أكد خبراء ومحققون دوليون تحدثوا لبرنامج “ما خفي أعظم” -وبالأدلة- أن اغتيال مراسلة قناة الجزيرة في فلسطين شيرين أبو عاقلة في مايو/أيار من العام الماضي من قبل جنود الاحتلال الإسرائيلي كان متعمدا.
وقال ستيفن بيك، وهو مستشار سابق في وحدة تحليل الصوتيات والفيديو في مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي “إف بي آي” (FBI) إنه وفقا لحساباته، فإن إطلاق النار على شيرين قبل عام كان على بعد ما بين 180 مترا إلى 200 متر، وأن هناك مجموعة من جنود جيش الدفاع الإسرائيلي على بعد 200 متر على ذلك التقاطع، حيث كانت الصحفية والمصور.
وأضاف الخبير الأميركي -الذي تولى تحليل المقاطع المصورة والصوتية لجريمة الاغتيال- جازما أن “التحليل الصوتي للرصاصات واتجاهاتها حسم الجدل حول مطلقها”، مؤكدا أن إطلاق النار على شيرين أثناء تغطيتها الميدانية في جنين جاء من جنود الجيش الإسرائيلي وأنهم كانوا يصوبون أسلحتهم باتجاه الصحفيين.
وتولى مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي التحقيق في قضية شيرين كونها تحمل الجنسية الأميركية. وبحسب المعلومات التي حصل عليها البرنامج، فإن فريقا من الـ”إف بي آي” حقق ميدانيا في جنين بعيدا عن الإعلام بالتعاون مع مكتب النائب العام الفلسطيني.
ومن جهته، أكد كريس كوب سميث، المحقق البريطاني الخاص في قضية الصحفي جيمس ميلر -في حديثه لحلقة (2023/5/19) من برنامج “ما خفي أعظم”- أن الطلقة التي أصابت شيرين كانت “متعمدة ولم تكن عشوائية”، متحدثا عن تقصير تام في التحقيق والاعتراف بالمسؤولية من جانب الجيش الإسرائيلي والسلطات الإسرائيلية. وشكك سميث في أن تتم محاسبة الشخص الذي أطلق النار على شيرين.
ووفق ما ورد في التحقيق الخاص -الذي بثته قناة الجزيرة ضمن برنامج “ما خفي أعظم” بالتزامن مع الذكرى السنوية الأولى لاغتيال شيرين- فقد أقر مسؤول كبير بمكتب وزير الدفاع الإسرائيلي السابق لمسؤولين أميركيين بالمسؤولية عن قتل شيرين، وأبلغهم بأن القتل كان خطأ وأن إسرائيل لن تعلن ولن تعترف رسميا بذلك.
الإفلات من العقاب
وتطرق التحقيق الخاص إلى جرائم استهداف صحفيين ومصورين آخرين من قبل جنود الاحتلال الإسرائيلي دون أن تتم معاقبتهم، ومنها جريمة اغتيال المصور الصحفي الفلسطيني فضل شناعة العامل لدى وكالة رويترز، والصحفي المصور معاذ عمارنة الذي فقد إحدى عينيه برصاص قناص إسرائيلي أثناء تغطيته لاعتصام سلمي لاعتداءات المستوطنين بالضفة الغربية عام 2019.
ولم ينجح عمارنة في المضي قدما في أي إجراء قانوني ضد جنود الاحتلال أمام القضاء الإسرائيلي.
وتشير الإحصائيات إلى استشهاد 55 صحفيا فلسطينيا على يد الاحتلال الإسرائيلي في آخر عقدين بالضفة الغربية وقطاع غزة.
وتظهر وثائق اطلع عليها برنامج “ما خفي أعظم” أن المدعي العام العسكري الإسرائيلي يستخدم مصطلح “النشاط العسكري” لوصف ما يقوم به الجنود الإسرائيليون ذريعة لتبرير استهداف الصحفيين والمدنيين وإعفاء الضباط والجنود من أي مسؤولية قانونية.
ويقول المحامي والخبير في القانون الإسرائيلي، خالد زبارقة إن الإسرائيليين يعتبرون أن من يوجد في مسرح العمليات القتالية وتعرض للقتل أو الإصابة، فإن الدولة معفاة من أي مسؤولية تجاهه، وهو ما أكده أيضا مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، راجي الصوراني بقوله إن مكتب المدعي العام الإسرائيلي لم يحقق يوما في قضية أو جريمة يرتكبها جنود الاحتلال وهو يعمل على تغطية الجريمة ومنحها الغطاء القانوني.
يذكر أن شبكة الجزيرة الإعلامية رفعت قضية اغتيال شيرين أبو عاقلة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي. كما رفعت نقابة الصحفيين الفلسطينيين بالتعاون مع الاتحاد الدولي للصحفيين شكوى إلى النائب العام في المحكمة الجنائية تضمنت الشكوى بالإضافة إلى ملف اغتيال شيرين ملفات استهداف صحفيين فلسطينيين.
وبحسب مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، فإن المدير العام للمحكمة الجنائية الدولية يمارس الانتقائية السياسية.
ورفض مكتب المدعي العام لمحكمة الجنايات طلب “ما خفي أعظم” بإجراء مقابلة حول مصير قتل الصحفيين في فلسطين.