بيروت – ارتفع منسوب التوتر في الشارع اللبناني وبلغ ذروته بعدما حثت دول كبرى رعاياها على مغادرة لبنان، وآخرها المملكة العربية السعودية اليوم الأحد، بسبب التهديدات الأمنية المتزايدة، وبعدما علقت شركات طيران عالمية رحلاتها إلى لبنان إلى أجل غير مسمى، في إشارة إلى إمكانية تدهور الوضع الأمني سريعا.
يأتي هذا مع احتمال تصاعد المواجهات العسكرية والتهديدات السياسية بعد اغتيال إسرائيل القائد في حزب الله فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية لبيروت ورئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية في العاصمة الإيرانية طهران.
ولم يعد السؤال مقتصرا على توقيت ومكان رد حزب الله “المحسوم والحقيقي”، وفق أمينه العام حسن نصر الله، بل يتعداه لسؤال بشأن رد الفعل الإسرائيلي المحتمل، وإمكانية اندلاع حرب شاملة في لبنان وواسعة في المنطقة.
لجنة طوارئ
في هذا السياق، عقد مجلس الوزراء اللبناني يوم 31 يوليو/تموز الماضي جلسة طارئة برئاسة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لمناقشة التطورات الأخيرة، واتخاذ الإجراءات الضرورية من قبل لجنة الطوارئ الوطنية.
وخلال الجلسة، تم التركيز على توفير المؤن وتعزيز المستلزمات والقدرات الصحية في المستشفيات، بالإضافة إلى وضع خطة طوارئ لمواجهة أي نزوح كبير محتمل، في وقت أعلن فيه وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال زياد المكاري أنه تم اتخاذ بعض القرارات المالية خلال الجلسة لدعم وزارة الصحة والدفاع المدني.
وأوضح رئيس دائرة المستشفيات والمستوصفات في وزارة الصحة العامة هشام فواز، للجزيرة نت، أن الوزارة وضعت خطة شاملة متعددة الأبعاد منذ بداية الحرب على قطاع غزة، تم التركيز فيها أولا على تدريب الطواقم الصحية بما يشمل كيفية التعامل مع عدد كبير من الحالات الصحية وإدارة الإصابات الجماعية خلال الأزمات.
وأكد فواز أن الوزارة قامت بتحديث خطط طوارئ المستشفيات لتتماشى مع معايير منظمة الصحة العالمية، مشيرا إلى أن هذه الخطط أثبتت فعاليتها خلال قصف إسرائيل الضاحية الجنوبية، حيث طبقتها مستشفيات بهمن والرسول الأعظم والساحل بكفاءة.
وحسب المصدر ذاته، تم توزيع المستلزمات الطبية على دفعات، آخرها خلال الـ48 ساعة الماضية، وتم إرسالها إلى أكثر من 50 مستشفى حكوميًّا وخاصًا في المناطق الأكثر تعرضا للخطر.
وأنشأت حكومة تصريف الأعمال غرفة عمليات مركزية في الوزارة تضم جميع جمعيات الإسعاف الأساسية، تدير هذه الغرفة عمليات النقل من وإلى المستشفيات.
وأشار فواز إلى توفير خدمة خاصة للنازحين عبر خط ساخن، وتنفيذ خطة لتأمين الأدوية لهم، خاصة أدوية الأمراض المزمنة. ويأمل فواز ‘ألا تتسارع الأوضاع نحو الحرب”، وقال “حتى الآن، فقدنا أكثر من 19 عاملا صحيا في لبنان، وتعرضت أكثر من 20 سيارة إسعاف للتدمير، كما استهدفت ثلاث مستشفيات”.
الدفاع المدني
أما رئيس وحدة الخدمة والعمليات في الدفاع المدني وليد الحشاش فقال للجزيرة نت إن الدفاع المدني اللبناني وضع خطة شاملة منذ بداية الحرب، تشمل جميع وحداته الإقليمية المنتشرة في مختلف الأقضية، وتتم مراجعتها وتعديلها حسب المستجدات الميدانية.
وأوضح الحشاش أن الخطة تتناول كيفية تحرك فرق الدفاع المدني في المناطق المتضررة، حيث تصنف المناطق إلى “مناطق حمراء” وهي الأكثر خطورة، و”مناطق برتقالية” الأقل خطورة، و”مناطق خضراء” وهي الآمنة. كما تتضمن الخطة كيفية تقديم الدعم في عمليات الإنقاذ من المناطق الإقليمية الأقرب جغرافيا، وأضاف “لقد تم استحداث مركز دعم جديد في مدينة صور”.
وذكر أن الدفاع المدني يعمل حاليا بكفاءة تبلغ 40% من إمكانياته بسبب الحاجة إلى صيانة النسبة المتبقية من الآليات، فضلا عن التقشف والأزمة الاقتصادية. وأوضح أنهم بدؤوا مؤخرا في عمليات الصيانة، إذ يتطلب الوضع الحالي تفعيل جميع الآليات بشكل متزامن لمواجهة توسع الاعتداءات في عدة مناطق.
وأكد الحشاش أنهم قدموا إلى وزير الداخلية بسام مولوي قائمة بالصعوبات والاحتياجات اللازمة لإتمام مهامهم. وأشار إلى عقد اجتماعات دورية مع المدير العام للدفاع المدني لتقييم الوضع الحالي، وتحديد المستلزمات الضرورية.
الأمن الغذائي
وأكد رئيس تجمع المطاحن في لبنان أحمد حطيط للجزيرة نت أن المخزون الحالي من القمح يكفي لتلبية احتياجات السوق لمدة شهرين إذا اندلعت حرب واسعة. وأشار إلى أن هذا المخزون يعتمد على معدلات الاستهلاك، التي قد تشهد زيادة ملحوظة إذا تصاعدت المواجهات العسكرية، مما قد يدفع المواطنين إلى تكوين احتياطات إضافية.
واعتبر حطيط أن تدمير صوامع القمح في مرفأ بيروت قد أثّر على القدرة التخزينية، ولكن السعة الحالية للمطاحن تكفي لتلبية الطلب لمدة شهرين. وفيما يتعلق بإمكانية توقف استيراد القمح، شدد حطيط على أن الاستيراد سيستمر ما دام المرفأ مفتوحا وتستطيع السفن الوصول إليه. لكنه أشار إلى أن الوضع قد يتغير بناء على تطورات الأوضاع الميدانية.
في المقابل، أصدرت نقابة مستوردي المواد الغذائية برئاسة هاني بحصلي بيانا دعت فيه الوزارات والإدارات المعنية لتعجيل تخليص معاملات السلع الغذائية المستوردة الموجودة في مرفأ بيروت، وتسليمها إلى أصحابها تمهيدا لتخزينها في المخازن داخل لبنان، وذلك بهدف الحفاظ على الأمن الغذائي للبنانيين.
وطلب بحصلي من المواطنين تجنب التهافت على شراء وتخزين المواد الغذائية، مشيرا إلى غياب أي مشكلة حالية في المخزون الغذائي. ومع ذلك، أكد أنه لا يمكن اعتبار الوضع طبيعيا في ظل التهديدات الإسرائيلية باستهداف لبنان والتخوف من اندلاع حرب شاملة.