 19 عاما لم يقم اللوبي الإسرائيلي بأي تحرك من أجل منع المؤتمر، وهذه السنة غاب العنصر الإسرائيلي، لكن المفاجأة الثانية أن من انبرى للهجوم على المؤتمر جاء هذه المرة بلون فلسطيني، ومع ذلك فرب ضارة نافعة لأن ما حدث هو ترويج للمؤتمر وتحفيز للناس على المشاركة بكثافة”.
وشدد أبو راشد على أن المؤتمر “لن يغير أي نقطة في جدول أعماله جراء هذه الحملة”، مضيفا أن من تورط في هذه الحملة “قد تم التغرير به وانجر وراء معلومات غير صحيحة، أما عن تهمة شق الصف الفلسطيني فهي تهمة واهية لأن هدفنا دائما هو الوحدة”.
من جهته، قال حسين خضر رئيس المنتدى الفلسطيني في الدانمارك وعضو مجلس إدارة مؤتمر فلسطينيي أوروبا في حديث للجزيرة نت إن “محاولات اللوبي الإسرائيلي لمنع المؤتمر دائما ما تفشل، لأننا نشتغل في إطار احترام القوانين والمواثيق الدولية ونرفع شعار حق العودة، وهو حق معترف به أمميا”.
ووجّه حسين خضر رسالة لمن يهاجمون المؤتمر قائلا “في كل المؤتمرات السابقة كان يحضر ممثلون عن كل الجسم الفلسطيني من دون استثناء ويلقون كلمات قوية ويكون لهم حضور مميز، فما الذي تغيّر هذه السنة؟ إضافة لقيادات فلسطينية وممثلين عن الفلسطينيين المسيحيين، فالمؤتمر هو لجميع الفلسطينيين”.
واعتبر أن المؤتمر يرفع شعارات مشروعة وديمقراطية “أولا، نحن في كل أدبياتنا نقول إن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، لكن نقول أيضا إن هذه المنظمة تحتاج لضخ دماء جديدة وللتجديد والتطوير بعدما أصابها الهرم”.
وأضاف خضر أن مطلب المؤتمر الدائم “هو ضمان تمثيل أبناء الشتات الفلسطيني -خصوصا في أوروبا وأميركا- داخل منظمة التحرير الفلسطينية، فلا يعقل ألا يحظى هؤلاء بأي تمثيل في المنظمة التي تمثل كل الفلسطينيين”.
الدفاع عن حق العودة
بدوره، قال عدنان حميدان نائب رئيس المنتدى الفلسطيني في بريطانيا إن المنتدى يشارك في المؤتمر “تأكيدا على أهمية الوقوف صفا واحدا في وجه مخططات إلغاء حق العودة والوطن البديل وتهويد المقدسات وسعيا للحفاظ على الهوية الفلسطينية ونقل أمانة العناية بها للأجيال القادمة التي تنشأ في أوروبا بعيدا عن وطنها وأرضها”.
واعتبر حميدان أن هذا المؤتمر هو “بمثابة محطة الوقود لتجديد الولاء والانتماء للقضية والتذكير بثوابت القضية الفلسطينية، وعدم التفريط بفلسطين مهما طال الزمن وحتى لو دخل احتلالها عامه الـ75”.
وبشأن أهمية المؤتمر، أكد أن المؤتمر ليس تجمعا فلسطينيا فحسب “بل هو ملتقى للتباحث والتدارس في خدمة القضية إستراتيجيا ومواجهة تحديات التضييق عليها في الغرب، وبحث طرق استثمار ازدياد حالة التعاطف الشعبي الغربي مع الحق الفلسطيني رغم الجفاء الرسمي”.