رام الله ـ صدمة استشهاد الزميلة شيرين أبو عاقلة مراسلة قناة الجزيرة في فلسطين جعلت الصحفي سامر نزال يعمل بالتعاون مع عدد من الصحفيين على إنشاء مرصد إعلامي لرصد انتهاكات الاحتلال لاستكمال مسيرة شيرين التي كان اغتيالها محاولة إسرائيلية مباشرة لتغييب الحقيقة التي عملت شيرين على إظهارها طوال حياتها المهنية.
وبعد عام كامل من العمل أُطلق المرصد في حفل توزيع جائزة إعلامية باسم “شيرين أبو عاقلة” في جامعة بيرزيت، ليبدأ رسالته التي أرادها زملاء شيرين بفضح جرائم الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني من خلال تقديم الحقائق والبيانات من مصادرها، وتحليلها وعرضها لتكون مرجعا لكل صحفي أو باحث عن الحقيقة.
بدأت فكرة المرصد منذ اليوم الأول لاستشهاد شيرين كما يقول نزال: “اعتدنا انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي ضد الصحفيين، ولكن استشهاد شيرين كان صدمة لكل الصحفيين، ففي لحظة أنهى مسيرة واحدة من القامات الإعلامية الرفيعة”.
استكمال المسيرة
شعور الغضب والقهر الذي تملّك زملاء شيرين جعلهم يبدؤون العمل على المرصد الذي رفع شعاره اسم “شيرين” وصورتها التي حاول الاحتلال محوها باغتيالها.
فهدف المرصد الأساسي هو استكمال مسيرة شيرين ورسالتها المهنية التي استشهدت في سبيلها، في نقل الحقائق وفضح الانتهاكات التي يقوم بها الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني، فضلا عن الهدف الأهم كما يقول نزال للجزيرة نت الذي يتجلى في “تخليد اسم شيرين عرفانا منا نحن الفلسطينيين لما قدمته لشعبها وقضيتها خلال مسيرتها الإعلامية”.
ويتخصص مرصد شيرين بعرض وجمع البيانات والمعلومات عن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني بما يتعلق بـ7 تصنيفات رئيسة، مع وجود مخطط لتوسيع عمله في المراحل اللاحقة.
وهذه التصنيفات هي: الشهداء، الجرحى والمصابون، الأسرى، هدم المنازل والمنشآت، الاستيطان، اعتداءات المستوطنين، الانتهاكات ضد الصحفيين.
مرصد بيانات
ولعل ما يميز المرصد هو آلية عمله؛ فالمرصد لن يقوم على تسجيل وتوثيق انتهاكات الاحتلال، على غرار العديد من المؤسسات المحلية والدولية في فلسطين، وإنما جمع تقارير وثقتها المؤسسات المعنية بكل تصنيف وعرضها في المرصد، ومن ثم خلق مجتمع بيانات يكون مرجعا للصحفيين والإعلاميين والباحثين لرفد تقاريرهم الصحفية وعملهم البحثي بالبيانات والمعلومات الدقيقة من مصادرها الموثوقة.
تقول هالة سرور إحدى الصحفيات المتطوعات في المرصد “لا نريد تكرار جهد غيرنا من المؤسسات أو إنكار هذه الجهود وأهميتها، وإنما العمل على الاستفادة القصوى من هذه البيانات”.
وتابعت سرور للجزيرة نت “كثير من المؤسسات تقوم بالتوثيق، ولكن المعلومات والتقارير التي تصدرها تكون بلا تحليل ويصعب الحصول عليها لاحقا”.
ساعدت سرور خبرة اكتسبتها من عمل سابق في مجال البحث والتوثيق، ولكن أكثر ما شجعها على الانخراط في هذا المرصد هو معرفتها بحاجة الصحفيين لوجود منصة جامعة لكل هذه البيانات عن الانتهاكات التي يقوم بها الاحتلال.
عملت سرور على ملف الشهداء الصحفيين وملف الأسرى وتحديدا أسرى المؤبدات، وتقول إن طريقة عرض البيانات في المرصد توضح كثيرا من المعلومات حولها، فعلى المستوى الشخصي فوجئت بكثير من المعلومات المهمة عن هذه الملفات لم تكن هي على اطلاع عليها رغم عملها الصحفي المتابع لهذه الملفات.
ولا يجمع المرصد البيانات من مصادرها فقط، بل يقوم على تحليلها وتوفيرها للجمهور بشكل تفاعلي وسلس وبسيط، ودعمها بوسائط مرئية مثل الرسوم البيانية والخرائط التفاعلية، بالإضافة إلى تبسيطها من خلال عرضها بقوالب واضحة ومفهومة ووضعها في سياقاتها الزمنية والتاريخية.
ولاختلاف المعايير المتبعة من مؤسسة إلى أخرى، فإن المرصد لا يفاضل بين المصادر مع مراعاة عدم تكرار أو إهمال أي منها، لترك المجال للمستخدم لاختيار المصدر.
ويعمل نزال وسرور وكل الصحفيين العاملين على المرصد على تطويره، ليتحول إلى مرجع وطني إعلامي شامل يقدم الصورة الحقيقية عن بشاعة الاحتلال وانتهاكاته ضد الفلسطينيين من خلال المعلومات والبيانات الدقيقة.