أنا مغرم بأفريقيا، وأعرف هذه القارة جيدا من شمالها إلى جنوبها ومن غربها إلى شرقها، ويحضرني دائما قول تشارلز داروين في عام 1871 إن “أفريقيا هي مهد الإنسانية”، لكني قلق للغاية بشأنها، فلماذا؟
هذا ما استهلّ به الكاتب السويسري بيير مارسيل فافر الخبير بالشأن الأفريقي مقالا له بصحيفة لوتان (Le Temps) السويسرية أكد فيه أن الديمغرافيا وإن لم تكن مشكلة أفريقيا الوحيدة فإنها تبقى قضيتها الكبرى التي تؤثر بشكل خطير ودائم على مستقبلها، وذلك ما يثير القلق على هذه القارة لأسباب عديدة.
وعمد الكاتب في هذا الصدد إلى مقارنة عدد سكان هذه القارة الذي لم يكن يتجاوز 100 مليون نسمة عام 1900 بعددهم اليوم الذي ناهز مليارا ونصف المليار، متسائلا: هل من الممكن إنشاء مساكن ومستشفيات ومدارس وبنى تحتية وإطعام هذا العدد المتزايد باستمرار من السكان، الذي يقدّر له أن يبلغ 4.4 مليارات عام 2100؟
وبالإضافة إلى ثقل ديمغرافيتها ومعدل خصوبتها المرتفع، تعاني القارة -حسب الكاتب- من الجفاف الشديد، وشراء الصينيين للأراضي الزراعية الرخيصة، ونهب الثروات المعدنية، لا سيما في جمهورية الكونغو الديمقراطية حيث الغابات عرضة للإزالة المكثفة، خاصة أن المناطق الخصبة ليست قابلة للتوسع.
ويضاف إلى كل هذا سوء استخدام السلطة، إذ يتولى رؤساء حكم بلادهم لعقود، كما تظهر الانقلابات الدور الغالب للجيوش، ولا يجلب التغيير السياسي عادة كثيرا من التقدم، بل تبقى الأسرة والقرية الأصلية والمجموعة العرقية والحزب من يأخذ جزءا كبيرا من الثروة، وغالبا عن طريق الرشوة والفساد.
وخلص الكاتب إلى أن هنالك طبقة جديدة متعلمة جيدا في المدن، ولكنها لا تمثل سوى نسبة ضئيلة من السكان، مشيرا إلى هجرة جزء من أفريقيا إلى كندا والولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، وخاصة إلى فرنسا بفضل سياسة لمّ شمل الأسر، لتبقى الديمغرافيا المشكلة الكبرى التي تؤثر تأثيرا خطِرا ودائما على مستقبل القارة، حسب رأيه.