أرييل شارون (وسط) ووزير الدفاع شاؤول موفاز (يسار) يتفقدان شحنة الأسلحة (أسوشيتد برس)

رصد “المغنية”

وفقا للمعلومات التي نشرتها الصحف الإسرائيلية، كانت الاستخبارات العسكرية (أمان) قد التقطت أوائل عام 2001 أولى المعلومات اللافتة عن سفينة تبحر من بلغاريا إلى الخليج العربي من دون أي حمولة على متنها، إذ اشتبهت في أن رحلة طويلة كهذه خاسرة تجاريا بالنسبة لأي شركة تعد مريبة، وهو ما اقتضى عملية رصد ومتابعة لسير السفينة، التي أطلق عليها الاسم الكودي “المغنية”.

كان اسم السفينة، قبل شرائها في أكتوبر/تشرين الأول 2001، “ريم كيه” وهي سفينة مسجلة في مدينة بيرايوس اليونانية، باسم شخص عراقي ورقم جواز سفر وصندوق بريد يقع في العاصمة اليمنية صنعاء. وبعد شرائها، تحول اسمها إلى “كارين إيه”، ومسجلة في “نوكو ألوفا”، عاصمة مملكة تونغا، الدولة الواقعة في المحيط الهادي.

توصلت “أمان” أيضا إلى أن عملية شراء السفينة “ريم كيه” -التي يبلغ طولها 96 مترا وعرضها 14 مترا- قد تمت من شركة في لبنان أواخر أغسطس/آب 2001 لفائدة شخص فلسطيني يدعى عادل مغربي (يعرف أيضا باسم عادل سلامة)، وأبحرت من هناك في رحلة تمويهية حاملة شحنة مواد غذائية عبر موانئ عدة، بينها اليمن، ودبي والسودان، حيث صعد على متنها الطاقم الفلسطيني، ثم توجهت إلى إيران.

كان عادل مغربي (عضو حركة فتح) يتولى التنسيق مع حزب الله وإيران للحصول على الأسلحة لفائدة السلطة الفلسطينية، وشملت مهامه شراء السفينة وتشكيل طاقم الإبحار والتخطيط بشأن كيفية تخزين الأسلحة وإخفائها وتحميل الأسلحة إلى السفن ونقلها إلى حين تسليمها في شواطئ غزة.

يوم 11 ديسمبر/كانون الأول 2001، وصلت السفينة إلى مرفأ “كيش” في إيران، ومن هناك حُمّلت بشحنة الأسلحة المعبأة في حاويات خاصة قابلة للتعويم، ومن ثم أبحرت باتجاه البحر الأحمر، حيث كان من المفترض أن تعبر قناة السويس وتفرغ حمولتها (الحاويات العائمة) قبالة سواحل قطاع غزة ليتم التقاطها من البحرية الفلسطينية.

لكن الوحدة البحرية “شايطيت 13” الإسرائيلية نفذت إنزالا على ظهر السفينة في الثالث من يناير/كانون الثاني 2002 في موقعها على بعد 500 كيلومتر من خليج العقبة، واقتادتها إلى ميناء إيلات (أم الرشراش).

شحنة الأسلحة ضمت عشرات الصواريخ الروسية المضادة للدروع من نوع ساغر (الفرنسية)

أضفى الإعلام الإسرائيل هالة من البطولة على العملية التي سموها “سفينة نوح”، والتي أدت إلى مصادرة شحنة الأسلحة التي شملت صواريخ “كاتيوشا”، وقاذفات “آر بي جي”، ومدافع وقذائف هاون، وألغاما أرضية، وصواريخ مضادّة للدروع من نوع “ساغر”، ورشاشات كلاشينكوف، بالإضافة إلى معدات غوص حديثة.

أوقفت البحرية الإسرائيلية أيضا 12 فردا من طاقم السفينة، من بينهم قبطانها اللواء عمر عكاوي، بالإضافة إلى 3 آخرين من عناصر الشرطة البحرية الفلسطينية، و8 بحارة مصريين تم إطلاق سراحهم لاحقا لعدم ضلوعهم في العملية.

ورغم الادعاءات الإسرائيلية المبالغ فيها، فإن تقرير لصحيفة يديعوت أحرنوت الإسرائيلية يظهر أن الولايات المتحدة ساعدت الإسرائيليين بشكل كبير في العملية، منذ مرحلة البحث عن السفينة، وصولا إلى الحصول على مخططاتها ثم تحديد مسارها.

كما يشير الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية (أمان) عاموس غلبوع في كتابه “حدث درامي في البحر الأحمر” الصادر عام 2017 إلى المساهمة الفعالة للأجهزة الاستخبارية الأميركية، من خلال الأقمار الصناعية، في متابعة السفينة ورصد خط سيرها وجمع المعلومات الاستخبارية عنها، وتوقع مكان وزمان وصولها.

بشكل ما، كانت المبالغة الإسرائيلية في تصوير عملية قرصنة “كارين إيه” في عرض البحر الأحمر محاولة لإعادة الاعتبار لوحدة الكوماندوس البحري “شايطيت 13” التي منيت بإخفاق كارثي في كمين “أنصارية” في سبتمبر/أيلول 1997، الذي نفذه مقاتلو حزب الله، وقتل فيه 12 من جنود وضباط الوحدة.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © الإمارات اليوم. جميع حقوق النشر محفوظة.
Exit mobile version