دكا– شكك قيادي هندوسي في بنغلاديش في حجم الاعتداءات المتداوَل على المعابد الهندوسية في البلاد، متهما حزب “رابطة عوامي” الذي أزيح عن الحكم باستقالة رئيسة الوزراء الشيخة حسينة في الخامس من أغسطس/آب الجاري، إثر حركة احتجاجات عارمة، بالوقوف خلف تلك “المزاعم” لأسباب سياسية.

وقال غوبيندا تشاندرا برامانيك، الأمين العام للتحالف الوطني لهندوسيي بنغلاديش، في حديث للجزيرة نت، إن الذين تظاهروا خلال الأيام القليلة الماضية وسط العاصمة دكا رافعين شعارات تدعو إلى وقف العنف بحق الهندوس في بنغلاديش هم في الحقيقة نشطاء في حزب “رابطة عوامي” الحاكم سابقا، وإنهم يسعون للتحرك في الساحة من جديد باسم الأقلية الهندوسية.

ولم يتسنّ للجزيرة نت الوصول إلى أحد قيادات “رابطة عوامي” للتعليق على ذلك في ظل سفر واختفاء العديد منهم، بل وإلقاء القبض على بعضهم، والظرف المتوتر الذي يعيشه الحزب.

يشكل الهندوس 8% من عدد سكان بنغلاديش البالغ 170 مليونا (الجزيرة)

تحرك سياسي

وأوضح غوبيندا -وهو محامٍ أيضا في أروقة محكمة التمييز البنغلاديشية- أن اعتداءات وقعت على بعض معابد وممتلكات الهندوس، لكنها ليست بالحجم الذي صور على وسائل التواصل الاجتماعي، وقال إنها طالت بين 20-25 موقعا فقط، ومعظمها في مناطق ريفية نائية، مؤكدا مقتل اثنين من الهندوس، أحدهما شرطي مع عشرات الشرطة المسلمين الآخرين “وليس لأنه هندوسي”، والآخر عضو في حزب “رابطة عوامي”.

وشكك غوبيندا في العديد من المقاطع التي انتشرت خاصة في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي بالهند، مشيرا إلى أن بعضها ثبت أنه ليس من معابد الهندوس في بنغلاديش، بل وشكك في مشاهد النازحين الهندوس من بنغلاديش إلى الهند، وتساءل عن حقيقتها.

كما تساءل المحامي غوبيندا عن دقة الأرقام التي أعلن عنها “المجلس الهندوسي المسيحي في بنغلاديش” وجاء فيها أن أكثر من 200 حالة اضطهاد وقعت بحق الهندوس في بنغلاديش في الأيام القليلة الماضية في 52 منطقة.

ولفت إلى أن هذا المجلس تأسس من قبل حزب “رابطة عوامي” في الثمانينيات خلال حكم الرئيس الجنرال حسين محمد إرشاد، وأنه يتحرك سياسيا أحيانا في بعض الأحداث، حسب قوله.

ولفت إلى أن الأمين العام لهذا المجلس نفى لاحقا معرفته بالعديد من المقاطع التي سألته عنها وسائل إعلام هندية فيما بعد، واصفا العديد منها بـ”الزائفة”.

مسلمون يحمون المعابد

وكما ذكرت وسائل إعلام عديدة في بنغلاديش، يؤكد غوبيندا أن قيادات هندوسية نسّقت مع شخصيات بمنظمات إسلامية كالجماعة الإسلامية وغيرها لحراسة المعابد والأحياء التي يقطنها الهندوس، وأنه ليس هناك من أعضاء المنظمات أو الهيئات الإسلامية من اعتدى على معابد هندوسية لسبب ديني، قائلا إنه لا أحد يعلم من هو المسؤول عن تلك الاعتداءات التي وقعت.

ونفى أن تكون هناك مشكلة دينية بين المسلمين الذين يشكلون 91% من السكان، والأقلية من الهندوس الذين يشكلون نحو 8% من السكان، أو ما يعادل 13 مليون نسمة من مجموع نحو 170 مليونا.

وأكد المحامي والقيادي الهندوسي البنغلاديشي أن هذا الأمر يحدث كمناورة سياسية، استغلالا لمستويات التعليم والدخل المنخفضة لدى فئات من المواطنين، في حين الواعون بخطورة استغلالهم من المتعلمين قلة، حسب قوله.

من جانبه، قال وزير الشؤون الدينية في الحكومة البنغلاديشية المؤقتة، أبو الفيض محمد خالد حسين، وهو أستاذ جامعي ونائب أمير جماعة “حَفَظَة الإسلام”، إن وزارته تسلّمت عدة شكاوى بشأن اعتداءات على دور عبادة ومنازل للأقليات، متوعدا المعتدين بالمحاسبة والعقاب وفق القانون.

وأكد حسين وقوفه إلى جانب الأقليات وأن وزارته ستعمل على حمايتهم، موضحا في الوقت نفسه أنه ليست هناك إحصائية رسمية نهائية بشأن تلك الاعتداءات.

وأشار إلى أن العمل على حصر كامل للأضرار التي أصابت دور العبادة سيبدأ هذه الأيام من خلال المسؤولين المحليين في الدوائر، وبالتنسيق مع وزارة المالية ستحدد التعويضات المالية للمتضررين، معلنا عن رقم ساخن خاص بالاعتداءات على الأقليات ودور العبادة.

أمير الجماعة الإسلامية في بنغلاديش شفيق الرحمن: لا صراع بين المسلمين والهندوس في البلاد (الجزيرة)

جانب مصنوع

من جانبه نفى أمير حزب الجماعة الإسلامية شفيق الرحمن، أي صراع أو إشكال بين المسلمين والهندوس بالمعنى الديني، داعيا إلى التحقيق في أي اعتداء على الأقلية الهندوسية، لكشف إن كانت هناك أهداف سياسية وراءها، وأكد على أن الدولة والأطراف الفاعلة مسؤولة عن هذا الملف، الذي قال إن دولا معينة مهتمة به.

وفي تصريحات له إثر لقائه هو وقيادات في حزبه مع محمد يونس، كبير مستشاري ورئيس الحكومة المؤقتة، مساء أمس الاثنين، قال شفيق الرحمن إن هناك جانبا مصطنعا لا حقيقيا في الاعتداءات عن الهندوس في بنغلاديش، وهناك شخصيات مشهورة كتبت عن هذا الموضوع في وسائل التواصل الاجتماعي، يلومون فيها المسلمين والجماعات الإسلامية، بينما شباب المسلمين كانوا يحرسون المعابد ومنازل الهندوس في بعض المناطق في الأيام الماضية، حسب قوله.

وفي السياق نفسه، قال نائب أمير حزب الجماعة الإسلامية سيد عبد الله محمد طاهر، إن جماعته تتعرض لتشويه، وتُصوّر على أنها مجموعة معادية للهندوس، رغم أنها بذلت كل ما تستطيع لحماية الأقلية الهندوسية وغيرها من الأقليات في بلادها، مشبها ذلك بالصورة الشائعة بأن الهندوس مرتبطون بحزب “رابطة عوامي”.

وأكد على ضرورة أن يكون للدولة دور فاعل في حماية الأقليات، ومن ذلك الجهد المطلوب تشكيل لجنة تحقيق في الاعتداءات التي وقعت على المواطنين من الهندوس وغيرهم من أتباع مختلف الديانات.

اهتمام هندي مفاجئ

ونشرت صحيفة “بروتومو آلو” البنغلاديشية -وهي من الصحف الشهيرة في البلاد- تحقيقا عما وصفته بالمعلومات المضللة التي انتشرت في الهند عن الاعتداءات على الهندوس في بنغلاديش، وفندت العديد من المقاطع والصور التي انتشرت في وسائل التواصل الاجتماعي، وأكدت أنها لحوادث مختلفة تماما لا علاقة لها بالهندوس في بنغلاديش.

وذكرت الصحيفة بالاسم حسابات معينة على منصتي “إكس” و”فيسبوك”، وشرحت كيف انتشرت وسوم (هاشتاغات) ضمن حملة مركّزة، ثم إعادة نشر بعض تلك المقاطع في قنوات هندية خلال الأيام الماضية، كقصة حريق معبد “نوبوغروهو” في مدينة تشيتاغونغ؛ الذي يقول تحقيق الصحيفة إنه خبر زائف، بناء على تواصل مع حراسه ومن حوله، مؤكدين أنهم يحرسون المعبد ولم يتم حرقه كما نقلت الصحيفة عنهم، وأن حريقا شب في مقر لحزب “رابطة عوامي” الحاكم سابقا خلف المعبد.

ولم تنكر الصحيفة حصول اعتداءات على الأقليات في بعض المناطق، ضمن موجة عنف طالت أيضا مقرات أمنية وحزبية في الأيام الأخيرة لحكم الشيخة حسينة، لكن التقارير التي انتشرت في الإعلام الهندي حسب قول الصحيفة قد تم تهويلها.

وذكرت الصحيفة حادثة شجار بين رجل وزوجته، وصورة أخرى لحادثة اعتداء على امرأة في الهند تم تصويرها على أنها في بنغلاديش، وحادثة حرق محلات تجارية قبل سقوط الشيخة حسينة ثم أعيد نشر مقاطعها على أنها عنف طائفي جديد.

وفي تقرير آخر نشرته صحيفة بروتومو آلو في العاشر من أغسطس/آب الجاري، تساءل كاتب في الصحيفة من نيودلهي عن سر تشكيل الهند وبصورة مفاجئة لجنة لحماية الأقليات في بنغلاديش.

ويعتقد الكاتب أن كسب تعاطف وتأييد الناخب الهندوسي داخل الهند قد تكون من دوافع الاهتمام بموضوع الأقلية الهندوسية في بنغلاديش، إعلاميا وسياسيا، لمواجهة ضغوط تيارات المعارضة الهندية من قبل الحزب الحاكم ورئيس الوزراء ناريندا مودي.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © الإمارات اليوم. جميع حقوق النشر محفوظة.
Exit mobile version